يا أولئك كفى .. ويا محور الممانعة عليكم بالمبادأة
حسن شقير
بهذه الكلمات المكررة –
مع الأسف الشديد – التي ينتهي بها البعض من أولئك المحسوبين على محور
الممانعة ، مداخلاتهم ، أو مقالاتهم ، أو حتى محاضراتهم ... وذلك أعقاب كل كارت
لعبٍ جديد ، ترميه دول تحالف العدوان على سوريا ، بُعيد – أو حتى قبيل –
خسارة سابقيه في ميدان العدوان على سوريا ...
" إننا نشجب
الإرهاب ونرفضه ، وندينه أينما حل .. وهو يُشكل خطراً على أمننا القومي .. ونخشى
من ارتداده علينا "
وبعيد تفوه كل مسؤولٍ غربي ،أمريكي ، أو صهيوني ، أو عربي ، أو حتى " إسلامي " ..بهذه العبارات ، ومن جميع الذين أوجدوا الإرهاب، ونقلوا ، ومولوا ، وشرّعوا ، ودرّبوا ، وجهزوا ، ووو... وما زالوا – حتى لحظة نشر هذه المقالة – يفعلون أكثر من ذلك ، ويفيض عليه ....!! وعلى الرغم مما يصاحب ذلك من ألامٍ وتصدعات في جسد الأمتين العربية والإسلامية ، بفعل تلك المؤامرة التي يخوضها كل أولئك عليهما ... ترى أولئك المحسوبين أنفسهم – بعد أن تُفتح لهم الشاشات العريضة ، وتُسخر لأجل تحليلاتهم موجات البث المختلفة .. وتفرغ الصحف أعمدتها لأجل كتاباتهم وتحليلاتهم المستجدة بعد ذاك التصريح المقتبس أعلاه – ليبدأوا بالتبشير ، بأن هذا يمثل اعترافاً من تحالف العدوان بوجود الإرهاب في سوريا والعراق ، وجوارهما ( وكأن هذا بحد ذاته إنجاز استراتيجي ، بأن اعترف من صنّع الإرهاب ، وأوفده إلينا ..بأن هذا الأخير موجود !!! ) ، ويكملون بأن هذا الإعتراف بحد ذاته ، ما هو إلا ّ " تحوّلٌ استراتيجي " طرأعلى سياسات دول تحالف العدوان على سوريا ، وذلك بعيد فشل عصاباتهم في جولة من جولات العدوان عليها وعلى العراق وعلى محور الممانعة برمته ... لا بل أن التحليل يتعدى التنظير للتحوّل الإستراتيجي ، إلى أبعد من ذلك بكثير ، وذلك بأن بدأت " معالم حلف جديد يتشكل ما بين أطراف محور الممانعة مجتمعين ، مع دول تحالف العدوان على سوريا ومن يواليهم في الميدان ، ممن يسمونهم بالمعارضة المعتدلة ... وذلك مقابل تحالف الإرهابيين من النصرة وداعش ومن لف لفهم ... ودليلنا على ذلك أن أمريكا في لبنان مثلا ً ، كشفت بعض المعلومات الأمنية التي تمكن الدولة ومعها المقاومة من تفكيك بعض الشبكات الأمنية ، التي كانت تعيث خراباً بالبلد ... " ( انتهى الإقتباس المعلن من بعض أولئك المحسوبين ) ، ويتناسى كل هؤلاء أن الإرهاب الأمريكي ومعه الصهيوعربي ، يتعامل معه أسياده على القطعة كما يقولون ، وذلك بحسب تقاطع الأهداف وتلاقي المصالح .. فهم نعم ضده إلى حدود يُمنع تجاوزها في لبنان ، لأنها تؤثر استراتيجيا ً على رعاة الإرهاب ... ، وفي مقدمتهم الكيان الصهيوني ، وهم – أي هؤلاء الرعاة – يدعمونه بلا هوادة، وبشكل مطلق لناحية الإسلوب والغاية في سوريا والعراق ، على سبيل المثال!
أكثر من ذلك ، تعلن أمريكا بأن " المفاوضات النووية مع إيران حول البرناج النووي ، ضمن محادثات إيران مع دول الخمسة زائد واحد ، هي في طريقها نحو التوصل لتفاهم حول بنود الإتفاق الأخير قبيل نهاية المهلة المؤقتة في تموز القادم ... " وتعلن إيران " بأن مفاوضاتها الثنائية مع أمريكا تقتصر فقط على الملف النووي ، دون أن تسمح لأمريكا بالبحث في ملفات أخرى ، يكون في نتائجها مطلباً أمريكياً وصهيونياً في ضمان إيران لأمن الكيان الصهيوني ، بشكل أو بأخر ... " ، وتجهد إيران بأنها لم تسر بمبدأ السلّة المتكاملة للحل ، والتي تتخطى الموضوع النووي ، إلى ملفات أخرى ... ولكن ، وعلى الرغم من كل ذلك ، وفي أعقاب كل موجة تفاؤل بقرب إنجاز الإتفاق النووي مع إيران ، يندفع أولئك مجددا ، ليصوروا بأن الجمهورية الإسلامية ، بأنها دولة براغماتية ، والتي يمكن أن تتهاون ، أو تغضٌ النظر ، عن الظلم اللاحق ببعض المكونات السياسية المقهورة في المنطقة ! ، أو حتى يمكن لها – بحسب رأيهم – أن تشيح قليلا ً بوجهها عن الكيان الصهيوني ، وممارساته الفظيعة على أرض فلسطين ... وذلك بدافع النفوذ والمصلحة التي تتوخاها في المنطقة .. ودائماً بحسب ما يدعيه أولئك !!
