kayhan.ir

رمز الخبر: 3444
تأريخ النشر : 2014July08 - 19:47

داعش و وهم القوة

د. يحيى محمد ركاج

تعرضت سورية قلب العروبة النابض لأقذر حرب عرفتها البشرية في العصر الحديث، إذ لم تقم هذه الحرب على أسلوب الحروب التقليدية القديمة التي يكون فيها السلاح بمواجهة السلاح، والجيش بمواجهة الجيش، بل قامت على أسلوب تسخير كل ما هو متاح على وجه الكرة الأرضية بما فيها إمكانيات جزء من الشعب السوري غير المقتنع بنصيبه من العناية والتشاركية مع الدولة السورية من أجل تدمير مكونات الوجود السيادي للدولة في سورية، وقد واجهت سورية هذه الحرب بوسائل جديدة ارتكزت بمجملها على إرادة باقي الشعب السوري والجيش العربي السوري وحققت انتصارات متتالية على هذا التآمر وفقاً لكل مرحلة من مراحل العدوان على سورية. حيث مرت أحداث الحرب بعدة مراحل كان المنتصر فيها بنهاية كل مرحلة إرادة الشعب العربي في سورية وجيشه العقائدي، الأمر الذي أفقد المعتدين ابتكارهم لأدوات جديدة من أجل الانتقال إلى فصل جديد من فصول العدوان على ربوع وطننا الحبيب، حتى أصبحوا يكررون الأدوات القديمة بالآلية والأسلوب المتبع ذاته في سبيل الوصول إلى. هدفهم الذي يسعون إليه. ولعل الأسلوب الأبرز المتبع من قبل هذه القوى المعتدية على حق الشعب السوري بالحياة والحرية كان أسلوب الشائعات المبنية على تضخيم القوة، رغم تسليمنا بأن الهدف الثانوي الذي يتم السعي له في هذه الأيام والمتمثل بتكريس عدو رئيس هو الإسلام المتطرف -بعد أن ينهك كل القوى التي تقف في وجه المشروع الأمريكي بالمنطقة- يتوافق كلياً مع الهدف النهائي لهذا العدوان والذي يمثل سياسة العم سام في السيطرة على العالم بشكل مطلق، الأمر الذي يعيد إلينا بعض ما جرى سابقاً في مجال الشائعات المضخمة للقوة الواهية. فقد كانت معادلة الصهيوني بن غوريون تهدف إلى دفع العربي للإحساس بضآلته وبعجزه أمام اليهودي – الصهيوني، خاصة بعد إشاعة أخبار القوة الخاصة والجبارة التي لا تقهر لعصابات ( الهاجانا , البلماخ , الارغون ) مما دفع بالعديد من العرب إلى هجر أراضيهم وتسليمها للصهاينة على طبق من ذهب. وقد سبقهم إلى هذا الأسلوب من الشائعات جنكيز خان قائد المغول عندما أشاع أن جيشه مثل أسراب الجراد التى لا يوقفها شىء، فهم يأكلون حتى لحوم البشر، مما أثار الرعب والفزع فى قلوب خصومه، فانهارت روحهم المعنوية، وتمكن من الانتصار عليهم. والآن في أحداث سورية على ما يبدو أصبحنا مقتنعين كلياً بأن المواقف تكرر نفسها بينما التاريخ لا يتكرر، فإفلاس المستعمرين في إبتكارهم أدوات جديدة كليا لطرق عدوانهم جعلهم يعودون إلى الأسلوب القديم الذي تم تكريره سابقاً، لكن ما اختلف هنا هو وجود نقطة توازن استراتيجية يقودها فكر عقائدي يتمثل في حزب البعث في الجمهورية العربية السورية والجيش العربي السوري، فالدعاية السياسية التي ترافق تنظيم الوهم وقوته المزعومة جعل الجميع يفرون من أمامه ويقومون بتسليم أماكنهم وعتادهم القتالي، والتي ترافقت مع تضخيم إعلامي لقدرة هذا التنظيم على التوسع والاستحواذ على السلاح وكسب مؤيدين وحواضن له كما حدث في العراق، والتي يدعمها أيضاً واجهة الهجوم الكبير على أي هدف لهم مهما صغر حجمه الجغرافي والديموغرافي نتيجة زج التكفيريين والمتطرفين الراغبين بالموت والظفر بالحوريات المحرومين منهم في الدنيا، تسقطها كلياً أحداث تواجد هذا التنظيم في سورية ومدينة الرقة على وجه التحديد، فقد افتضح أمر الحواضن الشعبية قصيرة الأمد والتصرفات المثالية لأفراد هذا التنظيم بحكمة القيادة السورية في التعامل مع سيطرة هذا التنظيم على مدينة الرقة وباقي المدن السورية، أما قوتهم المزعومة وقدرتهم الهائلة على كسب المؤيدين والاستحواذ على السلاح، فإن بقاء مقر قيادة الفرقة السابعة عشرة من الجيش السوري بمحيط مدينة الرقة بما تحويه من عدد قليل من العناصر القتالية لأفراد الجيش وبعض عناصر الأجهزة الأمنية التي لم يتم إختراقها فعلياً عند الدخول للمدينة كافياً بأن ينسف فكرة وجود تنظيم كبير أصلاً وليس قوته فحسب. إن سيناريوهات الأحداث التي تشهدها المنطقة الآن خاصة مع تطور المشهد العراقي والأردني، تشير إلى صوابية وحكمة القيادة السورية في التعامل مع الأمور، وتحافظ على صوابية قرائتنا لأحداث المنطقة التي تخدم الهيمنة على العالم واحتواء الأعداء وسحقهم والسيطرة على ما كدسوه من ثروات بعد تضخيم قدراتهم . لتبقى الجمهورية العربية السورية وجيشها العقائدي الباسل ركيزة التوازن والتغيير في المنطقة مهما تبدلت المشاهد والأحداث.