إبعاد قيادات حماس من قطر: الأسباب والتداعيات
حميدي العبدالله
واضح أنّ قرار قطر إبعاد بعض قيادات حماس من قطر جاء تلبية لطلبات طرحت في القمم التي عُقدت في الرياض. وكان واضحاً من كلمة الرئيس الأميركي في هذه القمم أنّ تعريف الإرهاب يجري تحويره، وبالنسبة للولايات المتحدة والكيان الصهيوني فإنّ التنظيمات التي صنفها مجلس الأمن قوى إرهابية مثل داعش والقاعدة والنصرة، هي تنظيمات يمكن أن تكون حليفة لواشنطن وتل أبيب، أما التنظيمات الإرهابية بنظرهما فهي قوى المقاومة التي تحارب الكيان الصهيوني من أجل الحصول على حقوق الفلسطينيين التي اغتصبت جراء قيام هذا الكيان .
كانت قطر من خلال علاقاتها المباشرة مع «إسرائيل» ومن خلال ارتباطها الوثيق مع الولايات المتحدة، ودورها كوكيل مشغل لتنظيم القاعدة وفق الأطر التي رسمتها الولايات المتحدة، تراهن على إقناع حماس في تغيير موقفها من الكيان الصهيوني، وتطلب من واشنطن وتل أبيب إعطاءها الوقت الكافي بالتعاون مع تركيا، لإقناع حماس بالاعتراف بالكيان الصهيوني، وعندها تتغيّر مواقف تل أبيب من حماس مثلما تغيّرت مواقفها في وقت سابق من حركة فتح ومنظمة التحرير.
واضح أنه بعد صدور وثيقة حماس السياسية التي لا تتضمّن الاعتراف بالكيان الصهيوني، فإنّ هذا لم يرضِ الكيان الصهيوني والولايات المتحدة ، ولهذا السبب طلب إلى قطر إبعاد قيادات حماس، ولا سيما تلك التي تشرف على عمل حماس في الضفة الغربية، وفعلاً استجابت قطر لهذا الطلب الأميركي الإسرائيلي، وبديهي أنّ هذا تطور غير مفاجئ، فالأردن في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي قام بإبعاد قيادات حماس على الرغم من أنّ الفلسطينيين في الأردن يشكلون حوالي 50 من سكان الأردن، ولم يقم الأردن وزناً لهذا الاعتبار، وفي ذلك الوقت لم تجد حماس من يستقبلها غير سورية التي دفعت ثمناً غالياً لهذا الاستقبال.
لا شك أنّ إبعاد قطر لقيادات في حماس يشكل ضغطاً إضافياً على الحركة للصلح مع الكيان الصهيوني، والسير على طريق منظمة التحرير، كما أنّ هذا الإبعاد يأتي في سياق محاولات قطر لاحتواء الضغوط السعودية عليها والتماهي المطلق مع السياسة السعودية، والتخلي عن سياسة تزعّم محور إسلامي متشدّد منافس للمحور السعودي، أيّ التخلي عن علاقاتها مع جماعة الإخوان المسلمين.
ستكون لعملية الإبعاد تداعيات أكيدة أبرزها وضع حماس في مأزق إن لجهة الدعم المالي أو السياسي الذي كانت تتلقاه من قطر، ومن غير المعروف كيف ستواجه حماس هذا المأزق: مزيد من التنازل والتكيّف وقبول الاعتراف بالكيان الصهيوني، أو إعادة النظر جذرياً بارتباطاتها وتحالفاتها الحالية والعودة إلى محور المقاومة، هذا إذا قبل هذا المحور حماس طرفاً فيه.