kayhan.ir

رمز الخبر: 46310
تأريخ النشر : 2016October08 - 20:03

السعودية تخسر معركة النفط الكبرى


مصطفى السعيد

لم تكن جبهات سوريا والعراق واليمن وليبيا هي الوحيدة التي تعاني من العدوان السعودي ، وإنما فتحت المملكة جبهة جديدة لتجويع الشعوب، وإخضاع الدول الرافضة للهيمنة الأمريكية عبر إغراق سوق النفط، فرفعت المملكة انتاجها من حوالي 8 ملايين برميل عام 2009، إلى أكثر من 10 ملايين برميل في العام الماضي، لتهوي الأسعار من 120 دولار للبرميل إلى أقل من 30 دولارا، وبددت السعودية نحو 900 مليون دولار من عائداتها يوميا، لمجرد أن تلحق الخسائر بالدول الرافضة للهيمنة الأمريكية، وفي مقدمتها إيران وروسيا، لكن الخسائر لحقت أيضا بالكثير من الدول، ومنها العراق والجزائر وفنزويلا ونيجيريا وغيرها، لكن السعودية لم تعبأ بما ألحقته من أضرار شديدة باقتصاديات وشعوب ومشاريع تنمية كل هذه الدول، طالما أنها ستلحق الأذى بإيران وروسيا.

مضت السعودية في مخطط الإغراق، لكنها اصطدمت بحاجزين غيرا مسار معركة النفط الكبرى، فقد صممت كل من إيران وروسيا على التحدي، وقررت إيران رفع سقف انتاجها عقب إلغاء العقوبات الإقتصادية، ورفعت انتاجها بحوالى مليون برميل يوميا، ليبلغ انتاجها نحو 3،5 مليون برميل، وتمسكت بالوصول إلى حصتها قبل العقوبات، والتي تبلغ 4،8 مليون برميل يوميا، وكذلك قررت روسيا رفع الإنتاج، حتى لو انخفض سعر النفط إلى أقل من تكلفته فالبلدان يمكنهما تحمل الخسائر، نظرا لتنوع مصادر الدخل، بينما السعودية لن تستطيع الصبر طويلا، حتى بالاعتماد على احتياطاتها المالية، فانقلب السحر على الساحر، وبدأت المملكة تجني الحصاد المر لسياسة الإغراق، خاصة مع ارتفاع فاتورة دعمها للحروب على سوريا والعراق وليبيا وعدوانها على اليمن، وحاولت المملكة أن تكتم أنينها، وأن تنتظر انهيار اقتصاد إيران وروسيا دون جدوى. فالدولتان لم تتراجع عن عن مواقفيهما من التصدي للجماعات التكفيرية في سوريا والعراق.

عدوان سعودي لا يستثني حتى الدول العربية

في المقابل بدأت بثور الأزمة الإقتصادية تظهر على الجسد السعودي الضعيف لأول مرة في تاريخها، واضطرت إلى الاستدانة، وبدأت سياسة تقشف غير مسبوقة، وحررت أسعار عدد كبير من السلع والخدمات، وخفضت الدعم لشرائح إجتماعية، حتى خفضت مؤخرا رواتب الوزراء وكبار المسؤولين في الدولة.

ذهبت المملكة إلى مؤتمر الجزائر وهي تجر أذيال الخيبة، وتطالب بخفض سقف انتاج الدول المنتجة للنفط، ووافقت لأول مرة على خفض انتاجها بنحو 500 ألف برميل يوميا، وتخلت عن شرطها المدهش بألا تتجاوز إيران إنتاجها أثناء فرض العقوبات، وكأنها تحاول تأبيد العقوبات التي كانت مفروضة على إيران.

كان مؤتمر الجزائر الذي انعقد الأسبوع الماضي ساحة حرب حقيقية، ولعبت الجهود الدبلوماسية دورها في محاولة التوصل إلى حلول بين ممثلي السعودية وإيران، ولم تكن إيران تطالب إلا بأن تستعيد حصتها القديمة، قبل فرض العقوبات، واستمرت لعبة "عض الأصابع" حتى سمع الجميع صراخ السعودية، وتراجعها عن سياستها التي جوعت وأضاعت مئات المليارات على شعوب الدول النامية، وصمت آذانها لسنوات، ورفضت التجاوب أو مجرد الإستماع لشكاوى دول عربية شقيقة مثل الجزائر والعراق وسلطنة عمان والسودان، في انتظار أن تسمع بشغف خبر انهيار اقتصاد كل من إيران وروسيا، وهو ما لم يحدث، وركعت السعودية مؤخرا لتتذوق القليل من معاناة شعوب كانت تستمتع بأنينها.

خسرت السعودية معركة النفط الكبرى، ويبدو أنها ستواصل الخسائر على مختلف الجبهات، لأنها لا تخوض حروبا عادلة أو شريفة.