kayhan.ir

رمز الخبر: 37544
تأريخ النشر : 2016April26 - 20:08

سياسة "سلوك القطيع" السعودية


علاء الرضائي

سلوك القطيع أو Herd Behavior نظرية طرحها عالم الاحياء البريطاني ويليام دونالد هاملتون (1936 ـ 2000) تتعلق باسباب سلوك افراد القطيع ودوافع انجرارهم مع الجمع دون تفكير.. ثم اسقطت النظرية على علم النفس الاجتماعي والسلوك الاقتصادي والسياسي.

ويطلق هذا النوع من السلوك على الافراد في الجماعة عندما يتصرفون بسلوك الجماعة التي ينتمون لها دون كثير من التفكير او التخطيط مع انهم يتحركون بدافع مصلحتهم الذاتية.

وبدأ اسقاط النظرية بشرياً من الاقتصاد ودراسة سلوك الاشخاص في اسواق الاسهم (البورصات) حيث لوحظ ان المتعامل يبدأ بالبيع لمجرد ان الاخرين يبدأون بالبيع عند سقوط الاسهم.. ثم تسرت النظرية الى عالم السياسية لدى المتظاهرين والهاربين من مناطق النزاع والحروب...

وسلوك القطيع ـ بديهيا ـ يحتاج الى متزعم يتقدم ويفرض رؤيته وسلوكه على الآخرين، من خلال تميّزه او استشرافه لخطر محدق يمكن ان يصيب الجماعة باسرها للخصائص المشتركة الموجودة بين افرادها..

على سبيل المثال نظام سياسي له امكانيات مالية واعلامية كبيرة ويطرح نفسه كمقدس ديني.. هذا النظام يستطيع ان يتقدم على انظمة فقيرة لا تملك المال والامبراطوريات الاعلامية ولا يوجد فيها "مسحة من القداسة"!

بشكل وأوضح المملكة الوهابية السعودية مثال بارز لهذه النظرية...

أما بالنسبة للانظمة الخارجة عن سيطرتها، لاسباب تتعلق بالعمق الحضاري والتاريخي والتنوع الثقافي والسكاني والقوة البشرية ووجود جيوش قوية ومقاتلة وعمق علمي وفكري وكم من الانتاج الاقتصادي والفني، فهذه يجب تدميرها لكي لا تتحول عناصر القطيع اليها، بل يتم السعي وبمختلف الطرق ومن خلال سياسة "الجزرة والعصا" وان امتنعت بالحرب لتحويلها الى واحدة من القطيع.. كما هو المقصود من تدمير العراق وسوريا وليبيا ولبنان واليمن ومصر حتى.

ان التدمير الممنهج للدول التي ذكرناها بعد العجز عن ادخالها ضمن القطيع السعودي او القطري او التركي (وجميع هذه القطعان تابعة بالنهاية للقطيع الاميركي وفق نظرية "المركز والاقمار")، كما جرى ادخال الاردن والمغرب والسودان وجيبوتي وجزر القمر، هو استراتيجية يتفق عليها "قادة الامة العربية الجدد!" من الاعراب مع الاسياد في واشنطن وتل ابيب، وفقا للمنطق الاميركي الذي تتبعه الشقيقات الخليجيات دون تفكير او تأمل "من لم يقف معنا فهو عدونا"!

السعودية تستشيط غضبا وتزبد وترعد وتعلن الحرب "المقدسة" على لبنان لانه اهان "كرامتها" ولم يصوت لها ضد ايران ولم يوقع على ادعاءاتها في تجريم حزب الله، أحد أهم مكوناته السياسية والشعبية.. والسبب هو انه غير مسموح للبنان (وفق المنطق السعودي) ان تكون له علاقات مستقلة خارج نطاق القطيع السعودي!

