واشنطن الوجه السيء في العراق
مهدي منصوري
جاء في تقرير لوكالة "الاسيوشيتدبرس" الاميركية ان التحالف الدولي بقيادة اميركا ضد داعش نفذ منذ اغسطس /اب 2014 لحد الان اكثر من 5 الاف غارة جوية ضد داعش وتحمل تكاليف ما مجموعة 7 مليارات دولار لتنفيذ عملياته في العراق وسوريا وتخلص الوكالة بالقول الا "ان الكثير من العراقيين لايزالون غير مقتنعين بان اميركا الى جانبهم".
وعند الوقوف على هذا التقرير لابد ان نسلط الضوء على مسألة مهمة جدا بحيث يمكن ان نصل بها الى مااقتنع به العراقيون وذلك من خلال معادلة حسابية بسيطة ، لو ان الاميركان كانوا جادين في محاربة داعش ولو كانت الخمسة الاف غارة تستهدف الارهابيين بالصميم لما وجدنا لداعش وجود اليوم، ولو ان كل غارة قتلت على اقل التقادير واحدا وليس اكثر من الدواعش لكان عدد الذين ذهبوا الى الجحيم من الدواعش سيكون خمسة الاف وهذا عدد لايستهان به وقد يسبب ليس ارباكا في صفوف الارهابيين بل انه يزعزع كل قواهم.
ولكن المراقبين والمتابعين ليس فقط للغارات التي نفذتها واشنطن بل للاعمال الاخرى التي رافقت تلك الغارات توضح وبصورة لا تقبل النقاش انها قد قدمت الدعم اللازم وضمن خطة مبرمجة في ان يبقى داعش الارهابي في كل من العراق وسوريا قويا مقتدرا، وان لايناله اي ضعف او انهيار، وقد ذكرت اوساط اعلامية في تقارير لها عما تقوم به اميركا في دعم داعش ونذكر هنا حادثة واحدة تقول ففي شهر ابريل من العام الماضي وعندما كانت القوات العراقية تستعد لدخول مدينة تكريت قامت مروحيتان اميركيتان باجلاء كبار قادة ارهابيي داعش من هذه المدينة"، ويستمر التقرير في سرد بعض التفاصيل الاخرى والتي تؤكد دعم الاميركيين لداعش من انه وبعد شهور من الحادثة السابقة وخلال عملية استعادة سيطرة الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي على مصفاة بيجي ارسلت اميركا الاسلحة والذخائر والمواد الغذائية لارهابيين داعش هناك." معللة ذلك انها جاءت عن طريق الخطأ، والسؤال الذي يتبادر الى الذهن هل يصدق او يعقل ان اميركا التي تتمتع بقدرات استخبارية متطورة ان ترسل الاسلحة والمواد الغذائية وتخلي قادة داعش عن طريق الخطأ؟.
ومن خلال ما تقدم يطرح التساؤل نفسه وهو كيف يمكن للعراقيين ومن خلال هذه المعلومات الموثقة ان لا يشككوا في مصداقية اميركا في محاربة داعش؟.
وبنفس الوقت والذي لابد من الاشارة اليه ان القناعة العراقية قد وصلت الى ابعد من التشكيك بل وصلت الى حد اليقين ان واشنطن هي التي اوجدت داعش الارهابية لاثارة الفوضى والاضطرابات ليس في العراق فحسب بل في المنطقة ليتسنى لها الاستيلاء على ثرواتها.
والملاحظ ايضا ان العراقيين لايزالون يرون ان السبب الاساس في حالة الفوضى التي يعيشها المشهد العراقي السياسي والامني هي واشنطن من خلال تدخلها السلبي في الشأن العراقي من اجل فرض ارادتها على هذا الشعب لكي يسير ضمن المسار التي اخطته للعراق منذ غزوها عام 2003.
وفي نهاية المطاف وبناء على ما تقدم لابد ان تذكر ان العراقيين ومن خلال سجل واشنطن الاسود المفعم بالجرائم لوقوفها وراء التفجيرات التي كانت تزهق ارواحهم في المدن والمحافظات من اجل اثارة الفتنة الطائفية والاقتتال الداخلي وكذلك دعمها المباشر للارهاب من خلال استهداف قوات الحشد الشعبي في عدة مرات من اجل ايقاف زحفهم للقضاء على وليدها المدلل. لذلك فان ما ذكرته الاسوشيتدبرس لم يكن الا غيض من فيض بل ان العراقيين اليوم يطالبون حكومتهم بقطع ايادي الاميركان وفي كل مفاصل الحياة السياسية والعسكرية ، وقد وضح ذلك عندما رفضت القوات العسكرية خاصة ابناء الحشد الشعبي اي تعاون مع الاميركان في مواجهتهم لداعش وتحرير المدن لانهم يدركون انه وبوجودها ستعرقل العمليات وتقف حجر عثرة امام اندحار الارهاب والارهابيين.