kayhan.ir

رمز الخبر: 34460
تأريخ النشر : 2016February16 - 20:14

مصادر: شقاق “المستقبل” على ضوء الوهن السعودي.. الحريري بين نارين

إبراهيم حريب

ريثما تنضج الرؤى السياسية من جديد حول الاستحقاق الرئاسي في لبنان، وعشية يوم زاخم (14 شباط) ينتظر أن يكون مناسبة تسجيل المواقف حول الخلافيات كما هي العادة، بدت الأمور وكأنها تتجه لأخذ طابع أقل حدة في التعاطي، والبحث عن الحلول الوسط لاسيما بعد التوتر الذي يحياه أبرز حلفاء السعودية، مقابل تداول بـ"دم بارد" من جانب الخصوم بانتظار ما ستفرزه الأيام.

شقاق في "المستقبل" فما لم يعد خافيا في الأوساط، هو "الشقاق" الواضح في صفوف تيار المستقبل، الذي ما زال يلقي بثقله على لسان "الأزرق"، الصفة الدارجة هذه الأيام عن "المستقبل"، قبل أن يقول كلمته الأخيرة في "مستعصية" الكرسي الرئاسي.

وحتى الآن، لم تلملم آثار التوتر الذي برز بين رئيس تيار المستقبل سعد الحريري ووزير العدل أشرف ريفي المحسوب عليه أصلا، لكن الخبر الأهم، بحسب مصادر ذات صلة بالحدث، هو أن الحريري الذي يدير الشؤون من العاصمة السعودية حاليا، ربما فقد السيطرة على توجهات ريفي، ليزيد ذلك من قائمة المتاعب التي يعانيها الحريري في خضم هذه الفترة العصيبة، التي عاد فيها "المستقبل" إلى الوراء خطوات عدة في البحث عن اسم ليرشحه إلى بعبدا، طالما أن فكرة الحريري باعتماد سليمان فرنجية كاسم لم تلقى بعد، نتيجة إيجابية بحسب "الاستخارة" السعودية.

بين نارين

وعن الشأن هذا، يعلق واصلون في دوائر سياسية شتى بأن الحريري هنا، يتوقع منه الجنوح إلى وسيلة لتمديد الفراغ الرئاسي، أو حتى المساعي التي يبنى عليها في هذا الخصوص، مع الاعتبار بالضرورة، تلك الهموم التي يعانيها تياره فيما يتعلق بالانتخابات البلدية.

فتلك المنافسة الحامية التي يتوقعها في طرابلس مع ما يترافق ذلك من الأزمة المالية التي ظهرت على ملامح التيار ومحاولة تعديل الأمور ولو بـ"اللحاق" لدفع مرتبات ومستحقات معاشية كما جرى قبل نحو أسبوعين، تمثل النار في داخل البلاد التي تشكل على "المستقبل" إلى حد بعيد، ليكون على الجانب الآخر النار الإقليمية المتمثلة بتراجع قدرة السعودية عن التأثير كما في السابق، وهو ما يعني خسارة محتملة في أي لحظة لـ "السند التاريخي"، وهذا ما يؤرق الحريري حقا في الرياض.

كما أنه، وبحسب مصادر عربي برس، فإن الرئيس الحريري لديه حرج بما يخص الرياض، لأنه أبدى إشارات برغبته التوجه إلى دعم ترشح فرنجية والانضمام إلى الركب، ولو بعيدا عن السعودية، لكن طبيعة العلاقة تمنعه من اتخاذ أي موقف أو الحديث فيه. خير الأمور أوسطها.. ولكن وبعد حساسية عالية نقلت عن الحريري مؤخرا، حيث رأى في مواقف الوزير ريفي أنها قد تكون من أشكال "الاستقواء" عليه بسبب الوضع المتفاقم في العقد ضمن السعودية، ظهرت على مقلب آخر حركة معهودة عند الإشكالات السياسية، مصدرها باريس.

