kayhan.ir

رمز الخبر: 32135
تأريخ النشر : 2016January06 - 21:18

الصحف الاجنبية: اعدامات السعودية بربرية وتعزز الطائفية

اعتبر كتاب غربيون أن السعودية تلجأ الى الطائفية لتغطية مشاكلها الداخلية، بينما طالبت صحف اميركية البيت الابيض باتخاذ موقف اوضح يدين الاعدامات السعودية الاخيرة التي شملت الشيخ نمر النمر. كما اعتبر باحثون بارزون ان خطوة اعدام الشيخ النمر جاءت في سياق مساع سعودية لجر واشنطن الى الوقوف الى جانبها ضد ايران وعرقلة أية محادثات تشارك فيها طهران.

الرياض تلجأ الى الطائفية

كتب الاستاذ الجامعي الاميركي المختص بدول الخليج الفارسي "Toby Craig Jones” مقالة نشرت في صحيفة نيويورك تايمز قال فيها ان القادة السعوديين كانوا يدركون مسبقاً بان اعدام الشيخ نمر النمر سيغضب ايران، معتبراً ان العائلة الحاكمة السعودية كانت تعول على ذلك حتى.

الكاتب رأى ان اختيار السعودية هذا التوقيت لتنفيذ الاعدام يعود الى الضغوط التي تواجهها المملكة، حيث هناك انخفاض حاد باسعار النفط وتحسن في العلاقات الايرانية الاميركية الذي يهدد بتقليص دور الرياض الخاص في السياسات الاقليمية، كما ان الجيش السعودي يفشل في الحرب على اليمن.

وعليه قال الكاتب ان الشجار مع ايران لا يشكل مشكلة بقدر ما يشكل فرصة، حيث يعتقد الحاكمون في الرياض على الارجح بان هذا سيسمح لهم باسكات المعارضة في الداخل وبحشد تأييد الغالبية السنية وضم الحلفاء الاقليميين الى جانبهم. وبينما اشار الكاتب الى ان ذلك قد يكون صحيحاً على المدى القصير، حذر من ان اذكاء الطائفية سيؤدي في النهاية الى تمكين المتطرفين و زعزعة استقرار المنطقة اكثر فاكثر.

كما لفت الكاتب الى انه وبينما تعود المشاعر المعادية لايران والشيعة لدى المتطرفين الدينيين في المملكة الى زمن طويل، الا انها اليوم في قلب الهوية الوطنية السعودية.

واشار الكاتب الى ان الحكومة السعودية عززت نهجها الطائفي عام 2011 تزامناً مع التظاهرات الشعبية التي اجتاحت العالم العربي، لافتاً الى انتفاضة الغالبية الشيعية في البحرين والاقلية الشيعية في السعودية، بغية المطالبة باصلاحات سياسية.

على ضوء ذلك اضاف الكاتب، قام الحكام السعوديون باضفاء الطابع الطائفي على كل شيء، من التظاهرات في الداخل الى التدخل في اليمن، وحاولوا من خلال ذلك ليس فقط شيطنة الاقلية، بل ايضاً تقويض المطالبة بالاصلاحات السياسية وكذلك التظاهرات.

الكاتب قال ان الشيخ النمر كان له تاريخ طويل من تحدي العائلة السعودية الحاكمة، غير انه اكد بالوقت نفسه ان نشاط الشيخ النمر ما بعد عام 2011 هو الذي ادى الى اعدامه، مرجحاً ان يكون النمر قد اعدم لانتقاده السلطة. وحذر الكاتب من أن الخطر في التحريض الطائفي والمعادي لايران المتواصل الذي تمارسه السعودية، والذي يعتبر اعدام الشيخ النمر جزء منه، حذر من انه لا يمكن السيطرة عليه. وقال: ان ما يحصل في سوريا و العراق و اماكن اخرى يثبت بان العداء الطائفي اخذ منحنى لا يستطيع حكام المملكة السيطرة عليه. وأشار الى أن قيام ارهابيين مرتبطين بداعش بتنفيذ عدة عمليات انتحارية استهدفت المساجد الشيعية العام الماضي هو خير دليل على ذلك.

كما اعتبر الكاتب ان المشكلة الحقيقية ليست فقط ان السعوديين على استعداد للتعايش مع الطائفية الدموية، بل اصبحوا مدينين بالفضل اليها ايضاً. وأضاف ان اعتناق قادة المملكة للطائفية بهذا الشكل المتهور يفيد بان لا خيار آخر امامهم، وعليه توقع المزيد من الاضطراب.كما لفت بالوقت نفسه ان كل ذلك يجب ان يوضح لكل من يعتقد بان السعودية قوة استقرار في الشرق الاوسط، بانها ليست كذلك.

