كويرس ” استراتيجية التفاهمات الجديدة في “فيينا”
وفاء نزار سلطان
كفى بالثقة مفتاحاً للنصر وبوابة للأساطير، ومن "كويرس” الصامد في وجه المعتدين تبدأ الإرادة السورية تقدمها بتشتيت المعارضة المسلحة ، وإرباك القوى الإقليمية وفرض استراتيجيات التفاهمات الكبرى ،وقلب موازين القوى بتقاطع الحسابات السياسية مع الميدانية ، فالأهداف الكبيرة تعني قوة إضافية يسيطر عليها الحليف الروسي ليبين سداد خياراته بمحاربة الإرهاب ، وقدرة العمليات العسكرية على تحقيق المكاسب في "فيينا” .
القوات العسكرية السورية تضع الخطوط الأولية لكل الحلول السياسية ، فساعة الصفر وُضعت لعمليات متعددة المسارات والأهداف بتضيق الخناق على المسلحين في جميع المواقع ، فالمجموعات المسلحة المتمرسة على الأراضي السورية تنهار، وبانتظار فك الحصار عن مواقع أخرى في حلب كـ "نبل” و”الزهراء” وتطويق "حيان” و”حريتان” وصولاً إلى "كفر حمرة” ، في حين تبدو "دوما” على جبهة "دمشق” الخط الأكثر سخونة والسيناريوهات الجديدة تعيد ترتيب المشهد الميداني لصالح النظام السوري .
ومع اختلاف الحاضرين في "فيينا "على بقاء الرئيس السوري "بشار الأسد” أو رحيله واستنفار كل القوات السياسية والعسكرية والمخابراتية لتحديد الوضع المعقد لفشل كل مخططاتهم بثباته في سدة الرئاسة ، يتناسى الحاضرون أن المنتصرين هم من يضعون شروط البقاء ، وأن التاريخ لم يُسجل منتصراً سلم وطنه لأعدائه ، فكيف للأسد أن يسلم أيقونة الشرق لحفنة من المجرمين كائتلاف المعارضة السورية، وسيبقى أي حل سياسي قادم مرهوناً بقدرة المجتمعين في "فيينا” على اللهاث لفرض الحلول الدبلوماسية قبل أن تصل فوهة البندقية السورية المقاومة من "كويرس” لـ "دير الزور” .
وحينها سيكون للنصر طعم الحسم العسكري المدوي بتفكيك العمود العسكري للإرهاب ، ولن تكون المعارضة العميلة سوى بعبعة إعلامية سيتم اسكاتها بأيدي صانعيها ، فهي التي شرعنت من بوابة الدعم الخارجي ظهور حركات التسلح أملاً بالجلوس على كراسي السلطة ، دون اعتبار لمصالح الشعب السوري ، ولكن يصعب على من يحاول فرض نفسه على الشعوب بالقوة الغربية ، أن يعي أن السوريين يدركون جيداً خطورة اللعبة السياسية ، وأنهم سيقتصون ممن شارك بالعبث بأمنهم ومستقبلهم .
أما غربياً فلا يزال البحث جارياً عن دجالين جدد يتناسلون من مقاييس الكذب لكل من "كيري ” و”دي مستورا” وغيرهم ، ليعدوا لانتخابات افتراضية قائمة على معادلات وهمية وتضخيم صوتي وتكبير مجهري لإيجاد معارضة سورية تساهم بخلق منفذ دبلوماسي للإفلات من قبضة الجيش العربي السوري الذي سيبقى في مواجهة مفتوحة مع كل الأطراف ويعيد ترتيب كل الأوراق كلما كانت الحاجة ملحة لمواجهات صعبة وشرسة .
في الوقت الذي تعلو فيه ألسنة اللهب السورية والسوخوي تفرض حضورها بقوة في المجالس العالمية ، يعاني الأمريكي من حالة التخبط المروري للتسويات الصعبة ، فالنياشين العبرية المهددة بتصريحاتها العالية تدعو للسخرية ، واللاعبون الجدد بالنار بدأوا بالظهور على رقعة الشطرنج السورية ، فالصين مستعدة للمشاركة في أي جهد دولي لمكافحة الإرهاب لأن الاستفزازات الأمريكية غير مقبولة لها .
في حين تحدث وزير الدفاع الفرنسي "جان ايف لورديان” عن ضربتين عسكريتين لمواقع نفطية تابعة لداعش في شرق "سورية” تشابه في أغلب الظن الغارات الإعلامية الوهمية "للتحالف الدولي” واستمراراً لمسلسل الدعم المالي والعسكري للتنظيمات التكفيرية، يبقى توجه حاملة الطائرات "شارل ديغول” للمشاركة في العمليات العسكرية قراراً مبنياً بأهداف استعمارية محضة لن تتردد سورية وحلفاؤها بكبح جماحها .
أما الأراكوز التركي الذي اعتاد النفخ في نار الأزمة ، فسيبقى يدور في الفلك السوري يبحث عن موطئ قدم له في التسويات الكبرى ، ويعول بذلك على الوضع العسكري للجماعات الإرهابية في بث الفوضى ، وتنفيذ أجنداته العدوانية الطموحة واستكمال مشروعه بإعادة تركيا لاعباً لا حجراً في لعبة الأمم .
لتبقى مؤشرات الحل في "فيينا” ضبابية ، فلا حسم سياسي سريع يلوح في الأفق وإنما نوايا عربية وغربية لإدامة الأزمة لتكون الكلمة الفصل للميدان العسكري السوري في فرض شروط الطاعة على جميع المتآمرين وإعادة تشكيل ملامح العالم الجديد .