الفاشي رفلين رئيساً للكيان
د. فايز رشيد
انتخب أعضاء الكنيست الصهيوني في العاشر من يونيو/حزيران الحالي، الصهيوني المتطرف، عضو الكنيست عن حزب الليكود الحاكم رؤوفين رفلين رئيساً عاشراً ل”إسرائيل”، بعد منافسة حامية بين خمسة منافسين.
يتبنى رفلين مواقف متشددة من الصراع العربي الصهيوني، فدولة الكيان بالنسبة إليه "من النهر إلى البحر” ولا حقّ للفلسطينيين في إقامة دولة، وهو ضد الانسحاب من "يهودا والسامرة” هو من المؤيدين بشدة لغلاة المستوطنين والمتطرفين.
حاول نتيناهو منعه من الوصول إلى هذا المنصب بكل ما أوتي من قوة، وكان من قبل عارض ترشيحه لرئاسة الكنيست للدورة الحالية.
نشأ منذ بداية شبابه في حزب "حيروت” المتشدد بزعامة مناحيم بيغن، ومثله الأعلى كان جابوتنسكي ولا يزال مثله الأعلى، مثلما هو المعلم والمنظّر لحزب الليكود الذي نشأ من حزب حيروت. ظهر رفلين على الساحة البرلمانية بعد انتخابات 1988 لدورة واحدة، ثم عاد إلى الكنيست بعد انتخابات عام 1996، وبقي عضواً فيه حتى يومنا هذا. بعد انتخابات عام 2003 جرى انتخابه رئيساً للكنيست.
أيام مؤتمر مدريد عينه اسحق شامير ناطقاً إعلامياً باسم الوفد "الإسرائيلي” في مواجهة حنان عشراوي التي استقطبت الأضواء عن الجانب الفلسطيني، بعدها ببضع سنوات استطاع نتنياهو الجلوس في مقعد رئيس الوزراء كأصغر رئيس حكومة في تاريخ الكيان الصهيوني (1997).
إن فوز رفلين بهذا المنصب يعكس طبيعة التحولات داخل الشارع "الإسرائيلي” التي تتجه نحو التطرف والتشدد، ويعكس طبيعة القوى داخل الكنيست وتوجهاتها أيضاً التي تأخذ المنحى نفسه. ولذلك من الطبيعي والحالة هذه أن الدورة السابقة للكنيست وهذه الدورة شهدتا سنّ أكبر عدد ممكن من القوانين الفاشية العنصرية التي تستهدف مزيداً من التقليص (القليلة أصلاً) لحقوق الفلسطينيين في المنطقة المحتلة عام 1948، ومزيداً من التضييق عليهم في المجالات الحياتية والاقتصادية والسياسية من أجل دفعهم إلى الهجرة من بلدهم الفلسطيني العربي.
وهناك مشاريع قوانين أخرى تهدف إلى تصعيب واستحالة هذه الحكومة الائتلافية الحالية وكل الحكومات المقبلة على اتخاذ قرارات بإجراء انسحابات من المناطق الفلسطينية والعربية المحتلة. القوانين تستهدف إجراء المزيد من الخطوات لتهويد القدس ومنطقتها وتثبيت المسؤولية الصهيونية حتى على الأماكن الدينية الإسلامية والمسيحية فيها. بذلك نستطيع القول إن الذي نما وتزايد في دولة الكيان بعد 66 عاماً من إنشائها هي: عدوانيتها، عنصريتها وتشددها المطلق في رفض الحقوق الوطنية الفلسطينية، والمزيد من الاشتراطات عليهم وعلى العرب من أجل إجراء حتى التسويات المذلة. رئيس الدولة الصهيوني المنتخب رفلين كان من أكبر المؤيدين والداعمين (ولا يزال) لسن مثل هذه القوانين. وبالطبع، وبحكم مهماته السياسية الجديدة فمن المتوقع أن تخف حدة تطرف وجهات نظر رفلين في الكثير من القضايا السياسية، وأن يقوم بالتنظير للسلام، لكنها ستكون مواقف انتهازية كاذبة تنبع من بئر التزوير لمصالح سياسية وإعلامية ليس إلا. لقد شهدنا تجربة بيريز الرئيس السابق للكيان الذي كان يدّعي (عشق) السلام مع الفلسطينيين والعرب وهو مع زميله رابين شقّا طريق الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولم يفعلا شيئاً ولم يتخذا قرارات لمصلحة أي من الحقوق الفلسطينية أو العربية في الأراضي المحتلة. هكذا هم زعماء دولة الكيان.
المنافسة في الانتخابات على رئاسة دولة الكيان هذا العام شهدت التحقيق مع أحد المرشحين الخمسة وهو الصهيوني اليهودي العراقي الأصل بنيامين بن اليعازر المعروف أيضاً باسم (فؤاد)، بتهمة تلقي رشوة من أحد رجالات النفط، الأمر الذي أثار زوبعة في دولة الكيان. معروف أيضاً أن موشيه كاتساف الرئيس قبل السابق للكيان محكوم بالسجن لمدة سبع سنوات بتهمة الفساد والتحرش الجنسي. الطبقة السياسية الحاكمة في "إسرائيل” مملوءة بالفساد والأمر لا يقتصر على رؤساء "الدولة” فقط، وإنما على البعض من رؤساء الحكومات، مثل إيهود أولمرت الذي أُقصي عن منصبه كرئيس للحكومة بتهمة الفساد أيضاً وتلقي رشى من رجالات أعمال يهود أثناء ترؤسه لمجلس بلدية القدس.
بالتأكيد فإن انتخاب المتطرف رفلين لرئاسة الكيان سيقلل من مراهنة الحالمين بإمكانية عقد اتفاقيات سلام مع الدولة الصهيونية، فرفلين يقع على يمين نتنياهو وهو محسوب على معسكر موشيه فيغلين في الليكود الذي يسعى إلى وصول شخصية من الحزب أكثر تطرفاً من نتنياهو إلى منصب رئاسة الحكومة. هذه هي دولة الكيان وما تفرزه من رؤساء دولة ورؤساء حكومة ووزراء مملوئين بالتشدد والغطرسة والعدوانية والعنصرية. رفلين أحد هؤلاء.