kayhan.ir

رمز الخبر: 45121
تأريخ النشر : 2016September16 - 18:55

ثورة في السعودية.. كل الشروط و الأدوات متوفرة

أحمد الحباسى

قبل و بعد ما سمي بالربيع العربي طرح الجميع السؤال : هل ثمة ثورة منتظرة في السعودية ؟ و مع أن الجميع أجابوا عن السؤال كل على طريقته و بطريقته ، فان مجرد طرح السؤال يؤكد للمتابعين أن ما يحدث في السعودية من فساد و خراب على كل الأصعدة و ما وصل إليه النظام من تعفن و سقوط و بيع للقضايا العربية و المتاجرة بدماء الأبرياء في الوطن العربية يتطلب تغييرا جذريا في أعلى هرم السلطة بحيث يتم اقتلاع ما سماها البعض ” بالشجرة الملعونة” و ما سماها البعض الأخر بعائلة المافيا الحاكمة ، طبعا ، كان الجميع على علم من كون النظام السعودي محروس بالمخابرات الصهيونية الأمريكية و لم يأت عليه الدور بحكم احتياج إسرائيل إليه لتنفيذ و تمويل الجزء الأكبر من مشروع تفتيت المنطقة العربية و تقسيمها ألو ما سمي بمشروع الفوضى الخلاقة و لذلك تفهم البعض لماذا لم تنجح الثورة السعودية و لم تصل الجماهير السعودية المطالبة بالتغيير إلى مبتغاها رغم كل الجهود و كل المحاولات المطالبة بالتغيير و التي تم قمعها بالحديد و النار و لا يعلم البعض اليوم أين أخفى النظام جثث بعض الشهداء و أين سجن بعض الأحياء .

بعد ثورة الياسمين في تونس و ما حدث في مصر من تغيير للنظام الفاسد كانت هناك خشية لدى كل أنظمة الخليج العميلة الخائنة الفاسدة ، و هناك من رأى أن النظام السعودي يأتي على رأس المطلوبين و أن العدوى الشعبية ستطال هذا النظام العبثي الخارج عن الإسلام و عن العروبة ، لذلك لم يكن مفاجأ أن يعمد الملك السابق إلى حزمة من الإجراءات الاقتصادية و الاجتماعية في محاولة لاستيعاب الغضب الشعبي المتصاعد ، إجراءات يؤكد العارفون بطبيعة الشعب السعودي أنها تمكنت من احتواء حالة الاحتقان و الغضب و مكنت النظام من جرعة البقاء المطلوبة في تلك المرحلة الساخنة من التحولات السريعة في الوطن العربي ، و مع صعود الملك سلمان ظن الجميع بما فيهم المعارضة أن التغيير قادم و لو على جرعات متوسطة بحيث ظهر شعور بالاطمئنان لدى السلطة بأن وصول الثورة إلى أراضيها و حصول تحول دراماتيكي في اعلي الهرم قد بات أمرا صعبا و أن القضاء على بقايا المعارضين سيكون أمرا سهلا و لا يتكلف الكثير خاصة بعد صيحات الاحتجاج الدولية التي ارتفعت بعد المجازر المروعة التي ارتكبها نظام الملك عبد الله .

يؤكد بعض المتابعين أن فشل النظام في مؤامرته القذرة على سوريا و العراق و اليمن رغم إنفاقه المليارات و تسخيره لجيش الإرهابيين الذين صنعتهم مؤسسته الدينية الفاسدة و قبول بعض أجهزة الإعلام الخليجية و العربية المتآمرة المشاركة الحمقى في مؤامرة تصفية المقاومة و تبرير الاعتداءات الصهيونية المتكررة على غزة ستكون له تداعيات كثيرة على ” مستقبل” النظام داخليا و خارجيا لان الشعب السعودي سيجد نفسه يتخبط في مشاكل اقتصادية مستعصية نتيجة عملية الإنفاق الخيالية التي اضطرت النظام للتداين للمرة الأولى في تاريخه لسداد عجز الميزانية و سيكون هناك إجماع هذه المرة على ضرورة التخلص العاجل من هذا النظام المنتهى الصلاحية في حين سترى إسرائيل و أمريكا أنه لم يعد بمقدورها ضمان بقاء نظام فاشل بهذا الشكل المرعب و أنه يجب التخلص منه و مساعدة كل الأطراف الداخلية و الخارجية التي تسعى لإسقاطه ، و لعل مشروع القانون الأخير الذي يعتزم الكونغرس التصويت عليه باسم ” قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب” ليفتح الباب أمام الناجين من أحداث 11 سبتمبر 2001 و عائلات الضحايا بمقاضاة النظام السعودي و مطالبته بالتعويض عن الأضرار التي تعرضوا لها جراء هذه الهجمات الإرهابية الدموية مع ما سينجر عنه من مزيد تعميق العجز المالي السعودي هو أول "جائزة” يحصل عليها النظام مقابل خدماته القذرة في سوريا و اليمن و العراق .

لقد قيل الكثير عن مبادرة الأمير محمد بن سلمان التي أطلق عليها "رؤية المملكة سنة 2030 ” لإعادة هيكلة الاقتصاد السعودي لكن كل العارفين يجمعون على أن ما خسرته المملكة في حروبها الفاشلة في سوريا و اليمن و العراق ستكون له انعكاسات مباشرة على المدى القصير و الطويل على الاقتصاد السعودي بحيث أنه لن يتعافى من هذه الكارثة المالية ناهيك و أن الولايات المتحدة ذاتها لم تخرج من أزمتها الاقتصادية الناتجة عن احتلالها للعراق رغم مرور أكثر من 13 سنة على إسقاط نظام الرئيس صدام حسين ، و إذا أضفنا إلى هذا الخلل المرعب ما يعانيه النظام من فساد مالي و من استنزاف الأسرة الحاكمة لموارد الدولة في ملذاتها الخاصة و في تمويل الإرهاب و شراء الذمم الإعلامية و ما كشفته وثائق بنما الأخيرة من تهريب الأسرة الحاكمة لأموال خيالية فيمكن تصور نوع الارتدادات المرعبة لحرب سوريا و اليمن أو ما سيعانيه الشعب السعودي مستقبلا من انحسار قدرته الشرائية بما يدفعه دفعا إلى محاولة السعي لإسقاط هذا النظام الدموي .

يتم الحديث اليوم عن ارتفاع نسبة البطالة في السعودية مما دفع أحد الأطباء إلى إحراق شهادته الجامعية من باب التعبير الواضح عن حالة اليأس و الإحباط التي أصبحت سمة بارزة تحدثت عنها عديد الصحف داخل المملكة نفسها فيما سمي بحملة إحراق الشهادات ، هناك مخاوف لدى النظام من أن يتحول الشباب الدارس بالجامعات الغربية العائد إلى السعودية إلى بركان من الغضب و سببا لإشعال حريق الانتفاضة المنتظرة ضد النظام خاصة و أن ما يميز هؤلاء الشباب هم تغير نظرتهم للواقع بحكم عيشهم مدة معتبرة في دول متحررة و ديمقراطية و ميلهم إلى استعمال وسائل الاتصال الاجتماعي التي تعتبر في نظر المتابعين للثورات العربية و العالمية منذ عشر سنوات الأداة الفاعلة للتجميع و التخطيط و التنفيذ و القيام بالتحركات الشعبية المنادية بإسقاط النظام و محاكمة القتلة من المؤسسات الأمنية و القضائية و الإعلامية الفاسدة ، هناك عامل مهم يتجاهله البعض و هو هذه الحالة الغير مسبوقة في تاريخ العلاقات العربية- العربية و هي إجماع شبه كامل لدى الشعوب العربية على كراهية هذا النظام و تحميله مسؤولية كل الخيانات التي حصلت سواء على مستوى القضية الفلسطينية أو إسقاط النظام العراقي السابق أو محاولة إسقاط النظام السوري أو اغتيال الرئيس رفيق الحريري أو ضرب الشعب اليمنى أو تغذية الصراعات بين الدول العربية ، لذلك سيكون لسقوط النظام السعودي ارتياح و ترحيب كبير من كل الشعوب العربية خاصة بعد أن نضجت كل الظروف.