kayhan.ir

رمز الخبر: 34034
تأريخ النشر : 2016February08 - 15:35

الانتصار في حلب و الانتصار في جينيف 3 .

احمد الحباسي

ما جاء على لسان مستشار وزير الدفاع السعودي أحمد عسيرى سويعات قليلة بعد "تراجع” النظام البحريني عن بعض التصريحات المنسوبة إليه باستعداده لإرسال قوات برية إلى سوريا يؤكد للمتابعين أن تلويح النظام باستعداده للمشاركة في الحرب البرية الموعودة ضد سوريا خاصة بعد التدخل الروسي في الشام هو مجرد عملية إعلامية لتسخين للأجواء و تمكين الجماعات الإرهابية التكفيرية من جرعة أمل كاذبة حتى تواجه حالة الهجوم السوري الكاسح على كل المحاور الملاصقة لمحافظة حلب ، و لعل إجماع أغلب وسائل الإعلام العالمية بما فيها منظومة التضليل الخليجية الصهيونية على طرح الأسئلة التالية هو أمر عير مسبوق في تاريخ هذه المؤامرة الخليجية الصهيونية : هل اقترب النظام السوري من تحقيق النصر الحاسم المنتظر ؟ هل دقت ساعة قلب كل الموازين العسكرية و الإعلامية و السياسية ؟ هل حقق التدخل الروسي ما يجب من مكاسب عسكرية على الأرض ستفرض على الجماعات الإرهابية رفع الرايات البيضاء بعد أن غطت الأرض السورة طيلة أكثر من 3 سنوات بالرايات السوداء القذرة ؟

تبدو سيطرة الجيش السوري على عدة قرى و بلدات في ريف حلب الشمالي قد مكنتها من كسر الطوق على بعض البلدات المحاصرة من طرف الجماعات الإرهابية منذ سنة 2012 ، أيضا هناك نجاح إستراتيحى مهم يتمثل في قطع بعض طرق الإمداد الرئيسية التي تربط مدينة حلب بريفها الشمالي من الجانب التركي ، و يبدو أن هناك قناعة لدى جميع المتابعين للحراك العسكري في سوريا بأن القوات السورية قد قطعت أشواطا مهمة في اقتلاع الإرهاب من سوريا و باتت على قاب قوسين أو أدنى من تحقيق كسب عسكري في حلب يعطى المفاوض السوري في جينيف 3 أوراقا مهمة ستقضى على أحلام المتآمرين و من يجلسون معهم في الغرف الخلفية الخليجية الصهيونية ، بالنتيجة يجمع الملاحظون أن عدم تلقى الإرهابيين للدعم في الساعات المقبلة هو بداية إعلان نهاية وجودهم في مدينة حلب و نهاية أحلام تركيا في فرض منطقة عازلة و بالنتيجة فلن يصبح للتهديدات السعودية التركية الأمريكية بالدخول في حرب برية معنى خاصة أن الجانب الروسي لن يسمح لهذه الخطوة العسكرية المشبوهة أن تتم في ظل تمسك الجماعات الإرهابية ببعض المطالب التعجيزية في مؤتمر جينيف 3 .

لم يبق للفصائل الإرهابية المسلحة إلا منفذا واحدا يسمى بطريق الكاستيلو ، هذا المنفذ المعقد التضاريس سيكون هدفا مقبلا للقوات السورية و للطلعات الجوية الروسية و بسقوطه عسكريا سيتمكن الجيش السوري من إحكام السيطرة على كل المنافذ المؤدية من و إلى مدينة حلب ، هذا التحول في الإستراتيجية العسكرية السورية يؤكد للمتابعين أن النظام السوري قد استطاع هذه المرة تطبيق إستراتيجية الأرض المحروقة تجاه الجماعات الإرهابية التكفيرية حتى يجعلها تواجه مصيرها المحتوم و بهذا المعنى فقد لاحظ الجميع هروب هؤلاء المرتزقة إلى الجانب التركي بعد عجزهم على مواجهة التقدم العسكري السوري على كل المحاور ، أيضا لا يمكن إنكار دور القوات الجوية الروسية في فرض حالة من متابعة تنقلات المسلحين على جميع المحاور و القيام بضربات جراحية أفقدت هذه الجماعات القدرة على السيطرة على أعصابها و التعامل مع هذا التقلب المفاجئ في الإستراتيجية العسكرية الروسية السورية ، و يمكن القول أن إستراتيجية علق المعابر و خنق المسلحين داخل رقعة جغرافية محددة من شانها أن تضع هذه الجماعات في خانة الاختناق و استشعار بداية النهاية .

