kayhan.ir

رمز الخبر: 3508
تأريخ النشر : 2014July09 - 19:58

واشنطن تقود العالم نحو الحرب

وأخيراً، وصلت المدرعات حقاً وحقيقة ! لقد كانت برلين محقة جزئياً، فكل ما في الأمر أن المدرعات لم تأت من روسيا بل من أوكرانيا...!

ترجمة :عقيل الشيخ حسين


الأميركيون ينفذون بلا هوادة مخططهم للتغلغل في شرقي أوروبا وهدفهم النهائي هو روسيا وموسكو.

وهذا أمر يعرفه فلاديمير بوتين بالتأكيد. لا تنسوا أنه كان يعمل في جهاز الاستخبارات الروسي.

بالنسبة لما ستتطور إليه الأحداث، عليكم دائماَ أن تحتفظوا في ذهنكم بهذا التفصيل الوارد في نبوءة العراف الإفريقي الجنوبي نيكولاس فان رنسبورغ :

اغتيال مسؤول شيوعي خارج أحد المباني الكبرى.

إذ بالرغم من عدم تحقق الأحداث المذكورة قبل هذا الحدث حتى الآن، فإنني أعتقد أن بإمكان ذلك أن يشكل مؤشراً جدياً... بالنظر إلى ما هو مذكور بعد هذا الحدث. فوق ذلك، ليس هذا العراف هو الوحيد الذي ركز على هذا الحدث.

وهذا ما جعلني أفطن إلى ذلك، دون أن يكون من الممكن أن نعرف إلى متى ستستمر هذه الأزمة الأوكرانية. خلال فترة قصيرة (أقل من عام واحد)، يمكن للمراحل المذكورة قبل ذلك الحدث أن تتحقق.

من هنا تأتي ضرورة استباق الأمور وفضح اللعبة الخبيثة التي تلعبها واشنطن ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم.

ولجميع الأسباب التي ذكرتها، أظن أن الانتباه ضروري لأن الأميركيين يتصفون بالغرور، ولأننا قد نكون وراء الأحداث لا أمامها.

مع تحيات من يحبكم حتى الجنون.

في الوقت الذي قرر فيه الناتو إرسال المزيد من السفن الحربية نحو أوكرانيا، كانت منطقة أوديسا تعلن نفسها، من طرف واحد، جمهورية ذات حكم ذاتي (جمهورية تضاف إلى سابقاتها في هذا المجال). ست عربات مدرعة أوكرانية تنشق عن الجيش الأوكراني (وإحداها ترفع العلم الروسي)، وجاء انشقاقها بعد أن لاحظت طواقمها أن من توجه إليهم تهمة الإرهاب هم في الحقيقة من المدنيين. من جهتها، وكالة الصحافة الفرنسية (AFP) تواصل بث أكاذيبها عندما تضع العنوان التالي : "مدرعات ورجال مسلحون يرفعون العلم الروسي شوهدوا في كراماتورسك وهم يشيعون الاضطراب في ظل تدخل روسيا في الانتفاضة". وقد سقط خلال هذا اليوم الأول من الحرب الأهلية 11 قتيلاً وبعض العسكريين رفضوا التدخل.

من جهته، أكد المحلل المالي في مجلة Executive Intelligence Review، لورنس فيمان، أن الغرب قد انخرط في الحرب من أجل التغطية على هزيمته الاقتصادية الشاملة، ولكن ايضاً بهدف منع روسيا والصين من الاستفادة من هذا الوضع واحتلال موقع الولايات المتحدة في الهيمنة على النظام العالمي القادم (وهذا أمر لا يحول دونه شيء لأن اقتصادنا أصبح قتبلة موقوتة). أما العقوبات المتخذة بحق روسيا، فإنها لا تفعل غير وضع اللمسات الأخيرة على مصير اقتصادنا. وفيما يخص الجهات التي لم تفرض بعد مثل هذه العقوبات، يبدو أن الأجدر بنا هو اتباع نصائح وزير الدفاع السويسري الذي صرح مؤخراً بأنه بصدد اتخاذ احتياطات ذات طابع حربي يفرضها عدم الاستقرار الأمني.

لقد تم إرسال مدير الوكالة المركزية للاستخبارات الأميركية إلى كييف لكي يطلق عملية استئصال عسكري للانفصاليين الروس في جنوب وشرق أوكرانيا، وهي مناطق كانت بمعظمها تابعة لروسيا قبل أن يتم منحها بغباء إلى أوكرانيا في العهد السوفياتي.

مخطط واشنطن الهادف إلى وضع اليد على أوكرانيا فاته أن الروس والمناطق الأوكرانية التي يتكلم سكانها باللغة الروسية لن يوافقوا على دمجهم في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو عبر إخضاعهم للاضطهاد من قبل أناس يتكلمون الروسية. وقد فقدت واشنطن منطقة القرم التي كانت تسعى إلى طرد روسيا من قاعدتها العسكرية على البحر الأسود. وبدلاً من أن تدرك أن مخططها للاستيلاء على أوكرانيا قد فشل، تبدو واشنطن عاجزة عن الإقرار بأنها أخطأت. ولهذا، فإنها تدفع الأمور نحو مستويات أشد خطورة.

وإذا حدث لأوكرانيا أن تفككت بالتوازي مع عودة مناطقها الروسية إلى الحضن الروسي، فإن العار سيلاحق واشنطن لأن الانقلاب الذي دبرته في كييف لم يفعل غير إعادة تلك المناطق إلى روسيا. ولكي تتجنب واشنطن مثل هذا التطور، فإنها تدفع بالأمور نحو الحرب.

