الانتحار الجماعي عند بوابات سوريا
ان توضع فجأة الازمة السورية في بورصة التداولات السياسية اقليميا ودوليا بعد ان كان العالم يتعامل معها وفقا للمقتضيات المطروحة على الارض، فهي مدعاة للتآمل والتساؤل على ان هناك حدثا لافتا بامتياز دعا كل هذه الاطراف الدولية والاقليمية للاستشعار بخطر داعش وكأنها ولدت للتو ولم يعرفوها في السابق ويالها من مهزلة ان الذين اوجدوها هم اليوم متحمسون في الظاهر لمحاربتها وكأنهم يلقون باللوم على الحكومة السورية بانها لن تسمح لهمب بمحاربة داعش الارهابية.
ويالها من سخرية فاضحة ان هذه الجهات وعلى رأسها اميركا وكما قال بالامس فابيوس وزير الخارجية الفرنسي المستقيل ان اميركا لم تكن جادة يوما في محاربة داعش. والامر الاخر الاكثر استهجانا واستنكارا هو تجاوزهم الصارخ على بلد مستقل مثل سورية وهي العضو في الامم المتحدة من دون استئذانه للتوغل في اراضيها تحت "حجج واهية في وقت بات مكشوفا للجميع ان النوايا السعودية والتركية المبيتة للتدخل في سوريا والعراق تحمل اغراضا عدائية وعكس ما تعلنانه. فالاول: ان تركيا التي غزت قواتها الاراضي العراقية مسبقا لتحقيق اهدافها المرسومة تحضر هذه المرة لاستكمال المشروع وهو عدم محاربة داعش بل العكس الوقوف معها لمحاربة حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا وحزب العمال الكردستاني المتواجد في الاراض العراقية اللذين يشكلان خطرا عليها وهذه اللعبة القذرة باتت مكشوفة وان التذمر من سياسة اردوغان طاغية على تيار واسع من الشعب التركي وقد نفذ حتى الى قيادة حزب التنمية والعدالة حيث اليوم بات منقسما على ثلاثة محاور. الاول يقوده القدماء في الحزب والثاني انصار اردوغان والثالث محور احمد اوغلو رئيس الوزراء. فالواقع المعقد الذي يعيشه اردوغان وسط هذا التخبط الكبير امر لا يحسد عليه وقد يتفاقم مع مرور الايام دون وجود افق لحل الخلافات داخل الحزب الحاكم لحسم الامور فما بالك بامكانية خروج تركيا من تورطها في المستنقع السوري العميق.
اما النظام السعودي الذي يترنح في الرمال اليمنية يبحث عن مخرج لانقاده وقد لا يجد ذلك الا في سوريا عبر تقديمه لهذه الخدمة السخية لاسياده وهو الدخول الى سوريا والوقوف مع داعش لتغير الموازنة على الارض لامرين لا ثالث لهما. اما تثبيت مواقع داعش في سوريا والعراق لاستخدامها ورقة رابحة في مفاوضات جنيف القادمة وهو بحد ذاته مكسب لاميركا اما ان تتطور الامور وتذهب بعيدا لاسمح الله بتغير موازين القوى على الارض فجأة وتصبح لداعش صولة في هذا البلدين فيكون هو المبتغى المطلوب لاميركا التي تسعى منذ عشرات السنين لتقسيم المنطقة التي تبدأها بالعراق وسوريا ولا تستثني دولة في المنطقة لصالح الكيان الصهيوني.
هذا ما يسعى اليه الاعداء، اما هل سيسمح محور موسكو ــ طهران ــ سوريا والمقاومة ومعه العراق ودول قد تلتحق لاحقا بان ينفذ هذا التآمر في وضح النهار هيهات وهيهات خاصة وان هذا المحور الذي يمسك بالارض وهو من يدير اللعبة ويفرض الشروط خاصة وان التقدم الميداني للجيش العربي السوري ومعه قوى المقاومة المؤازرة بات سالكا حتى الحدود التركية واذا ما قررت تركية او السعودية الانتحار بدفع من واشنطن التقرب من الحدود السورية فان بوادر الحرب العالمية الثالثة قد تلوح في الافق وعندها سيعرض الجميع اصابع الندم وهذا ما ذهب اليه "ديمتري مدفيديوف" ليحذر من نشوب حرب عالمية ثالثة.