مطالبة بإدانة أميركية واضحة للاعدامات

صحيفة نيويورك تايمز بدورها نشرت مقالة حملت عنوان "اعدامات السعودية البربرية” والتي رجحت ايضاً ان الحكام في السعودية كانوا يدركون مسبقاً ان اعدام الشيخ النمر سيؤدي الى ردود فعل غاضبة في المنطقة. كما اشارت الصحيفة الى ان الحكام السعوديين ربما كانوا يعولون على رد فعل غاضب من ايران و غيرها بغية ابعاد الانظار عن المشاكل الداخلية و اسكات المعارضين. وقالت الصحيفة ان تحالف اميركا القديم مع آل سعود ليس سبباً لعدم الادانة الواضحة لهذا "المسار المتهور والخطير”، والذي يكون عبر رد فعل اقوى من الدعوة التي وجهتها واشنطن لكل من السعودية وايران بضبط النفس.

كما اشارت الصحيفة الى ان الاعدامات الاخيرة ليست حالة غريبة في السعودية، حيث هناك سجل "كئيب” في مجال حقوق الانسان يشمل قمع النساء و كذلك اتباع المعتقدات الدينية غير السنية، بحسب تعبير الصحيفة. ولفتت الصحيفة الى ان الشيخ النمر كان من اشد المنتقدين للنظام ومناصراً لحقوق الاقلية الشيعية في المحاظفة الشرقية،لكنه لم يكن من مؤيدي اللجوء الى العنف. وشددت الصحيفة على انه لا يمكن للادارة الاميركية التغاضي عن افعال مثل هذه التي تؤجج الكراهية الطائفية وتقوض مساعي استقرار المنطقة و”تنتهك حقوق الانسان بصورة فجة”.

توترات اميركية - سعودية

الباحث المختص بالسعودية "Simon Henderson” كتب مقالة نشرت على موقع "معهد واشنطن لشؤون الشرق الادنى” اليميني المقرب من اسرائيل،رأى فيها انه على واشنطن التحرك لمنع تعريض الحرب على داعش والاتفاق النووي مع ايران للخطر،نتيجة اعدام الشيخ نمر النمر و قطع العلاقات بين الرياض و طهران.

و اعتبر الكاتب ان الاتفاق النووي كان تحت الضغط اصلاً بسبب تجارب ايران للصواريخ البالستية، حيث قال ان حلفاء واشنطن الاقليميين قد "راقبوا بقلق” بينما تم اعداد المزيد من العقوبات ضد ايران قبل ان يتم تأجيلها.

الكاتب رأى ان على واشنطن التحرك بسرعة لمنع حدوث مواجهة دبلوماسية كاملة ذات ابعاد عسكرية، لكنه لفت الى انه ربما فات الاوان،حيث اعتبر انه تم تقويض سمعة اميركا في المنطقة قبل تسعة ايام عندما اجرت وحدات البحرية الايرانية مناورات في مضيق هرمز تزامناً مع دخول حاملة "Harry Truman” منطقة الخليج الفارسي. وقال ان هذه الحادثة، الى جانب التردد الاميركي بفرض العقوبات على ايران على خلفية تجارب الصواريخ البالستية، قال انها اعطت الانطباع لحلفاء واشنطن الخليجيين بان الولايات المتحدة غير مستعدة لمواجهة ايران وكذلك غير فاعلة في هذا المجال.

من جهة اخرى شدد الكاتب على ان كل ذلك من غير المرجح ان يخفف القلق الدولي حيال اساليب السعودية القاسية، حيث اعتبر ان الاعدامات الاخيرة التي قامت بها السعودية تقوض محاولاتها الرامية الى تمييز اساليب قصاصها عن تلك التي تمارسها داعش. كما قال ان المملكة تبدو عاجزة عن فهم الانطباعات السلبية للطرق التي يمارس بها الاسلام داخل المملكة.

كذلك تطرق الكاتب الى اعلان السعودية الشهر الفائت انشاء تحالف لمحاربة داعش،حيث اشار الى ان هذه الخطوة تنسجم والفكر الاميركي الذي يعتبر ان القوة السنية هي السبيل الافضل لمحاربة داعش. كما تحدث عن قيادة السعودية تحالف عربي ضد الحوثيين "المدعومين من ايران” في اليمن، وذلك "بدعم اميركي لوجستي واستخباراتي”.

وتطرق ايضاً الى مساندة السعودية المقاتلين المعادين للرئيس السوري بشار الاسد في سوريا. غير انه رأى بالوقت نفسه انه وعلى الرغم من التاريخ الطويل للعلاقات الاميركية السعودية، فان هذه العلاقات تواجه ضغوطا حقيقية وربما يجري اعادة النظر فيها، اقله من جانب الرياض. وهنا لفت الى ان التقارير السعودية الصادرة اواخر شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي اشارت الى ارجحية تنفيذ احكام الاعدام الاخيرة. وقال ان الدبلوماسيين الاميركيين يبدو انهم حذروا نظراءهم السعوديين من العواقب الاقليمية المحتملة لاعدام الشيخ النمر، الا انه تم تجاهل هذه التحذيرات.

