العراق سقوط المؤامرة
سعود الساعدي
اتضح بجلاء أن ما جرى في العراق فيما سُمي بـ ” غزوة الموصل ” وما بعدها لم يكن إلا تكتيكاً من تكتيكات الاستهداف الممنهج والمبرمج للعراق فمنذ اليوم الذي دُفع فيه النظام الصدامي الأرعن لمواجهة الجمهورية الاسلامية الفتية – لإيقاف تداعيات الثورة الاسلامية وزوبعة الوعي وحركة الصحوة على المنطقة التي فجرها الامام الخميني الراحل رض – في محاولة لاستنزاف البلدين ومقدراتهما مروراً بالحصار الاميركي على الشعب العراقي في مرحلة الاستنزاف الثانية لتهيئة مستلزمات ومقدمات الغزو الاميركي للعراق في 2003 الذي تحالفت وساهمت معه نفس القوى التي تقود التمرد اليوم ممن كانت قد استسلمت لاحتلال العراق واشتركت في نهب ثرواته وتحطيم هويته ومسخ شخصيته ونسف بنيته التحتية وفرط عقد جيشه في زمن الاحتلال.
ما يجري اليوم هو محاولة لإعادة رسم المشهد الديموغرافي في العراق – كمدخل لترسيم خرائط المنطقة بعد الفشل في سوريا وفرض الارادة الاميركية تنفيذا للمخططات الصهيونية – والهيمنة عليه من ايتام النظام البائد من خلال اغتيال العملية السياسية الحالية والتأسيس لعملية جديدة بمقاسات كردية وبعثية طائفية عملت على المتاجرة بدماء العراقيين وخصوصا ابناء المناطق السنية الذين اندفع بعضهم بفعل الإثارات الطائفية الى ساحات الفتنة بتخطيط محكم من مخابرات دولية واقليمية رافضة لسياسات الحكومة العراقية المنسجمة مع محور موسكو / طهران / دمشق ومستغلة لثغرات العملية السياسية وقصور وتقصير غالبية أركانها.
فقد كشفت صحيفة "أوزغور غونديم” الكردية التابعة لـ”حزب العمال الكردستاني” والصادرة باللغة التركية قبل ايام عما وصفته بالخطة الكاملة التي هيأت لاحتلال الموصل وباقي المناطق العراقية من قبل تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام” "داعش”.
وقالت الصحيفة أن الخطة وضعت في اجتماع عقد في العاصمة الاردنية عمان في الأول من حزيران الماضي وهو اليوم الذي بدأت فيه "غزوة داعش” للعراق برعاية من الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية والأردن وتركيا.
وذكرت الصحيفة أن "رئيس” إقليم كردستان مسعود البرزاني نفسه هيأ للاجتماع بوصوله إلى عمان قبل أربعة أيام من الاجتماع. وقالت الصحيفة ان وثائق الاجتماع قد باعها احد الأشخاص الذين شاركوا في الاجتماع بمبلغ اربعة ملايين الى المسؤولين العراقيين وقد كشفها للصحيفة موظف ديبلوماسي عمل في الشرق الأوسط فترة طويلة.
وشارك في الاجتماع كل من رئيس الاستخبارات الاردنية وممثل الملك صالح القلاب و”الحزب الديموقراطي الكردستاني” ممثلا بآزاد برواري ونائب رئيس الاستخبارات الكردية مسرور البرزاني المعروف بـ”جمعة”. كما حضر ممثلون عن "البعث” وعزة الدوري باسم "الحركة النقشبندية” ومندوبان عن "جيش المجاهدين” منهم شخص اسمه أبو ماهر وشخص بإسم سيف الدين عن "أنصار الإسلام” و”جيش أنصار السنة” و”جيش الطائفة المنصورة” الذي يتشكل من المغاربة والجزائريين و”كتائب ثورة العشرين” و”جيش الإسلام” و”شورى أنصار التوحيد” وشخص ليبي موجود الآن في الموصل.
وكان هدف الاجتماع احتلال الموصل والتقدم باتجاه بغداد. وقد عقد المؤتمر في عمان بمشاركة عدد كبير من المعنيين بشؤون الشرق الأوسط، وبرعاية الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل وتركيا.
وقد تقررت خطة احتلال الموصل وصولا إلى بغداد بعدما لم تنجح هذه القوى بفرض هيمنتها على العراق كما ترغب بعد التخلص من صدام. وذكرت الصحيفة إن ديبلوماسيا عريقا عمل لسنوات في الشرق الأوسط هو الذي أظهر النسخة الأصلية للاجتماع التي باعها شخص شارك فيه.
ويقول الديبلوماسي العريق للصحيفة إن الهدف من وراء كل ذلك هو خلق المزيد من الفوضى في الشرق الأوسط وهذا يصب في مصلحة الولايات المتحدة وإسرائيل. ويضيف: إن هذا المناخ يفيد أيضا القوى السلفية في المنطقة للتقدم نحو تحقيق أهدافها واكتساب المزيد من القوة. ( على حد تعبير الصحيفة).