kayhan.ir

رمز الخبر: 50218
تأريخ النشر : 2016December26 - 20:24

خفايا حرق الجنديين التركيين أحياء من قبل "داعش"!


إيفين دوبا

لم يكن نظام أنقرة مؤخراً، طيباً ومحترماً مع مؤسسته العسكرية بل صب جام الحقد عليها على خلفية انقلاب الصيف الماضي، وعلى هذا الأساس بني سلوك الدولة التركية بعد الانقلاب، أما رجب طيب أردوغان فيعرف تماماً أنه لولا اعتبارات إقليمية تقيم أولاً التوازنات السياسية وترفعها فوق كل اعتبار آخر، لسقط في حفرة الانقلاب وتم ربطه بحبال السياسة التي ساقها في الشرق الأوسط لسنوات.

كانت أنقرة على علاقة طيبة مع تنظيم "داعش" حتى وقت قريب، وكان التنظيم المتطرف عمودها الفقري لإنجاز مصالحها خصوصاً وأن باقي الميليشيات التي تمثل وجوداً في ساحة ميدان المواجهة، لم تثبت فاعلية حقيقية إلى حين التدخل الأميركي المباشر ولو بصورة غير رسمية، لكن هذا الأمر لم يستمر طويلاً، المجريات منذ فترة كانت تبعث برسائل إلى أنقرة بأن كل شيء تغير وعليها أن تخلع من قلبها مودة و"داعش" وتغطيتها.

أصبح التنظيم المتطرف الذي شغل العالم الدولي على مستوى عالٍ في فترة سابقة، يعاني الكساد واليأس، وأصبحت معاركه أشبه بالانتحار الجماعي لكنه حتى الآن، وطالما أن أوباما لم يغادر أروقة البيت الأبيض، والسعودية تتمسك بما بقي لها من أظافر بالقشة الإسرائيلية، فإن "داعش" ما زال يعمل وفق الرتم الغربي.

استعراضات "داعش" ليست عبطية، هناك من يحسب لهم كل ذلك والواضح أنه محترف، فهذه الاستعراضات حينما بثت إلى العالم شغلته، وأرهبته وبنت هيبة للتنظيم الكرتوني كما توضح فيما بعد، وبحسب السيرة الوهابية تاريخياً التي تعتمد التجييش لاستخدام المقاتلين كوقود لا أكثر لإشعال المناطق المراد اقتطاعها فيما بعد، فإن "داعش" يفكر بهذه الطريقة، لكنه أيضاً يحرق أوراقه كلما تطلبت الحاجة وبدقة، خصوصاً عند التغيرات والمنعطفات المصيرية.

بعد تحرير حلب أدرك الجميع أن لا سقوط للدولة السورية، هذا الأمر الذي كانت واشنطن وأوروبا تكابر فيه، ولذلك بدأت عملية حرق الأوراق الثبوتية عن العلاقات الدولية التي كانت قائمة بين التنظيمات المتشددة والتطرف ككيان تحضيراً لفتح صفحة جديدة.

نفس طريقة الإعدام – الجريمة التي نفذها "داعش" مع الجنديين التركيين فعلها سابقاً مع طيار عسكري أردني، وكما سبق، الأمر ليس اعتباطياً، هناك كان الرد الأردني سخيفاً للغاية لأن الغاية الرئيسية كانت تبرُّؤ الأردن كدولة من "داعش"، وربما هذه الغاية من نفس الأمر والنظام التركي دفع كبش الفداء ليظهر على أنه بات أحد خصوم "داعش" في المنطقة، فيبيض صفحته وينطلق من جديد في ضوء المتغيرات الاستراتيجية الواسعة التي بدأت ترخي بظلالها على الصراع.

هذه السياسة، حرق الثبوتيات، باتت دارجة بعد أن نجحت بتمرير بعض الأطراف بعيداً عن مقص الحساب، فعلها الأردن وترك السعودية لمصيرها الأسود، وكذك فعل أوباما قبل رحيله وبعد تأكده بأن خلفه لن يكون في نفس الجلباب الذي ارتداه لثماني سنوات في البيت الأبيض، فأحرق ثبوتيات العلاقة بجبهة النصرة، وها هي أنقرة و"داعش" معاً، لأن الأخيرة تحديداً نسيت شعاراتها وتتحضر لحلاقة الذقون والتغلغل في أوروبا عبر تركيا، ومن الوارد، أن يحافظ النظام التركي على معابر الترانزيت التي كان يفتحها لمقاتلي "داعش" وصولاً إلى المنطقة، لاستخدامها فيما بعد بعكس السير، أي الانتقام من أوروبا فيما بعد، ودون إثبات.