نفس الاسباب كانت وراء ما قام به القطيع الاميركي لتدمير سوريا واعلان الحرب الكونية عليها او اليمن التي لازال القطيع الاعرابي يزخ فوق رؤوس اهله قنابله وصواريخه منذ اكثر من عام.. انظروا كيف ان كل القطيع شارك في الحرب على هذين البلدين.. لانه لم يتصرف وفق قواعد اللعبة الاميركية (القطيع) ولانهما يفكران ولهما كيانين مستقلين وكل منهما يحترم نفسه وتاريخه ولا يتأثر بالفوبيا التي تهيمن على نفوس القطيع الاميركي ولا يخضع لها...

وفي سلوكية القطيع هناك عامل اساسي يدفع بهم نحوه، هو الخوف، لذلك ترى ان هذه البلدان الخليجية ثابتة على خوفها وجميع الاشياء تتغير، ولذلك ترى السعودية وشقيقاتها الخليجيات في ذعر ورهاب دائم، وهو ما تريد السعودية توسيع نطاقه الى باقي الدول العربية والاسلامية، ليزداد حجم القطيع الاميركي!

ومن هذا المنطلق تراها تتحدث ليل نهار عن "التهديد الايراني" و"التدخل في الشؤون العربية"، مستخدمة الاعلاف (البترودولار) والفزاعات (الاعلام).. بينما وبنظرة بسيطة لا يوجد اي سبب ومدعاة لخوفها ورهابها من ايران، لانه:

1. هناك حماية دولية لهذه الانظمة القلقة والخائفة من قبل اكبر قوة في العالم كما يقولون، ومعها كل اوروبا والناتو.. فقد تعهدوا لهم بحماية عروشهم منذ عشرينيات القرن الماضي مقابل الخدمة والعمالة...

2. حجم المشتريات من السلاح والذخيرة التي بلغت مئات مليارات الدولارات، بما جعلها تتقدم في انفاقها على دول عظمى تتنوع وتنتشر مصالحها والتحديات التي تواجهها في كل مناطق العالم.. فالسلاح الذي تملكه السعودية وشقيقاتها الخليجيات يعادل اضعاف ما لدى ايران وهو من احدث الاسلحة الغربية والشرقية، لكنها لاتزال تخاف من الصواريخ الايرانية والزحف الحوثي!

3. على مدى 500 سنة لم يشهد التاريخ ان ايران شنت حربا على بلد، بلعكس كانت دائما تدافع عن نفسها ازاء اعتداءات الاخرين، في حين ان هذه البلدان التي يصغر عمر نظامها السياسي عن عمري أنا! شنت الحروب والعدوان لمرات عديدة على جيرانها وغير جيرانها ولاتزال...

ان ما قامت به الولايات المتحدة والغرب عموما في مشروع "ايران فوبيا" كان هدفه سياسة "سلوك القطيع" الخليجية والعربية والعالمية وحشد الموقف العالمي ضمن قطيعها الذي تقوده.. وهو ما تقوم به السعودية حاليا من هجمة اعلامية مسعورة وسياسية ضد الجمهورية الاسلامية والذي يمكن ان نسميه بـ"القطيع العربي" و"القطيع الاسلامي" وقد اضيف لها مؤخرا "القطيع الملكي العربي!".

دخل بعض الخرفان العرب (حسب تعبير سابق للقطري حمد بن جاسم آل ثاني) في القطيع السعودي وكان آخرهم ملك الأردن، لان كميات الاعلاف زادت في الحضيرة السعودية، لكن كل ذلك لم يشفع له فقد استبعد عن قطيع "الملكيات العربية"...

هؤلاء جميعا وفي ضوء سلوك القطيع يتحدثون اليوم عن "التهديد الايراني".. ولانهم قطيع لا يشعرون بالتهديد الصهيوني او انهم مجبرون على كل ما يريده صاحب القطيع، ما دام الخيار بين ذبح بلد وشعب او ذبح خروف يسمى رئيساً او أميراً او ملكاً!