انتخاباتنا.. احراج للغرب وازعاج لذيوله
علامة فارقة وفارقة جدا ترتسم اعلى جبين الثورة الاسلامية من انها ارست قواعد دولتها الاسلامية العصرية منذ اليوم الاول لبنائها انطلاقا من صوت الناخب الايراني الذي هو الاساس في تحديد مسار البلاد ومستقبله وهذا ما لمسه العالم حيث لم يمض على انتصار الثورة الاسلامية سوى 43 يوما حتى اعلى الامام الخميني قدس سره اجراء اول انتخابات للاقتراع على نظام الجمهورية الاسلامية وقد بهرت العالم اجمع حيث كانت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات اكثر من 98% وهكذا استمرت الانتخابات تلو الانتخابات في ايران في وقت لم تعرف دول المنطقة واقع الديمقراطية ولم تشهد نمطا من هذه الانتخابات.
لكن ما شهدته ايران بالامس من انتخابات نيابية بعيدا عمن سيشكل الاغلبية في المجلس القادم كان فريدا ليس في ايران فحسب بل في العالم اجمع لان الانتخابات النيابية عادة ما تكون المشاركة فيها متواضعة، الا ان ما شهد العالم بالامس من خلال شاشات التلفاز يكاد ان لا يصدق ما يراه لكن الصور اثبت عمق الحضور الايراني عند صناديق الاقتراع ومنذ الصباح الباكر وحتى قبيل ان تفتح هذه المراكز ابوابها اصطف الناس في طوابير طويلة استعدادا لاداء هذا الواجب الديني والوطني.
ان حماسة الشعب الايراني بالامس وزحفه المقدس نحو صناديق الاقتراع ادهش العالم واثبت للاعداء قبل الاصدقاء ان الغرب ليس اليوم بمقدوره الدخول في عملية للمزايدة على نظام الجمهورية الاسلامية حول مسار الديمقراطية وتطبيقها وفعلا كلما تجري انتخابات في بلادنا فان ناقوس الخطر والقلق يدك حصون اعدائنا خاصة في الغرب حيث يسوقون لشعوبهم صورة قائمة عن النظام الاسلامي في ايران لكن عندما يرون بانفسهم المشاهد الرائعة لهذه الانتخابات وتقارير بعض المراسلين الشرفاء الذين وفد المئات منهم هذه المرة ايضا لتغطيتها يصطدمون بالواقع وهذا مايسبب بالفعل احراج شديد للحكومات الغربية في مواقفها تجاه ايران اولا ومن ثم حمايتها للحكومات المستبدة في المنطقة وعلى رأسها النظام السعودي المتخلف الذي لم تعرف حرفا عن الديمقراطية وهو في نفس ازعاج شديد له وامثاله حيث يجدون انفسهم في مأزق وكأبة لا يعرفون كيف الخروج منهما.
والاقبال الكثيف والمنقطع النظير لشعبنا بالامس شكل صدمة كبيرة لاعداء ايران الذين حصروا في زاوية حرجة بعد ان طبلوا طويلا ان هذه الانتخابات محصورة على طيف واحد لكن حضور المرشحين من مختلف الاطياف السياسية بالامس كانت لقمة حجر اخرستهم واثبت للعالم انها عملية ديمقراطية بكل ما للكلمة من معنى وهذا ما اعترف به اكثر المراسلين خاصة الغربيين لم يألفوا مثل هذه الانتخابات الحماسية المكثفة في بلدانهم لكن في النهاية يبقي الاعداء مصرين على غضبهم ولايمكنهم القبول بالواقع وربما اسخف نكتة سمعتها في عمري ما خرجت بها الـ "سي ان ان" لوصفها هذه الحيوية الحاسية والاقبال العظيم للشعب الايراني بانه يكشف "عمق الصراع الداخلي في ايران".
انها كارثة في عالم السياسة ان توصم احد اكبر وافضل الانتخابات التشريعية في العالم ديمقراطية وشعبية بانها دليل على صراع داخلي وليس تنافسا انتخابيا مع شهادة عالمية بان الانتخابات الايرانية التي تجاوزت الثلاثين من نوعها لم تشهد اي عمليات عنف او اخلال حين اجرائها لكن ما شهدته ايران بعد انتخابات 88 كان امر آخر بهدف الالتفاف على اكبر عملية كانت تعتبر ثورة في عالم الانتخابات من انها سجلت نسبة تجاوزت 85%.
ان انتخابات الامس كانت حقا يوما انتخابيا بامتياز ستضخ دماء جديدة في مؤسسات الدولة خاصة وان مؤسستي مجلس خبراء القيادة ومجلس الشورى الاسلامي يضطلعان بدور مميز في مسار الدولة وقوانينها واي كان الفائز فان الشعب في النهاية هو المنتصر فيها بما يشكله من رصيد شرعي وقانوني كبير ورصين للدولة لان ذلك سيحسب لها الاعداء الف حساب قبل التعامل معها.