وفي الختام شدد الكاتب على ضرورة ان تتحرك واشنطن سريعاً لنزع فتيل التوتر في الخليج الفارسي، و قال ان التصدي لما اسماه "الشغب الايراني” بشكل اوضح من المفترض ان يجدد تأكيد السعودية بدعم واشنطن ضد داعش و التحدي المتمثل بايران – و ان ترافق هذا الدعم احياناً مع النقد.

السعودية تسعى الى جر واشنطن الى مواجهة مع طهران

من جهته، الباحث الاميركي الايراني المعروف "Trita Parsi” كتب مقالة نشرت على موقع وكالة "رويترز” رجح فيها ان تكون السعودية قد ارادت تصعيد التوتر الاقليمي جراء اعدام الشيخ نمر النمر. وأشار الكاتب الى ان الرياض قامت باعدام الشيخ النمر في اليوم نفسه الذي انسحبت فيه بشكل احادي من اتفاق وقف اطلاق النار في اليمن. واعتبر انه في حال نجحت السعودية بجر الولايات المتحدة الى النزاع و الوقوف الى جانب المملكة، تكون حينها قد حققت اهدافها.

كما رجح الكاتب ايضاً ان تكون السعودية قد علمت بشكل مسبق ان اعدام الشيخ النمر سيؤدي الى هيجان في المنطقة ويزيد حدة التوتر مع ايران. ولفت الى ان السعودية طالما عارضت المبادرات الدبلوماسية التي شاركت فيها ايران – سواء كانت حول سوريا او الملف النووي – والتي تهدد (من منظار السعودية) بتطبيع دور ونفوذ ايران الاقليمي. واشار بهذا السياق نقلاً عن مسؤولين اميركيين الى ان الرياض كانت قد نجحت باقصاء ايران من محادثات جنيف حول سوريا من خلال التهديد بمقاطعتها في حال مشاركة ايران.كما استشهد بمصادر البيت الابيض التي قالت ان الرئيس اوباما اضطر الى الاتصال شخصياً بالملك سلمان من اجل اجبار السعوديين على المشاركة في محادثات فيينا حول سوريا التي اجريت الخريف الماضي (والتي شاركت فيها ايران).

الكاتب قال انه بات لدى السعوديين المبرر المثالي لابطاء وتقويض وربما افشال هذه المحادثات بعد قطع العلاقات مع ايران، اذا ما اختار السعوديون القيام بذلك. ورأى الكاتب انه ومن منظار السعودية فان التطورات الجيوسياسية في المنطقة منذ ما يزيد عن عقد من الزمن لا تخدم مصالح الرياض، كما اعتبر ان صعود ايران وقرار واشنطن التفاوض والتوصل الى تسوية مع طهران حول ملفها النووي انما زاد من حالة الهلع السعودي.

كذلك قال الكاتب ان الرياض ربما تحاول تصنيع ازمة – وربما حرب حتى – على امل ان تغير المسار الجيوسياسي في المنطقة لصالحها. واعتبر ان الجائزة للسعودية في هذه الحالة ستكون اجبار الولايات المتحدة على الوقوف الى جانبها واعاقة اي تحسن في العلاقات بين واشنطن وطهران، واستشهد بهذا الاطار بما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال” عن احد المقربين من الحكومة السعودية الذي قال انه "في مرحلة ما، قد تجبر الولايات المتحدة على الوقوف مع طرف معين (اما السعودية او ايران) ....و هذا ربما سيهدد الاتفاق النووي”.

عليه حذر الكاتب واشنطن من عدم الوقوع بهذا الفخ، ولفت الى انه ومن منظار الولايات المتحدة، فان نشاطات السعودية "المزعزعة للاستقرار” تثبت صوابية الاتفاق النووي مع ايران. واشار الى ان احد المكاسب الاساسية للاتفاق الذي لم يصرح به المسؤولون الاميركيون هو انه يقلل من اعتماد اميركا على السعودية. وفي السياق نفسه اعتبر ان حل الملف النووي والعودة الى الانخراط مع ايران يزيد من خيارات واشنطن في المنطقة.

بناء على ذلك اكد الكاتب انه من الافضل لواشنطن لعب الدور المتوازن بين السعودية وايران بدلاً من ان تكون ملزمة على "الدعم الكامل لمغامرات السعودية الاقليمية”. الا ان الكاتب تساءل بالوقت نفسه عما اذا كان من الممكن لواشنطن ان تواصل وقوفها خارج هذه المعركة، واشار الى المخاوف التي اعرب عنها مسؤولو ادارة اوباما من ان الازمة "التي اوجدتها السعودية” تؤثر على الحرب ضد داعش والعملية الدبلوماسية في سوريا.

وقال الكاتب ان اذا كانت اولوية واشنطن هزيمة داعش وغيرها من الحركات "الجهادية”، فإن التوازن بين ايران التي تعارض بشدة داعش والسعودية التي لعبت دورا لا يمكن نفيه بالترويج للتطرف الجهادي قد لا يكون الرد المناسب”.