وبحسب مصادر عربي برس، فإن العاصمة الفرنسية التي ودعت وزير خارجيتها لوران فابيوس باستقالة "مبكرة"، تحاول إيجاد "حلحلة" تضمن صالحها ولو بعيدا عن الصالح السعودي، لذلك بدأت العمل على جس النبض فيما يخص الذهاب إلى حل وسط. وعلى ما يبدو فإن باريس هنا، لا تريد أن تخسر المزيد وفي الوقت ذاته، لا تريد التراجع كثيرا، ومغزى الموضوع، أنها ما زالت غير متقبلة لفكرة وصول أي من الأسماء المطروحة حاليا إلى كرسي بعبدا ولو أنها تعرفهم جيدا، وبالذات فإن وصول العماد عون لا تتمناه في هذه الأثناء رغم ما يمثله برلمانيا وفي الشارع المسيحي، لأن الجميع في الغرب يتوقع في أي لحظة رتقا ينجم عن تقهقر الدور السعودي، الذي يؤدي إلى تغير إقليمي واضح على مستوى المناخ السياسي.

والمعلوم، أن العماد عون المرفوض سعوديا وبشكل مطلق، فإن جلوسه على كرسي بعبدا يقلق الغرب وباريس حاليا، لأنه عكس دور الرياض تماما، وهو ما تجلى عبر موقف وزير الخارجية جبران باسيل في مؤتمر القاهرة والرياض الأخيرين، فيما دور الرياض يتجه وبشكل متلاحق إلى مزيد من الانكفاء. ولذلك، جاء جس النبض الفرنسي بطرح وزير الخارجية الأسبق جان عبيد كحل وسطي، والمعلوم بأن الوزير عبيد مقرب من الفرقاء وذو قدرة على التدبير الديبلوماسي فيما بينهم، ما يفهم من هذه الحركة أن مفاوضات تطل برأسها لإيجاد مخارج ترضي جميع الأطراف ذات العلاقة بالوضع في لبنان.

14 شباط

وتبعا لكل ذلك، تقول مصادر عربي برس أن الحريري المحرج في السعودية، والقلق على ملفات عدة في الداخل، قد يترك خطا للرجعة يوحي به خلال إطلالته في ذكرى الرئيس رفيق الحريري يوم 14 شباط. ومفاد تلك الإيحاءات المتوقعة في احتفال "البيال"، هو أن دعما لجهة ترشح سليمان فرنجية، جاهزا ليقدمه الحريري لكنه حاليا لا يستطيع البوح به أمام السعوديين، المنشغلين أساسا بورطات إقليمية تحمل جوانب عسكرية وأمنية، ويجنحون للتصعيد بأي شكل حفظا للنفوذ وهو ما لا يحتمل الحريري الانخراط فيه على اعتبار المعطيات المستجدة المحيطة بوضعه. أما ما يخشى منه الحريري فعلا، فهو اضطراره إلى الجلوس إلى طاولة مفاوضات تحضرها باريس، بدون "الكفلاء" السعوديين بعد انقلاب كفة الميزان بشكل واضح في سوريا واليمن بعيدا عن جهة الرياض، ولأجل هذا، فإنه لن يوحي بالتصعيد خلال الذكرى، واحتمالات إشارته إلى الترشيح أرجح، لأنه يريد العودة إلى الظهور كـ "ند" في مضمار استحقاق بعبدا، لا كـ "يتيم" حال خروج السعودية من اللعبة الإقليمية.

16 شباط

على الضفة الأخرى، يبدو خصوم السعودية أكثر ارتياحا وبرودا، ويقفون على أرض صلبة أكثر، لذلك، فإن الجدل لم يطل ما سيعلن في ذكرى استشهاد قادة المقاومة في يوم 16 شباط المقبل.

ومن المتوقع هناك، أن يتم التركيز في إطلالة أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، على ما استجد إقليميا لناحية "النية" السعودية بالتدخل في سوريا، ومتعلقات هذا الأمر بالوضع في لبنان، إضافة إلى تثبيت الموقف حيال الاستحقاق الرئاسي.