kayhan.ir

رمز الخبر: 39613
تأريخ النشر : 2016June05 - 18:21

مُلاحظات على هامش خطاب تضامني !!

ثريا عاصي

أسست اتفاقية أوسلو التي وقعها في 13 أيلول 1993، في حديقة القصر الرئاسي الأميركي، البيت الأبيض، المستعمرون الإسرائيليون مع منظمة التحرير الفلسطينية، أسست هذه الإتفاقية في الأوساط التقدمية الغربية لخطاب سياسي، تضامني مع القضية الفلسطينية، يكاد أن يحصر هذه الأخيره في الضفة الغربية وفي قطاع غزة، تحت عدد من العناوين: المستعمرات، جدار الفصل، مقاطعة المنتجات الإسرائيلية في الضفة، حصار قطاع غزة، الإعتداءات المتتالية على القطاع!

من البديهي اني أمنح تأييدي إلى هذا الخطاب. وأقدر عالياً أنشطة التيارات التقدمية الغربية في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان وعن حق الشعوب في مقاومة الإستعمار وفي تقرير مصيرها.

أعتقد أن فعالية هذه التيارات التقدمية في دعم القضية الفلسطينية، ستكون أقوى وأوسع لو اشتمل ذلك على المساعدة في تنمية حركات مناهضة للإستعمار والعنصرية، فلسطينة وإسرائيلية، وعلى التعاون معها في حقول التوعية والتظاهرات التضامنية مع الفلسطينيين ومع غيرهم من المعذبين في الأرض!

تجدر الملاحظة في هذا السياق، انه يبدووكأن الناشطين التقدميين في الغرب وجدوا في اتفاقية أوسلوباباً للخروج من وضع مزعج يجنبهم إلى درجة ما هجمات حراس إسرائيل. فهم يكتفون بإنتقاد السياسة الإسرائيلية في «الأراضي الفلسطينية المحتلة» أي في الضفة الغربية وفي قطاع غزة. ويغضون الطرف عن الأوضاع في المناطق الواقعة «ما بعد الخط الأخضر». كأن الأمور داخل حدود «دولة اسرائيل» هي على أحسن ما يرام رغم أن هذه الأخيرة أنشئت في إطار مشروع إستعماري بريطاني، تجسد في سنة 1917بوعد بلفور، رئيس وزراء بريطاني، بالعمل على إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.

ما أود قوله هنا، هو أن «دولة إسرائيل» ما كانت لتتحقق لولا الإستعمار البريطاني، هذا من ناحية، أما ناحية ثانية، فإن هذه الدولة تأسست على الغاء أوإقصاء مئات الآلاف من الناس الذي أجبروا على سلوك طريق المنفى. فهم يسكنون «مخيمات اللاجئين» منذ سنة 1948.

بكلام صريح وواضح، ليس المطلوب الآن الإنتقام والإستمرار في الحروب العبثية تحت ذرائع وهمية. ولكن إنسانياً وأخلاقياً، يتوجب على المجتمع الدولي الذي شارك ويشارك في تنفيذ مراحل المشروع الإستعماري الإسرائيلي الإستيطاني، مرحلة تلو مرحلة… على هذا المحتمع الدولي المتطور علمياً وتقنياً وبما يمتلك من أسباب القوة، أن يتحمل مسؤولية ضلوعه في الجرائم التي تعرض لها الفلسطينيون، بالضغط عليه من أجل أن يتوقف عن اعتراض البحث عن حلول سياسية وإجتماعية وإقتصادية ناجعة لقضية اللاجئين الفلسطينيين. إذ يمكن القول والقطع بأن الإمبريالية الأميركية ـ الأوروبية هي أصل المشكلة. كونها تتواجد في الراهن في جميع البلاد العربية تقريباً، وترتهن دولها بحيث يمكننا أن ننعت هذه البلاد بنصف المستعمرة. ينجم عنه أن هذه الأخيرة عاجزة عن الإنخراط في حرب تحرير وطنية للتخلص من الإستعمار!

ما يثير الحيرة في هذه المسألة، هوبحسب رأيي ديمومة الإعتقاد، في الأوساط التقدمية الغربية، بأن ما جرى ويجري، في العراق وليبيا وسورية واليمن وتونس ومصر، إنما هي «ثورات» أوبالأحرى انتفاضات شعبية كردة فعل على فساد الطغمة الحاكمة وعلى طغيان الحاكم.

الغريب أن هذا الإعتقاد لم يتأثر بالمعطيات التي تفيد بأن شروط الثورة غير متوفرة في البلاد المذكورة. فدرجات الوعي الشعبي في تراجع مطرد منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي. لولا ذلك لما استطاعت، غالبية نظم الحكم العربية، عقد اتفاقيات مصالحة مع إسرائيل: كامب دافيد ـ مصر، أوسلوـ منظمة التحرير الفلسطينية، وادي عربة ـ الأردن… هل نصدق الرئيس الأميركي «أن الرب أمرني بأن أقضي على الطغيان في العراق»؟ تحطم العراق.

لم يكن القصد في ليبيا هوالتخلص من معمر القذافي؟ تمزقت ليبيا. دمرت سورية وغرق السوريون في بحر من الدم. لأن وزيراً فرنسياً قال «أن السيد بشار الأسد لا يستحق أن يبقى على وجه الأرض»!! الإخوان المسلمون، الوهابيون، العثمانيون الجدد، القاعدة، مشايخ الخليج، والأمبريالية الأميركية ـ الأوروبية، لا يصنعون ثورة. يكفي أن نفتح أعيننا! والا نحكم على الأمور المعقدة استناداً إلى مبادئ بسيطة!

اللافت، ان الفلسطينيين طردوا من الكويت عندما حررها الأميركيون. أخرج الغزاة الأميركيون الفلسطينيين من العراق. صارت أكثر مخيمات اللاجئيين الفلسطينيين في لبنان أثراً بعد عين أثناء الحروب اللبنانية. أشرف الإسرائيليون في بيروت على تنفيذ مجزرتي صبرا وشاتيلا. أما في سورية فمن المحتمل أن «داعش» والقاعدة والأخوان المسلمين امتصوا مخيمات اللاجئين! عندما نعلم أن هذه المخيمات كانت ذاكرة القضية الفلسطينية، وكانت أيضاً مدرسة لحركة التحرر العربية نستدرك الخطأ. أن تحالفاً يضم الولايات المتحدة الأميركية ومعاونيها في أوروبا، إلى جانب أتباعها وعملائها، لا يكون في صالح الشعوب. مجمل القول إن فلسطين هي أكبر من الضفة الغربية وقطاع غزة، أكبر من الحكام. إنها قضية مصير ووجود!