إيران سترد على التكفيريين إلا أنها لن تُستدرج الى حرب طائفية
منيب السائح
خطأ فادح وقع فيه بعض السياسيين والكتاب والصحفيين، وهم يحللون تصريحات بعض المسؤولين الايرانيين، إثر التفجيرين الارهابيين اللذين ضربا طهران وتبنتهما جماعة "داعش” الوهابية التكفيرية، عندما استنتجوا منها حتمية انتقام ايران لشهدائها بذات الطريقة التي تعتمدها البلدان والجهات التي تقف وراء جرائم "داعش” والجماعات التكفيرية الاخرى.
هؤلاء الكُتاب توقفوا امام رسالة قائد الثورة الاسلامية سماحة اية الله السيد على خامنئي، التي قُرأت اثناء مراسم تشييع شهداء التفجيرين الارهابيين في طهران والتي جاء فيها :"ان هذه الهجمات لن تؤدي الا الى مضاعفة كراهية الشعوب للحكومات الامريكية وعملائها الإقليميين كالسعودية”، كما توقفوا امام تصريحات نائب القائد العام لقوات جيش حرس الثورة الاسلامية حسين سلامي التي قال فيها :"ان الحرس وضع مسألة الانتقام من هجومي طهران على جدول اعماله وبشكل جاد ومكان الانتقام سيبقى سرا”، فخرج احدهم باستنباط مفاده ان الحرب بين ايران والسعودية باتت حتمية، واصفا هذه الحرب بـ”الحرب الارهابية”، اي ان الدولتين ستستخدمان اساليب ارهابية في هذه الحرب.
مرد هذا الاستنباط الخاطىء لهؤلاء الكتاب يعود الى عدم او ضعف معرفتهم بمدرسة اهل البيت عليهم السلام وخريجي هذه المدرسة، فعقيدة اهل البيت عليهم السلام تحرم دماء واعراض واموال كل من نطق بالشهادتين، وكذلك اتباع الديانات الاخرى الذين يعيشون مع المسلمين، وكل انسان لايعتدي على المسلمين، لذلك لم يسجل التاريخ القديم ولا الحديث للمسلمين، وخاصة في السنوات القليلة الماضية حيث الفتن تضرب باطنابها ديار المسلمين، قيام اتباع اهل البيت عليهم السلام بارتكاب مجازر بحق اي طائفة من المسلمين او من اتباع الديانات الالهية وحتى اتباع المذاهب الوضعية.
عقيدة اهل البيت عليهم السلام ترفض رفضا قاطعا استخدام مبدا "الغاية تبرر الوسيلة”، او استخدام الارهاب والعنف كوسيلة لتحقيق اهداف سياسية، او حتى للانتقام لشهدائهم الذين يقتلون لا لذنب اقترفوه بل لكونهم من اتباع اهل البيت عليهم السلام فقط، ويكفي لتأكيد هذه الحقيقة نظرة سريعة الى الاف العمليات الانتحارية والمفخخات والمجازر التي نفذها وهابيون تكفيريون في العراق واسفرت عن استشهاد مئات الالاف من اتباع اهل البيت عليهم السلام منذ عام 2003 وحتى اليوم، دون ان تسجل حوادث انتقامية منظمة تستهدف الاقلية السنية، رغم ان اتباع اهل البيت هم الاغلبية الساحقة في العراق.
القتل بسبب "جريمة حب اهل البيت عليهم السلام” ، على يد الجماعات الوهابية التكفيرية، ليس حكرا على اتباع اهل البيت في العراق، فاتباع اهل البيت في سوريا واليمن ولبنان وباكستان وافغانستان وافريقيا و اوروبا، يتعرضون لنفس الاعتداءات والجرائم على يد نفس الجماعات التي تتقاسم الفكر الوهابي التكفيري، لكننا لم نشاهد او نسمع او نقرأ، ان اتباع اهل البيت في تلك البلدان تعاملوا بالمثل مع قاتليهم، فان كان البعض يبرر ذلك بانهم اقلية في تلك البلدان، ولكن كيف يبررون ذلك في العراق او ايران وهم اغلبية ؟ ، هذه التبريرات هي تبريرات وهابية تكفيرية لا تريد ان تعترف ان عقيدة اهل البيت عليهم السلام هي عقيدة سلام ووئام ومحبة واخوة.
من خلال ما تقدم يمكننا ان نؤكد ان الرد الايراني على جرائم "داعش” والجهات التي تقف وراءها، لن يكون في اي حال من الاحوال مخالفا لتعاليم اهل البيت عليهم السلام، ولن يكون "حربا ارهابية”، كما هي اساليب الجهات التي تقف وراء "داعش” والقاعدة والجماعات الوهابية الاخرى، لسبب بسيط وهو ان الايرانيين لا يرون في باقي المسلمين "مرتدين” او "مشركين” ، بل اخوة لهم في الدين، فمثل هذه الحرب لم ولن تقع من قبل اتباع اهل البيت ولا من قبل اتباع اهل السنة، فالحرب الحقيقية هي بين المسلمين سنة وشيعة من جانب، وبين الجماعات الوهابية التكفيرية التي تستخدمها امريكا و”اسرائيل” وبعض الانظمة الرجعية، كوسيلة لنشر الفوضى والدمار في العالمين العربي والاسلامي، من جانب اخر.
الرد الايراني على هجومي طهران قادما لا محالة وسيكون مدمرا، عبر ملاحقة "الدواعش” والتكفيريين، بالتعاون مع باقي المسلمين من سنة وشيعة، ليس في ايران فحسب بل في المنطقة برمتها، واخراجهم من جحورهم وقطع دابرهم، لانقاذ العالم من شرورهم.