لقد قيل الكثير عن مؤتمر جينيف 3 ، على اعتبار أن الحوار السياسي هو نتاج للعمل العسكري ، و لكن من الواضح أن الخيبات المتتالية لحلف المؤامرة و سقوط الجماعات التكفيرية السعودية عسكريا و فقدانها لأغلب المناطق المهمة في التراب السوري قد يعطى النظام السوري أسبابا منطقية لفرض شروطه للحوار مع أزلام المؤامرة و مع بعض ما يسمى بالمعارضة التي جلست طوال مدة هذه المعركة الدموية على كرسيين متناقضين كرسي النظام و كرسي المعارضة المتآمرة ، و لان روسيا قد سعت من البداية إلى حوار بين النظام و بين المعارضة و تحملت كثيرا من الانتقادات من كل الأطراف بما فيها الطرف السوري الرافض لبعض ” الأسماء ” و الكتل فقد جاءت مؤامرة الرمق الأخير للمعارضة و محاولتها فرض بعض البنود في المؤتمر ليعطى القيادة الروسية الذريعة المنتظرة لانتزاع كل أوراق ما يسمى بالمعارضة بالقضاء على من يمثلها من الجماعات الإرهابية على الأرض و بالتالي فقد أتت معركة حلب في هذا السياق من حيث التوقيت و الأهداف و النتائج ، و بالمفهوم العسكري فقد شكل التقدم السوري الروسي على محاور مدينة حلب انتكاسة كبرى للأحلام التركية بعد أن انقطعت طرق الإمدادات للإرهابيين و بات الحديث عن الحرب البرية مجرد "برنامج” غير قابل للتنفيذ خاصة في ظل التوتر التركي الروسي الناجم عن نتائج إسقاط الطائرة الروسية من قبل الدفاعات التركية و ما جره من تداعيات اقتصادية و سياسية بين البلدين أدت ببعض وسائل الإعلام للحديث عن إمكانية نشوب حرب غير متوقعة في ظل تدهور كامل للاقتصاد التركي .

من الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية و في ظل ما تبقى من الفترة الرئاسية للرئيس الأمريكي الحالي ليست قادرة على المشاركة في أي حرب بأي مستوى في سوريا ، و الإدارة الأمريكية لا تريد دخول مثل هذه الحرب الغير محسومة النتائج فضلا عن كونها ستعطى الجانب الصهيوني الذريعة المناسبة لتنفيذ بعض ” برامجه” العسكرية في سورية ، من الواضح أيضا أن النظام السوري يستشعر مواطن الضعف الكثيرة في الموقف الأمريكي و التركي و السعودي ، و حين يرد وزير الخارجية السوري وليد المعلم منذ ساعات على التصريحات السعودية بأن الجنود السعوديين سيعودون في الصناديق فالرسالة واضحة و هي تهم كل الأطراف المناوئة للنظام ، لكن من الواضح أن النظام السوري قد استجمع هذه المرة كل عناصر النجاح العسكري الذي يؤهله لطرد الإرهاب من سوريا و عناصر النجاح السياسي الذي يؤهله لفــــرض قواعد و شروط الحوار على كل المتآمرين ، و لعل الأيام القليلة القادمة ستوضح كل خفايا الصورة السورية و تقنع المتآمرين بنهاية اللعبة .