kayhan.ir

رمز الخبر: 58377
تأريخ النشر : 2017June13 - 21:14

الحياد أم التحيّز: ما هو موقف باكستان من الخلاف السعودي القطري؟


تستجمع كافّة الأطراف الخليجية المتنازعة حلفائها للانتصار في المعركة القائمة. وفي حين عمدت السعودية والإمارات وما لفّ لفهما للتباحث والضغط مع وعلى دول إقليمية ودولية للوقوف إلى جانبها في معركة كسر شوكة قطر، عمدت الأخيرة إلى جولة دبلوماسيّة دولية بعد ترتيب أوراقها مع حلفائها الإقليميين.

إلا أنّ هناك لاعب إقليمي بارز لا يزال نائياً بنفسه ممسكاً بالعصا من الوسط حتّى كتابة هذه السطور، أقصد باكستان.

بادئ ذي بدء قد يعتقد البعض أن الجانب الباكستاني قد يرتمي في الأحضان السعودية، نظراً للسير التاريخي للعلاقات بين الدولتين، إلا أنّ الأنباء الإعلامية، وليست الرسميّة، تتحدّث عن دعم باكستاني لقطر، فبعد تأكيد صحيفة "ينى شفق"، المقربة من الحكومة التركية، إن باكستان، تعتزم إرسال أكثر من 20 ألف جندي إلى قطر، بناءً على الاتفاقية العسكرية بين أنقرة، وإسلام آباد، قال رئيس "معهد الباب" للدراسات الاستراتيجية في باكستان، جاسم تقي، إن هناك تسريبات تشير إلى نية بلاده إرسال قوات إلى دولة قطر،على خلفية ما تعرضت له الأخيرة من مقاطعة دبلوماسية واقتصادية من قبل عدة دول. وأضاف: "لم تخرج بيانات رسمية إلى الآن تؤكد ذلك، لكن السيناريو الأقرب هو أن هذا القرار ستتخذه باكستان قريبا، رغم أن مثل هذه الخطوة لن تقبلها المملكة العربية السعودية".

لا نوافق تقي بما قاله، ونعتقد أن الجانب الباكستاني الذي يعيش ارتياحاً صامتاً إزاء الوضع القائم، سيبقى ممسكاً بالعصا من الوسط مع اقتراب أكبر، ولو ضمني، من قطر، لإيجاد ورقة ضغط على السعودية يستخدمها في الوقت المناسب، لاسيّما أن التمايل نحو قطر سيعود على الرئيس الباكستاني نواز شريف بأرباح اقتصاديّة ليست بالسهلة.

ربّما يعتقد البعض أن فتور وسوء العلاقات القائم بين السعودية وباكستان، على خلفية تجاهل الملك سلمان بن عبد العزيز، للرئيس الباكستاني نواز شريف، أثناء عقد القمة الإسلامية بالرياض، قد يدفع للأخير للزجّ بقواته مع قطر، إلا أن باكستان دولة مؤسسات، وقد يصطدم الرئيس بمعارضة البرلمان الذي أقرّ في العام 2015 قانونا يرفض المشاركة في العدوان السعودي على اليمن الأمر الذي بدّد حينها الآمال السعوديّة في الحصول على دعم عسكري كبير من خارج المنطقة.

يعي الجانب الباكستاني جيّداً أن الأزمة الأخيرة جعلته أمام موقف صعب فيما يتعلق بالسياسات الإقليمية في الشرق الأوسط، فعلاقته مع السعوديّة غنيّة عن التعريف رغم أنّها اتسمت بنوع من الفتور بعد رفض إسلام آباد للمشاركة في العدوان السعودي على اليمن، إلاّ أن العلاقات الباكستانية القطريّة ليست بالسهلة، ليس آخرها زيارة نواز شريف قطر في فبراير 2016، ولقائه بالشيخ تميم، وقبلها زيارة الأمير القطري إلى باكستان في مارس 2015، ناهيك عن توجّه رئيس هيئة الأركان الباكستانية الجنرال قمر جاويد باجوا إلى قطر في مارس 2017 حيث أكّد لوزير الدفاع القطري خالد بن محمد العطية بأن التعاون الدفاعي بين باكستان وقطر سيكون له أثر إيجابي على العلاقات الثنائية وعلى الأمن الإقليمي.

لا يقتصر التعاون بين البلدين على الشقّ العسكري، فمفتاح السرّ في علاقات باكستان مع الدول الخليجية هو اقتصادي بامتياز حيثّ تجدر الإشارة إلى أنّه في زيارة شريف إلى قطر عام 2016 تم، إضافةً إلى عشرات الاتفاقيات على الصعد كافّة، توقيع اتفاق مع قطرعلى استيراد الغاز الطبيعي المسال لمدة خمسة عشر عاما، باعتبار أن باكستان تعاني من أزمة طاقة شديدة.

في المقابل، تعدّ السعوديّة أكبر مصدر للنفط والمنتجات النفطية لباكستان، إضافةً إلى نفوذها في الجماعات الدينية الباكستانية، لاسيّما المتطرّفة منها، وتسعى دائماً للحصول على الدعم العسكري الباكستاني. قد تجلّى هذا الأمر مؤخراً في تعيين الأمير محمد بن سلمان للرئيس السابق لأركان الجيش الباكستاني الجنرال رحيل شريف لقيادة التحالف العسكري الإسلامي.

وبين هذا وذاك هناك مئات الآلاف من الباكستانيين يعملون في الإمارات والسعودية، ونحو العدد نفسه في قطر، الأمر الذي سيدفع بإسلام آباد لأن تبقى محايدة حيال الصراع الحالي، باعتبار أنّ الخيار الأفضل لها الوسطيّة، وانتظار التسوية.

هناك ما هو أبعد من ذلك، يفسّر الميل الباكستاني لقطر، وهو ما صدر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (أمريكي)، حول طالبان وشبكة حقّاني وملاذهم الآمن في الأراضي الباكستانيّة، وبالتالي إنّ أي دعم أو حياد تام باكستاني قد يجعل إسلام آباد عُرضة للاتهام السعودي لقطر بدعم الإرهاب.

الخلاصة

إنّ مواقف إسلام آباد ستّتسم بالحياديّة، وإن كان موقفها الضمني هو الدعم لقطر، ليس الأمر حبّاً بعائلة آل ثاني، إنّما لإضعاف السعوديّة التي لطالما تلجأ للجانب الباكستاني في مواقف العجز للحصول على دعم سياسي مقابل تقديمها دعم اقتصادي أسمته في العام 2014 "دعم لدولة مسلمة شقيقة" لم تسمّها حينها بمبلغ 1.5 مليار دولار.

ربّما تؤدي باكستان دور دبلوماسي وقائي لإنهاء الأزمة، بغية الحفاظ على علاقتها الدبلوماسيّة القويّة مع دول الشرق الأوسط، وبالتالي إن أي موقف باكستان رسمي سيتّسم بالوسيطّة والاتزان فيما يتعلق بالخلاف الحالي بين قطر والسعودية.

الوقت