kayhan.ir

رمز الخبر: 28005
تأريخ النشر : 2015October20 - 21:18

حدود وآفاق عملية الجيش السوري البرية جنوبي غربي حلب

شارل أبي نادر

لا شك ان لعنصر المفاجأة التأثير المهم والاساسي في إعطاء المناورة الهجومية عادة نقاطاً ايجابية تشكل لها قيمة مضافة لا تقل اهمية عن عنصر التفوق الجوي او السيطرة الجوية ( حيث ان الاثنين يختلفان بعض الشيء ، او عن عنصر التفوق العددي عبر حشد القوى المناسبة لتغطية محاور التقدم وتشكيل احتياط كافٍ لتنفيذ مهاجمة ناجحة واحتلال الهدف.

بالمقابل وفي مواجهة عنصر المفاجأة الذي يتمتع به المهاجم عادة حيث يختار البقعة الهدف ويختار شكل المناورة ومكانها ويختار التوقيت الذي يكون احياناً قاتلاً للمدافع، يحاول الاخير الاستفادة من عنصر المرونة الذي يجب ان تتميز به مناورته الدفاعية لكي يُكتب لها النجاح او اقله التقليل من حجم الخسارة عبر التأثير السلبي لعنصر المفاجأة على وحداته. وتتحقق هذه المرونة بقدرة المدافع عادة على نقل قسم من وحداته من اتجاه الى آخر لتقوية خط المدافعة لمواجهة العدو على محور الجهد الرئيسي للمهاجمة، كما وتتحقق ايضاً باحتفاظه باحتياط كافٍ مع قدرة على إدخاله في المعركة في المكان وفي الزمان المناسبين لدعم الوحدات المدافعة، او لتنفيذ مهاجمة معاكسة تُربك الوحدات المهاجمة وتُبدد جهودها .

من الملاحظ مؤخراً، وبعد التدخل الروسي، اصبحت أغلب مناورات الجيش العربي السوري وحلفائه في معاركهم الدائرة حاليا لاستعادة السيطرة على المناطق والمواقع التي يوجد فيها المسلحون الارهابيون بفصائلهم المختلفة يتمتع بعنصر المفاجأة، حيث نجد ان أغلب العمليات الهجومية قد نُفذت في مواقع وعلى محاور لم يكن يتوقعها المسلحون ولا حتى المراقبون المعنيون بدراسة ومتابعة هذه المعركة البرية الواسعة.

من جهة اخرى نجد ان عنصر المرونة قد فُقد تماما لدى المسلحين الذين اصبحوا عاجزين وبالكامل عن نقل اية وحدات من موقع معين الى موقع آخر لمساندته ولدعمه، كما واصبحوا ايضا ينفذون مناوراتهم الدفاعية في مواقع مستقلة ومعزولة عن بعضها بعضاً حيث انقطع التواصل والارتباط الميداني والعملاني بين هذه المواقع بالكامل والسبب هو التغطية الجوية الواسعة التي ينفذها الطيران الروسي على كامل بقعة العمليات الامامية وعلى الخطوط الخلفية وعلى طرق الامداد بشكل عام، بالاضافة للسيطرة الالكترونية ( التشويش والتنصت على اجهزتهم وعلى هواتفهم وعلى وسائل الاتصال لديهم مستفيدا من القصف الجوي الروسي والسوري المكثّف والفعال والمركّز والذي تستعمل فيه احدث انواع الصواريخ الموجهة والقنابل الذكية ذات القدرة الملفتة على خرق وتدمير المنشآت العالية التحصين.

فبعد توزُّع وتزامُن واشتداد وتيرة العمليات البرية وعلى اكثر من محور في مثلث الارياف الاستراتيجي (حماه - اللاذقية - إدلب) والذي يحضن سهل الغاب حيث تتقاسم السيطرة عليه بشكل تقريبي وحدات الجيش السوري وحلفاؤه من جهة وارهابيؤ ما يسمى بجيش الفتح والفصائل المتشددة الاخرى من جهة ثانية، نفذ الجيش السوري مع حلفائه عملية برية مفاجِئة وصاعقة في ريف حلب الجنوبي الغربي انطلاقا من مواقع سيطرته في ريف المدينة الجنوبي، سيطر من خلالها على عدة بلدات ومواقع حيوية بعد ان دمر مراكزالمسلحين وطردهم منها وهو يتابع حاليا التقدم جنوبا وغربا واضعا هدفاً اساسياً أُولياً لهذه العملية هو السيطرة على المربع الاستراتيجي في الارياف الموجودة بين مدن حلب وادلب وحماه وتقاطع طريق حماه - السلمية – الرقة مع طريق حلب – خناصر جنوبا .

هذا المربع الذي يهدف الجيش السوري الى السيطرة عليه في هذه المعركة يتمتع باهمية استراتيجية مهمة تتمثل بـ :

- وصل وربط حماه مع حلب وبالتالي فتح طريق دمشق حلب الاستراتيجية لوحداته وللمواطنين السوريين .

- فصل ادلب عن حماه بالكامل وبالتالي قطع التواصل الميداني بين المسلحين في المحافظتين .

- خلق امتداد متماسك خارج المدن الثلاث الكبرى (حلب ، ادلب وحماه والسيطرة عليه .

- الحصول على منطقة سيطرة وارتكاز استراتيجية تعطيه الامكانية في المرحلة التالية تنفيذ مناورة هجومية جنوب شرق باتجاه الرقة عبر محور حماه – الرقة او شمال شرق باتجاه ريف حلب الشمالي او شمال غرب باتجاه مدن إدلب الرئيسية امتدادا الى الحدود مع تركيا ومعبر باب الهوى المُشرّع دائما على دخول المسلحين والعتاد والاسلحة من الاراضي التركية .

واخيرا ... يمكننا القول اننا الآن في وسط معركة هجومية واسعة على كامل الاراضي السورية، الجهد الرئيسي فيها هو المحافظات الشمالية، تنفذها وحدات الجيش السوري وحلفاؤه بمعنويات مرتفعة جدا مستفيدة من دعم روسي كبير من التغطية الجوية الواسعة الى المساندة اللوجستية المفتوحة بالعتاد والتجهيزات والاسلحة والذخيرة المتنوعة، وهذا الجيش هو حاليا جاهز لتنفيذ عملية هجومية في اية نقطة او موقع يختاره، هدفه النهائي استعادة السيطرة على كامل الجغرافيا السورية وفرض سلطة الدولة والجيش واعادة التوازن الى الارض السورية وطرد الارهابيين وتدميرهم وإلحاق الهزيمة بهم وبداعميهم اصحاب مشروع تفتيت وتدمير سوريا .