المعركة في العراق ترسم خرائط المنطقة..
سعود الساعدي
فدولة كردستان البارزانية استكملت مقومات إعلانها بغطاء صهيوني أمريكي غربي يؤكد يوميا على ضرورة الرضوخ للواقع على الأرض عبر محاولة فرض وصفات سياسية تتلائم مع البيئة المستجدة ودولة جهادستان التكفيرية أعلنت بتخطيط ورسمة أمريكية صهيونية أيضا تبقيها مؤقتا كأداة ابتزاز لدول المنطقة خصوصا إيران المطلوب منها تقديم تنازلات بشأن برنامجها النووي الذي من المؤمل الاتفاق حوله قبل العشرين من تموز الحالي.
العراق يُراد له أن يعيش اليوم مرحلة سورنة بعد أن فشل مشروع عرقنة دول المنطقة عبر ضرب استقرارها وزعزعة أمنها من خلال إرباك واقعها السياسي وإثارة الفتن بين مكونات شعوبها، لكن استراتيجية الدفاع والردع التي تبنتها دول محور الممانعة أفشلت المشروع المعادي القائم على أساس صناعة الدول الفاشلة، وهو ما يتم العمل على استكماله في العراق الحلقة الأضعف في المنطقة، فمقومات التفكك حاضرة وإمكانية إشعال الحروب الطائفية والعرقية جاهزة عبر تفعيل وتحريك عوامل التفكك الداخلي وذلك من خلال آليات وأساليب متعددة بالتزامن مع إفشال الخطط المضادة للدول المستهدفة في العمل على مواجهة تلك العوامل لتتآكل قدراتها وإمكاناتها على الصعيد الدولي لتصل بالمحصلة إلى حالة الفشل الشامل.
بغداد اليوم تمر بلحظة تاريخية فاصلة لا يمكن الاعتماد معها على الحلول الأمنية والعسكرية فقط في مواجهة تطورات الأحداث الحالية ــ رغم أولويتها في خلق بيئة مناسبة جاهزة لتقبل الحلول السياسية ــ فلا بدّ من وصفة سياسية وطنية تقطع الطريق على الوصفات الخارجية وترفع الغطاء الطائفي عن داعش وحلفائها، وتفضح ادعاءات الإقصاء والتهميش المزعومة كيافطة يتسلل من تحتها مشروع التفتيت والتقسيم الطائفي والعرقي بدعم أمريكي وبغطاء إعلامي خليجي وبإدارة وإشراف وتمويل سعودي.
تدعيم المسار العسكري الحالي الكفيل بخلق منظومة قتالية شعبية على شاكلة الحرس الثوري الإسلامي أو قوات الدفاع الشعبي السورية بالتزامن مع التهيئة لتشكيل حكومة تمثّل كل المكونات العراقية تعمل بمعية البرلمان على إجراء مراجعة نقدية لمجمل مسار العملية السياسية ومعالجة الأخطاء السابقة ووضع استراتيجية لمكافحة الإرهاب وشريكه الفساد وإيجاد إطار شامل للمشهد السياسي يعالج الثغرات الدستورية ويمنع التأويلات النفعية والسياسية، كلها عوامل لا بدّ من توافرها لمواجهة المشروع التفتيتي الفتنوي في العراق المحتاج إلى سلطة قوية تملك إرادتها وتتخذ قرارها من موقع مصالحها الحيوية، وتحتل مكانتها الإقليمية النابعة من أهمية موقعها الجيو – سياسي، وإمكاناتها ومقدراتها الكبيرة التي إذا ما أحسن استثمارها وتوظيفها فإنها كفيلة بمواجهة الأخطار ودفع التحديات وردع الأعداء لاسيّما مع إمكانية خلق صيغة تفاهمية بين دول المنطقة تعيد النظر في حدود سايكس – بيكو تبدو معها الكونفدرالية كصيغة أقرب إلى الواقع خصوصا بين إيران والعراق وسوريا ولبنان التي يتهددها اخطبوط الإرهاب السيّال الموجَّه استكبارياً.