kayhan.ir

رمز الخبر: 34465
تأريخ النشر : 2016February16 - 20:15

سوريا .. الجعجعة و الطحين

احمد-الحباسي

لولا التدخل الروسي المباشر في الحرب على الإرهاب في سوريا لما تحققت النتائج العسكرية الباهرة الأخيرة على الأرض ، و حين تشارك أكبر دولة إرهابية في العالم الولايات المتحدة مع إسرائيل و عديد الدول الغربية و كل الدول الخليجية إضافة إلى بعض التوابع العميلة في لبنان و مصر و الأردن و السودان في ضرب سوريا بغاية وحيدة معلنة هي إسقاط النظام ، النظام بما يعنيه من كيان و مؤسسات و حضارة و اقتصاد إلى آخر القائمة ، فمن السخافة السياسية أن لا يلجأ هذا النظام المستهدف إلى مساندة من يثقون في قدرته على الصمود و انتزاع الانتصار النهائي ، لذلك فقرار الرئيس بشار الأسد بالاستعانة بالقدرات الروسية لمواجهة إعلان الحرب الغربي الصهيوني الخليجي هو قرار سيادي سياسي بامتياز ، هذا التدخل الروسي إضافة للصمود العسكري السوري يشكل اليوم حجر الزاوية في كل ما يحصل على الساحة السورية و من شأن ذلك أن يفرض على الأعداء إعادة كل الحسابات و الخطط لمواجهة ارتداد التدخل الروسي و تراجع الجماعات الإرهابية و حالة الارتباك التي تعانيها و التي كشفتها وسائل إعلام الأعداء أنفسهم .

قناة فرانس 24 قناة صهيونية موجهة للعرب ، خطها ” التحريري” منذ بداية الحراك الدموي في سوريا معروف و معلن و واضح ، اليوم ، نجد القناة المذكورة مجبرة على إعلان التقدم العسكري السوري في حلب بالذات و الحديث عن تغير في المزاج العسكري لدى الجماعات الإرهابية و عن الخيانات و انعدام الدعم السعودي ، و في قراءة لهذا ” المناخ” التحريري للفضائية الصهيونية الفرنسية نتلمس كما هائلا من المرارة و الإحباط و الارتباك بعد أن أصبح من المتعذر تغطية الشمس بالغربال ، نفس الانهيار "المعنوي” يتلمسه المتابعون لفضائيات الأعـــداء "الجزيـــرة ” ، ” العربيــة ” ، ” المستقبل ” و ” الجديد ” ، و السيد عبد الباري عطوان نفسه و كمثال تغــير و غيـر من خطه ” التحريري السابق ” في صحيفة ” القدس العربي ” إلى خطه التحريري الحالي في صحيفة ” رأى اليوم ” ، ليتساءل بكل سخرية لاذعة :لماذا لم يذكر الأمراء السعوديون الصراع مع إسرائيل مطلقا أثناء لقاءهم الصحفي الأمريكي الشهير السيد توماس فريدمان في وقت تستعد فيه السعودية لإرسال حوالي 150 ألف جندي إلى سوريا ؟

طبعا ، خفت الهياج التركي ضد الشعب السوري ، و لم يبق من نائح متكالب سوى النظام السعودي و عملية إرسال قوات سعودية خليجية تركية إلى سورية هو تخطيط أمريكي صهيوني أعلنته الإدارة الأمريكية منذ فترة على لسان السيناتور لينزى قراهام المعروف بعدائه المستميت للعرب ، وبصرف النظر عن الخطة و من وراءها و ما هي أهدافها الحقيقية يبقى السؤال الذي يتردد على كل ألسنة المحللين في العالم : هل تستطيع أمريكا الدخول في هذه الحرب بالمباشر أو بالواسطة ؟ ثم ما هو الموقف الروسي و الإيراني و السوري من هذا التدخل ” الاستعماري” ؟ ما هي انعكاسات هذا التدخل الخارج إطار القانون الدولي على المصالح الحيوية الأمريكية الخليجية في المنطقة ؟ هل يمكن بعد هذا التدخل الحديث عن مسار سياسي لحل الأزمة السورية المتشعبة ؟ هل يمكن للسعودية الدخول في حربين ، سوريا و اليمن ؟ هل سيعطى التدخل السعودي في سوريا للحكومة السورية الحق في ضرب العاصمة السعودية في نطاق الرد بالمثل على هذا الاعتداء؟ .

هناك طبخة أمريكية سعودية تركية مسمومة تعد للشعب السوري ، هذا مؤكد للجميع بما فيهم الجانب السوري نفسه ،و السيد وليد المعلم أجاب على هذه الفرضية بمنتهى العنف و الوضوح ، بالمقابل ، هناك قناعة لدى كل المتابعين أن الانتصار السوري قد بدأت ملامحه تظهر و أن هذا الانتصار التاريخي قد أجاب على كل الفرضيات و التكهنات و البرامج و الخطط الخليجية الأمريكية الصهيونية ، و من الصعب اليوم و في ظل كل المتغيرات العسكرية على الأرض و مع حصل من "إعادة انتشار” سواء للقوات السورية أو الجماعات الإرهابية أن يتمكن ” أصدقاء سوريا ” من زرع هذه الجماعات في نفس الأماكن السابقة أو تمكينها من مساحة على الحدود مع تركيا أو إسرائيل أو الأردن أو لبنان أو العراق ، و رغم أن الرئيس الأمريكي يريد أن يختتم أيامه الأخيرة في الحكم بانتصار في سوريا مهما كان ” نوعه ” فمن المؤكد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد نصحه منذ أيام بان "يبتلع” هذه الهزيمة لان عصر السيطرة الأمريكية على العالم قد ولت دون رجعة .