صواريخ كوريا الشمالية على السعودية.. احتمال واسع
ايفين دوبا
الساذج هو من يرى في كوريا الشمالية دولة ساذجة، أو أنها تدار بعقلية أحادية تتحفز وفقا للأهواء الشخصية أو بحسب المشاعر وليس السياسات، وإذا كانت بيونغ يانغ حاليا تتعرض لتهديد أميركي قد يتحول إلى مواجهة واسعة النطاق فهذا لا يعني أن العاصمة الكورية الشمالية ستتصرف على نحو مناهض للتكتيك الواجب، في المقابل، من السذاجة الاعتقاد أن كوريا الشمالية ستضرب تلك الأهداف التي سببت آلاما للكثيرين على امتداد جغرافيا الشرق الأوسط، كالسعودية.
لا تنصرف بيونغ يانغ للرد على الداعية المشوهة لصورتها والمنتشرة بشكل كبير خارج أراضيها، تبدو المعلومات الآتية عن طبيعة الحياة في كوريا الشمالية قليلة جدا، لكن طبيعة العمران المتقدمة والمتطورة إلى نحو مذهل، وكذلك الصناعات التي لا يمكن لأي دولة أن تقوم بها لاسيما في المجال العسكري، تنبؤان بدولة متطورة قائمة على نظام دقيق لا يمكن خرقه بهذه السهولة، أما التهكم القادم من دول الخليج (الفارسي) التي تغرق شعوبها باللهو والبذخ على سفاسف الصناعات والنتاجات الغربية، فكل ذلك لا يجوز رفعه عن الأرض، ولا يدفع بيونغ يانغ لترك انشغالاتها والالتفات للرد عليه.
كما أن كوريا الشمالية للوهلة الأولى بمنأى عن الضجيج الدولي، إلا أن ذلك ليس كل الكلام، بل على العكس هي منخرطة بشكل أو بآخر في التحالفات الدولية المناهضة للولايات المتحدة الأميركية، ولولا ذلك لما كانت واشنطن لتقوم بكل تلك الاستفزازت تجاه بيونغ يانغ، فلو كانت واشنطن تحسبها في المواقع المحايدة أو المنضوية ضمن تحالفاتها لما قاربتها، هناك الدول النووية في أوروبا ولا تشعر واشنطن بالقلق تجاه هذا الأمر.
تحاول واشنطن أن "تستوطي" حائط كوريا الشمالية منذ وقت طويل، وبموازاة ذلك تقود حملة دعائية شرسة لكسب المؤيدين لها ضد بيونغ يانغ، فيما تغرق المعطيات القادمة من عند هذه الأخيرة بالغموض ما يزيد من حيرة واشنطن ويحفزها على التصرف بدون عقلانية، لو تعمقنا فإن الهدوء هو سمة سياسة بيونغ يانغ برفقة أنها شديدة الحساسية تجاه أي تهديد قد تتعرض له لذلك، فإن الاستخبارات العسكرية في كوريا الشمالية تعرف تماما أهدافها ومتى يجب أن تضرب، خصوصا تلك التي تمثل تمويلا عالي المستوى للعسكرية الأميركية حينما تخوض مواجهات عبر العالم، إذن السعودية ليست في منأى بل هي في عين العاصفة.
وضمن بنك الأهداف الكوري الشمالي هي القواعد الأميركية المنتشرة في الأرجاء، أولا تلك القريبة جغرافيا من بيونغ يانغ، السعودية مرجحة لأن تدخل هذه القائمة، لأنها تمثل واحدة من الدول التي تقديم الكثير للقوات الأميركية على مختلف الأصعدة، حتى أن الولايات المتحدة لم تخض حربا في الشرق الأوسط وآسيا دون الاعتماد على قواعدها في الخليج (الفارسي) لاسيما السعودية، والرياض لا يمكنها أن تقول لا لواشنطن لو احتاجت هذه لتحريك قواعدها العسكرية ضد بيونغ يانغ.
لا يمكن تفسير "الحياد" السعودي إزاء الملف المتأزم في القارة الكورية، إلا من باب الهلع الذي يسكن النظام السعودي من أن ينبس ببت شفة تجاه كوريا الشمالية، لكن في الخفاء هو لن يبتعد عن تأييد واشنطن وبيونغ يانغ تعلم ذلك تماما، وأيضا تمثل السعودية مساحة جغرافية واسعة كمصلحة أميركية بحتة، ما يعني أن فرص استثناء السعودية من البقاء على الحياد أما أي تحرك كوري شمالي تقل تباعا حتى تصل إلى درجة الصفر.