اخطاؤها السياسية اوقعتها في التهلكة
بعد ان اطلعت بغداد من خلال مصادرها الاستخباراتية في الشمال ليلة دخول القوات التركية خلسة الى منطقة الموصل دون اي مبرر او تنسيق والذي يعتبر عدوانا سافرا على سيادة العراق واستقلاله، سارعت الادارة الاميركية المنافقة المراوغة صباح ذلك اليوم ابلاغ بغداد بالموضوع على انها هي الاخرى اطلعت على الحادث للتو، لكن هذا السيناريو الاجوف والسخيف لواشنطن يدلل على كذبها وفضيحتها في وقت ان اقمارها الاصطناعية تعمل على مدار الساعة في هذه المنطقة ولم تكشف تحركات مئات الجنود الاتراك ودباباتهم وهم يخترقون حدود سيادة دولة اخرى لكنهم ماهرون في التقاط صور لموقع استراتيجي لداعشي يجامع حمارا في احدى مناطق العراق!!
خطورة الحماقة التركية الاحتلالية لمناطق من شمال العراق لا تقل عن حماقاتها في اسقاط طائرة السوخوي الروسية التي كادت ان تعرض الامن والسلام الاقليمي والدولي الى الخطر والى عواقب وخيمة لا تحمد عقباها لان الحروب الكونية التي شهدها العالم بدأت باقل من هذه الاحداث .
لكن ما يستوقف المرء ويدهشه هو مدى خطورة الممارسات التي ترتكبها القيادة التركية اللامسؤولة والمتهورة تجاه جيرانها في اللعب بالنار والدخول في مطبات خطيرة اكبر من حجمها وقوتها وهذا ما لا يحدث بالتاكيد لو لا وجود دعم وضوء اخضر اميركي لان اليوم تركيا مع وجودها في اتون الازمة السورية منذ اكثر من خمس سنوات وتداعيات ذلك على اقتصادها وجاءت الطامة الكبرى لتثقل كاهلها بشكل اكثر وهو الحظر الروسي الذي ان مضى على هذه الوتيرة فسيتخلى الغرب عنه فورا وقد لا تستطيع تركيا لعقود قادمة من استعادة عافيتها.
ومهما حاولت القيادة التركية تأخير هذا التدخل الذي يعد احتلالا وانتهاكا خطيرا لسيادة العراق واراضيه بالاحابيل السياسية تارة وبالاكاذيب تارة اخرى، الا ان موقف العراق الحاسم اليوم حكومة وشعبا وفصائل مقاومة لم يربك القيادة التركية فقط التي باتت تتلعثم بل حتى حماتها لنسمع بعد اربعة ايام من العدوان المشبوه على العراق موقفا خجولا من الادارة الاميركية تجاه الحادث.
ان تحذير العبادي الشديد اللهجة في الايعاز للقوة الجوية لتكون على اهبة الاستعداد للقيام بواجبها في حال لم تخرج القوات التركية من الاراضي العراقية خلال 48 ساعة من جهة وتهديدات قادة فصائل المقاومة الاسلامية العراقية التي تشكل نواة قوات الحشد الشعبي البطلة وعلى رأسها الاستاذ هادي العامري زعيم منظمة بدر بتدمير والدبابات التركية على رؤوس المحتلين، كافية لان تصحو القيادة التركية من نومها العميق وتسحب قواتها فورا قبل ان تنقلهم بالتوابيت لان صدى بطولات الحشد الشعبي عبرت اجواء المنطقة وباتت تسمع في اصقاع الدنيا.
وما يزيد من نقمة الشعب العراقي على الدولة التركية وساساتها هو نزعتهم واطماعهم التاريخية في الموصل وهذا امر غير خاف على احد ترجع بداياته الى اوائل القرن العشرين.
وربما استغرب الكثيرون من ان تذهب القيادة التركية الى هذا المنزلق الخطير دون مراعاة للقوانين والاعراف الدولية التي تدينها صراحة لكن يبدو ان التخبط والارباك الذي يسودها نتيجة للاخطاء الجسيمة التي ارتكبتها في السنوات الاخيرة قد افقدها توازنها خاصة تداعيات الهزيمة الكبرى في سوريا وتداعيات عاصفة السوخوي المدمرة وكذلك خسارتها الكبيرة جراء القصف الروسي لصهاريج نقل النفط لصالح داعش لذلك ارادت وحسب تصوراتها وحساباتها الواهية ان تقوم ببعض البهلوانيات في شمال العراق على انها الخاصرة الرخوة للتعميم على ما تواجه من ازمات خطيرة من جهة وربما انقاذ داعش المحاصرة في الموصل من جهة اخرى بأمل ان يكون هذا المنطلق هو من سينقذها لكنه هو من سيقتلها.