وقتل شعب آمن..
بعد اربعة ايام فقط من نشر الامم المتحدة لتقريرها السنوي حول مصير الاطفال ضحايا النزاعات المسلحة لعام 2015 وفي 14 بلدا والتي حملت فيها التحالف السعودي مسؤولية مقتل 60% من 785 طفلا و1168 قاصرا سقطوا خلال العام الماضي في اليمن على انها حقائق ساطعة وارقام موثقة لايمكن ان تحجب بغربال لكن سرعان ما تتراجع هذه المنظمة الاممية لترفع التحالف السعودي عن القائمة السوداء. لا بقدرة قادر بل بفعل ضغوط اللوبيات القذرة من غربية وعربية واعضاء في مجلس الامن و كذلك عمليات ابتزاز رخيصة بقطع التمويل عن المنظمة الدولية وهذا ليس تحليلا او اتهاما بل هذا ما جاءت به الصحف البريطانية كالغارديان والتلغراف في عددها ليوم امس الاول الاثنين.
هذه الواقعة الاليمة تشكل فضيحة مدوية لهذه المنظمة الاممية وامينها العام بان كي مون المعروف بشخصيته الضعيفة، تضعهما تحت طائلة التساؤل والخيانة لتملصهما عن اداء مسؤوليتهما الحقوقية والانسانية تجاه الشعوب. ان هذا التصرف الارعن والمتسرع واللامسؤول للامين العام للامم المتحدة بطعن تقرير تعدها المنظمة وقد وثقته بنفسها الضربات الجوية لقوات التحالف في قصفها للمدارس والاسواق والمستشفيات في اليمن، يلوث سمعة ومصداقية المنظمة الدولية ويوفر الارضية لاستصدار شهادة الوفاة لها.
وللخروج من هذا المأزق الاجرامي الفضيحة الذي يعتبر من مصاديق الجريمة ضد الانسانية ويجب عليه تقديم حكام السعودية على انهم "مجرموا حرب" يخرج علينا المتحدث باسم الامين العام للامم المتحدة "ستيفان دو جاريك" بحديث ابتر لا يعجب الا المجانين او القاطنين في المصحات العقلية بان "الامين العام وافق على المقترح السعودي باعادة النظر في الوقائع والحالات الواردة في التقرير" وهو كما يقال التبرير اقبح من الفعل. غير ان السفير السعودي لدى الامم المتحدة يخرج بصلافة بني سعود المعهودة لاستباق الاحداث في القول بان التحالف يرى انه "تمت تبرئته" معلنا وبكل وقاحة ان التغيير الذي طرأ على التقرير "نهائي وغير مشروط" قبل ان تؤكد الامم المتحدة ذلك.
السؤال الذي يطرح نفسه؟ نحن في اي عالم تعيس وظالم نعيش اليوم حيث سطوة القوة والمال هي من تهيمن على مقدرات الشعوب وتقلبالحقائق وتبري الجاني وتحكم على المظلوم والضحية وخير مصداق لتراجع الامم المتحدة وامينها العام عن تقرير متقن ومفعم بالادلة التي هم اعدوه قول الشاعر العربي:
قتل امرء في غابة جريمة لا تغتفر
وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر"
وهذا هو حال الشعب اليمني الذي يذبح على مرآى ومسمع من العالم بحجة اعادة الشرعية اليه والجميع لا يتفرج فقط بل يعين المعتدي والجزار على مواصلة عدوانه وسفك المزيد من دماء ابنائه الذي لايريد سوى العيش بكرامة مستقلا وحرا كبقية شعوب العالم.
ان الخطوة التراجعية للامين العام للامم المتحدة هي مدانة ومستنكرة وفقا لجميع الاديان الشرائع السماوية والارضية لانها غسيل للجرائم وتشجيع على العدوان وتفتح باب قانون الغاب على مصراعيه لذلك فهي مرفوضة في كل الموازين والاعراف ولايقبل بها الا المجرمون واصحاب الجنح، لانها تشكل فضيحة من العيار الثقيل في تاريخ هذه المنظمة التي دأبت باستمرار على ان تكرس نفسها في خدمة الشعوب والدفاع عن حقوقها لكنها كانت دائما في خدمة القوى الاستكبارية الظالمة (الا ما ندر بوجود امناء عاميين اكفاء واصحاب ضمائر حية) ودول مثل السعودية التي تستطيع عبر الاموال الطائلة التي ليست ملكها ان تشتري بها الذمم وتدفع الخاوات لاحقاق الباطل وابطال الحق وتبرئة المجرم والقصاص من الضحية، انها مأساة مؤلمة لكنها لن تدوم طويلا باذن الله لان حق والحقيقة باقية والظلم والعدوان زائل ومندثر وهذا ما سيشهده جيلنا الحاضر انشاء الله.