الجنسية في البحرين ، شيء يطير العقل .
أحمد الحباسى
يتصرف ملك البحرين في البحرين شعبا و أرضا كأنها ملك السيد الوالد ، هكذا ببساطة، كأنه ورث البحرين عن السيد الوالد ، و مع الوقت أصبح المتابع للشأن البحريني لا يصدق أن هناك شعبا في البحرين و أن في البحرين سلطة و شعب يمارس السلطة ، فالملك هو السلطة و هو البحرين و هو الشعب و السلطة في آن واحد ، و على كل من يعارض الملك أن يشرب من البحر ، و من يريد أو يبحث عن ” الإثارة” فعليه بملك البحرين و الرحيل و العيش في مملكة ملك البحرين ، فالحياة في البحرين متوقفة منذ بداية حكم الطاغية و لا شيء يتحرك في الأرض و في السماء إلا بعلم ملك البحرين ، حتى الطيور غادرت البحرين لان الملك يرفض الحرية للطيور ، حتى الأشجار ذبلت في مملكة البحرين لان الملك يرفض أن تينع شجرة دون إذن من ملك البحرين ، لا قصائـــد و لا أشعار و لا منتديات و لا فرح في مملكة البحرين ، فقط هناك صور الملك و هناك إعلام فاسد يسبح بحمد الملك و يسجد لصور الملك و يتجنب أن يخطأ في سيرة الملك.
بعدما وضع كل القصائد و الأشعار و الشعراء و الكتاب في السجون و المنافي ، بعدما أسكت كل أصوات المتظاهرين بسلاح السعودية و تعذيب مخابراتها و مخابرات الموساد ، بعد آن هاجرت الطيور و بعد أن ذبلت الحياة و ضاقت النفوس بملك البحرين ، بعد كل هذا انتبه الملك المعظم ليرفع عن مواطنيه الجنسية و أن يحرمهم من لذة الانتماء و المواطنة و الحماية ، سب المعارضة و وصفها بأبشع النعوت و تهجـــم عليـها و هاجمها و وضعها في السجون و أهان كبارها و صغارها و نساءها و بصق على الدستور و على حقوق الإنسان و على حرية التعبير و حق الإنسان في الحياة كما يريد ، داس كل شيء تحت أقدامه الطاغية القذرة الملوثة بدماء الأبرياء و ضرب عرض الحائط بكل المناشدات الداخلية و الخارجية ، اليوم ينتقل الملك المفترس مكرر ( بعد ملك المغرب المفترس ) إلى "إعفاء” الشعب من الجنسية ، اليوم يسقط الملك الجنسية كما أسقط كل شيء جميل في مملكة البحرين ، لم يعد هناك حق للمواطن في جنسية البحرين ، الملك وحده من يعطيها و وحده من يسترجعها و بفتكها ، الجنسية لم تعد حقا من حقوق المواطنة الكونية بل مجرد لقب كما كان يحدث للباشوات في عهد ملوك مصر .
بعد أن فرض حالة من الميز العنصري في مملكته بأن قسم شعبه إلى سنة درجة أولى و شيعة درجة عاشرة و هي حالة تمييز عنصرية مقيتة تشبه ما حدث في جنوب أفريقيا زمن نظام الميز العنصري البائد خرج علينا ملك الندامة باسطوانة رفع الجنسية عن الشيعة و بالأحرى عن كل من يعارضه الرأي من مواطنيه الشيعة ، هذه” الرؤية” الملكية لا تحدث طبعا إلا في مملكة البحرين و هذا العقاب السقيم للمعارضة لا وجود له في قانون العقوبات الجزائية و لا في الدستور بل هو أخر تقليعات الملك و آخر نزوة مريضة من نزوات ملوك و حكام الخليج البائسين الذين نصبتهم المخابرات الغربية وزرعتهم مثل الجواسيس و الطابور الخامس في الجزيرة العربية ، هذه الجريمة النكراء ضد حق المواطنة تلاقى صمتا مدقعا من كل صحافة و إعلام الحاشية البحريني و لذلك فهي تنفذ و تمر في صمت مثلها مثل عديد الجرائم المروعة الأخرى التي يرتكبها النظام منذ سنوات مسكه لأعناق شعب البحرين ، لا أحد من إعلام البحرين يملك ذرة من الضمير ليقف ضد هذه الجريمة و ضد مرتكبها و ضد من ينفذها من أجهزة نظام متعفن .
في وقت سابق تحركت منظمة هيومن رايس ووتش المعنية بحقوق الإنسان في العالم مطالبة نظام الميز العنصري في البحرين بإعادة النظر في هذه ” القوانين” المجحفة التي تشمل عقوبة سحب الجنسية وأفادت المنظمة في بيان بأنه يتعين على المنامة أن "تعدل قوانينها التي تسمح بسحب الجنسية من بحرينيين لاعتبارات مبهمة وتعسفية”، ولان العبودية في معناها القبيح لا تزال مهيمنة في عقول حكام الخليج فقد كشف النظام الفاسد في البحرين عن أن مثيله في قطر يغوى المواطنين البحرينيين المنزوعة جنسيتهم لتجنيسهم بالجنسية القطرية و هو ما يعد فضيحة من العيار الثقيل و استهانة غير مسبوقة بحقوق الشعوب ، و لان "إسرائيل” ليست بعيدة عن عقل و فكر ملك البحرين فقد سعى إلى ترحيل و إبعاد كل المغضوب عليهم الذين تم رفع الجنسية البحرينية عنهم إلى دول أخرى دون محاكمات في موقف و تصريف رديف لما تقوم به سلطات الاحتلال الصهيوني تجاه الشعب الفلسطيني الأعزل بحيث لم تعد الجنسية رابطة أصلية بين الفرد و الدولة بل حالة فيروس و عدوى يتم التخلص منها بكل الطرق الاستبدادية المعمول بها في مملكة الظلام و الشمولية البحرينية ، ولان القضاء في المملكة قطاع خاص و ليس قطاع عام فقد وسع الفهم في تأويل قانون الجنسية ليشمل كل حالات المعارضين للملك و تصبح المحاكم أداة من أدوات الاستبداد.