حلف الفضول والعصف المأكول
ميلاد عمر المزوغي
عند كل مطلع شمس تتكشف مؤامرات ودسائس وخبث من اوهموا الجماهير بأنهم حصنها الحصين والدرع المتين والصواعق التي تصيب العدو في مقتله, والفرسان الذين يدافعون عن الوطن, والثوار وغرفهم المتعددة الذين سيغيرون المجتمع نحو الافضل, شكلوا كتائب قتالية اطلقوا عليها من الاسماء ما يجعلك تحلم بأنك تعيش في عالم خيالي,كل شيء سيتوفر,على العامة من الناس ان يبدعوا لأجل النهوض بالوطن, اما الاعمال الاخرى المصاحبة التي تجلب الامن والاستقرار فإن هناك "ابطالا اشاوس” آلوا على انفسهم تقديم كل شيء في سبيل الوطن.
من حسن حظ الليبيين انهم محفوفون بكافة اخيار الارض”ملائكة الإنس” الاسلاميون والعلمانيون, المتشددون الاسلاميون الذين يريدون تطبيق الشريعة حسب اهوائهم,وكأنما البلد في حاجة الى اعادة فتح جديد,لا يؤمنون بالرأي الاخر, البلد خلق لهم لا لسواهم,طائرات الناتو والحقيقة تقال ان الاهداف محددة والتصويب عليها كان دقيقا وبالتالي فان الخسائر جراء الاخطاء”الاهداف غير المطلوبة” كانت بسيطة, اخواننا في الوطن والدين (نأمل منهم ان يقبلوا بأخوّتنا), امتشقوا السلاح بمختلف انواعه قديمه (مخزّن) وحديثة (لم ينقطع يوما عبر المنافذ البرية والجوية والبحرية؟؟), اجهزوا على ما ابقى عليه الناتو,فمن يخالفهم الرأي ليس جديرا بالحياة,اتبعوا سياسة الارض المحروقة,لجعل ما على وجه الارض من حجر وبشر وشجر كالعصف المأكول تذروه الرياح, ليعيدوا بناء دولة "الخلافة الاسلامية” من جديد وفق رؤاهم,حيث احلوا المال العام واعتبروه خالصا لهم .
العلمانيون او هكذا يحبون ان يطلق عليهم, لم يختلفوا عن غيرهم في المضمون بل اختلفوا في التكتيك,اي انهم يصلون الى حاجتهم وان كانت بطرق ملتوية, اليسوا تربية الغرب فعلمهم فنون المراوغة فأصبحوا جهابذة السياسة يعطونك حلاوة الكلام بألسنتهم, ويأخذون بأيديهم ما تنوء بحمله وسائل المواصلات المختلفة, اخذوا نصيبهم من المغانم”الاموال العامة” بل احلّوا المال الخاص, فكانت هناك عمليات السلب والنهب التي طاولت غالبية البشر.حذوا حذو الاسلاميين فشكلوا كتائب قتالية, حجتهم انهم يريدون المحافظة على مقدرات البلد.
غالبية المواطنين اتخذوا مواقف من المتشددين بعد ان ظهروا على حقيقتهم, الجمهور رأى في من يدعون التمدن بارقة امل لبناء المستقبل,صوت لهم في الانتخابات البرلمانية الاخيرة, كشف هؤلاء المتمدنون عن الجزء الذي حاولوا اخفاءه طوال الفترة الماضية, فلا فرق بين هؤلاء وهؤلاء, فإذا بهم (كل الميليشيات) جميعا يجتمعون, ضموا اليهم بعض من يسمون انفسهم بأنهم اعيان ومشايخ المناطق(*), ويعلنون بان الفصائل المتنازعة اتفقت على وقف الاقتتال وانسحاب ميليشياتهم من المطار,عن اي شيء يتنازعون؟ يتنازعون على ما تبقى خارج سيطرتهم,ان الفصائل بمجمعها فصائل اجرامية تحاول السيطرة على مقدرات البلد,بعض الميليشيات اعلنت تنصلها من الاتفاق,وان معركة تحرير طرابلس لم تبدأ بعد؟ ما يعني المزيد من الدمار وإزهاق المزيد من الارواح,وتشريد من لم يتم تشريدهم.اما الحكومة فلا حول لها ولا قوة وتلوّح بطلب التدخل الدولي لحماية المواطنين وما تبقى من مؤسسات الدولة.
الجميع كان يخشى التدخل الخارجي ونزول قواته على الارض.املا في ان تستقر الامور ويستتب الامن, اما والحالة هذه,فأتمنى على الحكومة ان تسعى جاهدة في استجلاب قوات الامم المتحدة ذوي القبعات الزرق, لتامين حياة السكان والمحافظة على سكان العاصمة التي اصبحت مكسر عصى لكل من هب ودب من العناصر الاجرامية, لقد عانى سكان العاصمة اصناف العذاب اكثر من غيرهم لأنهم بعيدون عن التعصب القبلي .وجمع كافة انواع الاسلحة التي لولاها لما استطاع هؤلاء بث الرعب بين ابناء الوطن.
*وأخيرا ليعذرني زعماء قريش,لأنني انزلت من مستواهم الاجتماعي, بأن جعلتهم ندا لمشايخنا واعيان قبائلنا رغم الفارق الزمني,لقد استطاع زعماء قريش ان يعقدوا "حلف الفضول” بعد انتهاء حرب الفجار, شهد الرسول توقيع الحلف وله من العمر عشرون ربيعا وقال(ص) عنه لاحقا: "لقد شهدت مع عمومتي حلفا في دار عبد الله بن جدعان ما أحب أن لي به حمر النعم ، ولو دعيت به في الإسلام لأجبت” .
تبا لكم من مشايخ واعيان ووجهاء قبائل. فانتم احد اسباب البلاء ان لم تكونوا كل البلاء,المشاكل بين القبائل لم تحل لأتفه الاسباب,لأنكم لم تعودوا كما كان الاولون, عندما يقررون شيئا للصالح العام فإنهم يفعلون. لقد انهيتم دوركم الاجتماعي,تحاولون ولوج عالم السياسة,لكنكم لن تفلحوا ابدا,فقط انصحكم بالبقاء في داراتكم الفخمة " الزموا بيوتكم”,وابعدوا عنا شركم.