نتوسع أكثر ، تعلن بعض من دول تحالف العدوان على سوريا أنها استبعدت مسؤولا ً عن إدارة الملف السوري وعينت مكانه أخراً .. وذلك بعد ان تم فشله وإفشاله ... يتصادف ذلك مع زيارة مسؤول أخر للجمهورية الإسلامية ... لتشتعل المنابر مجدداً للبحث والغوص بالتداعيات ، والاستراتيجيات المستقبلية حول التغيير المرتقب من موقف هذه الدولة إو تلك تجاه الدولة السورية!
يُستغنى عن هذا
المسؤول ، ويُعين بديلا ً له .. تنتهي الزيارات المتبادلة لمسؤولي الدول المتباعدة في طرفي المملنعة وتحالف العدوان على سوريا ... يتفقوا ،
على كثير من المصالح المشتركة ... وسرعان ما تُثبت الأيام ، أن عقدة سوريا ، كانت ، وما زالت عقدة العقد بينهم ... وبخلاف كل ما روّج له كل أولئك !
فليعذرني كل أولئك ،
فعلى الرغم من كل المعارك الإستراتيجية التي خاضها ويخوضها
محور الممانعة في سوريا ، من معركة تحرير القصير ،وتطهير القلمون، ومن ثم فرض مصالحات الغوطتين وحمص القديمة على العصابات الإرهابية .. وصولا ً إلى تحرير
كسب ، فضلا ً عن الإنجازات الأخرى في حلب وغيرها ....وعلى الرغم من كل هذه الانتصارات ، ما زلنا نشهد لغاية اليوم ،سحرة تحالف العدوان يخرجون أرانبهم القاتلة الواحد تلو الأخر في ميادين القتال المختلفة ...
وهناك مسألة أخرى شديدة الأهمية ، يُنظّر لها- عن حُسن نية – بعض أولئك المحسوبين، والتي ستؤدي برأيهم إلى توقف العدوان على سوريا والمنطقة برمتها ، وهي تنطلق من أن " مجرّد إفشال أهداف العدوان على سوريا ، سيكون كافياً لإيقاف الحرب عليها ، فضلا ً عن إعلان النصر فيها ، وذلك كما كانت المسألة في حرب عدوان تموز ٢٠٠٦ على لبنان "
مع إحترامي الشديد
لرأيهم ، المسألة ببساطة- على ما اعتقده – ليست كذلك أبداً ، لا بل أنه لا تجوز المقارنة بين العدوانين .. لأن المعركتان لا تتشابهان ، ففي الأولى كان الكيان الصهيوني ، يحارب بلحمه الحي وبمقدراته الذاتية ... أما معركة سوريا اليوم ، فيخوضها الكيان الصهيوني متكافلا ،مع أمريكا ، وباقي دول التحالف المعادي بساحاتٍ ، وبطاقاتٍ وأموالٍ ... لا تكلف هؤلاء جميعاً
أي شيء ... وبالتالي فإن منطق إفشال الأهداف العليا لتحالف العدوان ، ليس كافياً هنا لوضع نهاية قريبة للعدوان على سوريا ... فتلك الأهداف تصاغرت
إلى دائرة الإستنزاف ، والذي تجهد سوريا ومحور الممانعة معها اليوم للخلاص من براثنه .
لا يبدو أن حلف العدوان
على سوريا ، قد يأس من إيجاد البدائل المتنقلة
من إلحاق الأذى بمحور الممانعة .. فتطورات العراق ، وما أظهرته من أوراق عربية وأمريكية وصهيونية وبعض إسلامية ، كانت مستورة ً ، قد كُشِفت ، وكذا التطورات الأخيرة في المشهد اللبناني ، من عودة إحياء لبعض الخلايا النائمة في ضربها للأمن اللبناني ، أو حتى تلك الأوراق التي ما زالت مستورة ، والتي ما زالت في جعبة دول تحالف العدوان على سوريا ... ولم يحن
أوان اللعب بها بعد !
لماذا أطلق هذه الصرخة اليتيمة ؟ لأنني – وبعد
كل هذه التضحيات الجسام التي ما زال محور الممانعة يقدمها ، على مذبح الكرامة والسيادة ، والإنعتاق من نير التبعية ... – لا أطيق أن أرى مواطنا واحداً ، يُصاب بالإحباط ، في أية مرحلة من مراحل الصراع مع الكيان الصهيوني ، كونه الأب الفعلي للإرهاب .... فضلاً عن أن كل تلك الإنتصارات والتضحيات الجسام
، أحرص عليها ، على ألاّ تنزلق في متاهات غير محمودة ...
إذاً ، ماذا بعد ؟ ومتى يُخرج محور الممانعة الورقة الكبرى ... ؟ والتي كتبنا حولها منذ أكثر من سنتين ، والتي من شأنها أن تدفع رