kayhan.ir

رمز الخبر: 44700
تأريخ النشر : 2016September07 - 00:29

تصدعات جديدة في المشهد السياسي الكردي


عادل الجبوري

في تطور غير مسبوق اعلن عدد من الشخصيات القيادية الكبيرة في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه جلال الطالباني تشكيلها ما يسمى بـ"مركز القرار في الاتحاد الوطني الكردستاني"، من اجل قطع الطريق على القيادة في الاتحاد وعقيلة زعيمه هيرو احمد وعدد من القيادات والكوادر الداعمة والمساندة لها.

وجاء في بيان صدر عن الشخصيات القيادية الكردية في حزب الاتحاد الوطني انه "في الوقت الذي تواجه فيه كردستان ازمات سياسية واقتصادية وتهديدات داعش واحتمالات التغيير في الشرق، ويعاني المواطنون من انعدام الرواتب والتجويع والاعباء الثقيلة للحياة والوضع المعيشي، في هذا الوقت وبدلا من المساعدة في الاصلاحات ومعالجة المشاكل فأن الاتحاد وبسبب مجموعة محتكرة تحولت من قوة مناضلة صاحبة برامج للتنمية والعدالة الى مهملة وبعيدة عن طموحات المواطنين وعن نضالاتها، حيث يتم عقد تحالفاتها في الظلام، وابرام صفقات تحت الطاولة لنهب النفط وهدر ثروات المواطنين وتجويعهم، ولتحقيق مآرب هذه المجموعة، فأن مدرسة مام جلال وقيم اتخاذ القرارات السياسية غيبت في كل مؤسسات الاتحاد ومنها القيادة والمكتب السياسي".

ومن بين ابرز الشخصيات التي تبنت مبادرة تشكيل مركز القرار، النائبان الاول والثاني في الحزب، وهما كوسرت رسول علي ، وبرهم صالح، الى جانب عشرين قياديا من بينهم، حاكم قادر وشيخ جعفر ومحمود سنكاوي ورزكار علي وازاد جندياني.

من جهة اخرى رد جناح هيرو احمد على اعلان تشكيل مركز القرار ببيان اكد فيه رفضه لأي اعلان خارج اطار المنهاج الداخلي للحزب. قائلا "ان اغلبية المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني، تعمل على تهدئة الاوضاع بجهود مسؤولة وبهدف ايجاد حلول حقيقية في ضوء المنهاج الداخلي، وان المجلس القيادي للاتحاد الوطني الكردستاني سيعقد في القريب العاجل اجتماعا اعتياديا لبحث المستجدات، وان المواضيع الحساسة يجب ان تحسم في ضوء المنهاج الداخلي، وان اي اعلان خارج اطار المنهاج، مرفوض لدى الاغلبية في المكتب السياسي والمجلس القيادي للاتحاد الوطني الكوردستاني".

انقسامات داخل البيت الكردي

واعتبرت اوساط ومحافل سياسية كردية وغير كردية هذا التطور الدراماتيكي بمثابة انشقاق جديد في جسد الاتحاد الوطني الكردستاني الذي تأسس في عام 1975 نتيجة انشقاق جلال الطالباني وشخصيات سياسية كردية اخرى عن الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي كان يتزعمه حينذاك الملا مصطفى البارزاني، وذلك بعد انهيار الثورة الكردية جراء التوافقات التي حصلت بين كل من شاه ايران محمد رضا بهلوي ونظام حزب البعث في بغداد، وبرعاية واشراف وزير الخارجية الاميركي في ذلك الوقت هنري كيسنجر.

وكان حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، قد تعرض في صيف عام 2009 الى انشقاق قاده الشخص الثاني في الحزب نوشيروان مصطفى، والذي افضى الى ظهور حركة التغيير (كوران) كلاعب رئيسي ومؤثر في الساحة الكردية، اذ استقطبت الحركة قطاعات واسعة من الشباب والنساء الناقمين على الاحزاب والشخصيات الكردية المخضرمة والتقليدية.

وبينما عد البعض ما حصل في الايام القلائل الماضية مفاجئا، رأى فيه البعض الاخر نتيجة طبيعة ومتوقعة لقدر كبير من التقاطعات والخلافات والاختلافات في داخل المنظومة القيادية للاتحاد منذ عدة سنين، وقد ظهر جانب كبير منها وطفى الى السطح بعد غياب زعيم الاتحاد جلال الطالباني عن المشهد السياسي بسبب المرض منذ اواخر عام 2012، واندفاع عقيلته هيرو احمد للامساك بزمام الامور المالية والسياسية للحزب، وهو ما اثار حفيظة القيادات الكبيرة في حزب الاتحاد، لاسيما نائبي زعيم الحزب ، كوسرت رسول علي وبرهم صالح.

ومن شأن التطورات الجديدة في المشهد السياسي الكردي ان تزيد الامور تعقيدا، لاسيما ان الخلافات والتقاطعات بين حزب الاتحاد الوطني وحركة التغيير من جانب، والحزب الديمقراطي بزعامة مسعود البارزاني من جانب اخر، تفاقمت واتسعت الى حد كبير منذ صيف العام الماضي، حينما رفض البارزاني التخلي عن منصب رئاسة الاقليم بعد انتهاء ولايته. مضافا الى ذلك فأن الاقليم يعيش اوضاع اقتصادية صعبة للغاية في ظل التلكؤ الكبير الحاصل في توزيع رواتب الموظفين والمتقاعدين الذين يتجاوز عددهم المليون شخص، والديون الهائلة في ذمة الاقليم لشركات نفط عالمية ومصارف ومستثمرين، التي تقدر بسبعة وعشرين مليار دولار، والاعداد الضخمة للنازحين من مناطق الصراع مع تنظيم داعش.

وعلى ضوء ذلك الانشقاق، فأن فرص التوصل الى حلول ومعالجات للمشاكل والأزمات القائمة ستنحسر الى حد كبير، ويمكن ان تفرض الخيارات السيئة والسلبية نفسها على الارض، خصوصا وان مجمل الخلافات بين القوى الكردية تتمحور حول مواقع السلطة والنفوذ السياسي والمالي بالدرجة الاساس.

ولعل تلك التفاعلات الحاصلة في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، لها صورا ومظاهر مشابهة في الحزب الديمقراطي الكردستاني، الا ان وجود البارزاني يجعلها تبقى كامنة ويحول دون بروز جانب كبير منها الى السطح.