وقد قام مدير المخابرات المركزية الأميركية بإعلام حكومة أوكرانيا بأن واشنطن تريد لكييف أن تطلب مساعدة من الأمم المتحدة بهدف طرد "الإرهابيين" الذين يهاجمون أوكرانيا بدعم روسي مزعوم. فحق تقرير المصير الذي تطالب به المناطق الجنوبية والشرقية في أوكرانيا ما هو، في خطاب واشنطن، غير دليل على التدخل الروسي. وبما أن الأمم المتحدة تحصل على التمويل بشكل أساسي من واشنطن، فإن واشنطن ستحصل على ما تريده من المنظمة الدولية.

لقد سبق للحكومة الروسية أن أوضحت منذ أسابيع أن استخدام العنف بحق المتظاهرين في جنوب وشرق أوكرانيا سيجبر روسيا على إرسال جيشها للدفاع عن الرعايا الروس، تماماً كما سبق لها أن فعلت في أوسيتيا الجنوبية عندما أمرت واشنطن عميلها الجورجي [ساكاشفيلي] بمهاجمة الجيش المكلف بحماية السلام والسكان الروس في تلك المنطقة.

فواشنطن تعلم جيداً أن الحكومة الروسية لا يمكنها أن تبقى مكتوفة اليدين في وقت تقوم فيه حكومة هي ألعوبة بيد واشنطن بمهاجمة الروس. وبهذا المعنى، فإن واشنطن تدفع بالأزمة الحالية نحو الحرب.

إن الخطر بالنسبة للحكومة الروسية هو في كونها ستعتمد على الديبلوماسية، والمنظمات الدولية، والتعاون الدولي، وكذلك على الحس السليم وعلى مصالح سياسيين ألمان ومن دول أوروبية أخرى هي كلها ألاعيب بيد واشنطن.

ذلكم ما قد يكون خطأً قاتلاً ترتكبه الحكومة الروسية. لا وجود مطلقاً لحسن النية عند واشنطن، إذ ليس عندها إلا الكذب. إن الانتظار الروسي يمنح واشنطن الفرصة لحشد قواتها على الحدود مع روسيا وفي البحر الأسود، وكذلك لشيطنة روسيا عن طريق القصف الإعلامي الموجه إلى المواطنين الأميركيين في ظل وضع يسوده الجنون الحربي. إن ذلك هو ما يحصل الآن.

لقد قام جون كيري بإفهام لافروف أن واشنطن لا تصغي مطلقاً لموسكو. وبما أن واشنطن تكافئ صنائعها الأوروبيين، فإن هؤلاء لا يصغون بدورهم لروسيا. فالمال هو بالنسبة للسياسيين الأوروبيين أكثر أهمية بكثير من بقاء البشرية.

إني أعتقد أن واشنطن لا تريد للأزمة الأوكرانية أن تحل بطريقة ديبلومسية ومعقولة. من هنا، فإنه من الأصلح لروسيا على الأرجح أن تتحرك فوراً وأن تحتل المقاطعات الروسية في جنوب وشرق أوكرانيا وأن تستوعبها داخل روسيا. ذلك ما يفرض نفسه بالدرجة الأولى، وينبغي لروسيا أن تفعل ذلك قبل أن تستكمل الولايات المتحدة وأدواتها في الناتو استعدادهم للحرب. فالواقع أن من الصعب على واشنطن أن تشرع في حرب عندما تكون قد فقدت ما تطمح إلى كسبه في تلك الحرب. فروسيا ستتعرض للشيطنة بلا هوادة عن طريق القصف الإعلامي سواء استعادت أم لم تستعد المقاطعات الروسية في أوكرانيا. وإذا ما سمحت روسيا للولايات المتحدة باكتساح تلك المقاطعات، فإنها ستفقد هيبتها، كما أن سلطة الحكومة الروسية سيصيبها الانهيار. وهذا ما قد تكون واشنطن بصدد التعويل عليه.

إذا ما بقيت حكومة بوتين مكتوفة الأيدي، في وقت تتعرض فيه أوكرانيا الروسية للشطب، فإن هيبة بوتين ستسقط وستقوم الولايات المتحدة بالإجهاز على الحكومة الروسية عن طريق مئات المنظمات غير الحكومية التي تمولها داخل روسيا والتي تغابت الحكومة الروسية عندما تركتها تمارس أنشطتها على الأراضي الروسية. إن روسيا مفخخة بألغام الطابور الخامس المزروع من قبل واشنطن.

وبرأيي إن الحكومتين الروسية والصينية قد ارتكبتا أخطاء كارثية عندما بقيتا داخل نظام الدفع الدولي القائم على الدولار. على دول البريكس وكل دولة أخرى تمتلك ولو مقداراً ضئيلاً من المخ أن تهجر على الفور نظام الدولار الذي يشكل آلية حياة الامبريالية الأميركية. على بلدان البريكس أن تنشئ فوراً نظام دفع خاصا بها وكذلك أنظمة اتصال وإنترنت خاصة بها أيضاً.

لقد ارتكبت كل من روسيا والصين أخطاءً استراتيجية لأنها صدقت بسذاجة بفعل الإخفاقات الشيوعية والأوضاع القمعية، أن واشنطن صادقة ومخلصة تماماً للدعاية التي تقدم نفسها من خلالها على أنها الحصان الأبيض الذي يعمل للقانون والعدل والرحمة وحقوق الإنسان.

فالحقيقة أن الولايات المتحدة، ذلك البلد "الاستثنائي" و"الذي لا غنى عنه"، لا يهمها غير فرض سيطرتها على العالم. وبما أن روسيا والصين وإيران تقف عائقاً أمام مساعي واشنطن، فإن هذه الأخيرة لا تجد بداً من مهاجمتها.

إن معالم الهجوم على روسيا تتضح يوماَ بعد يوم.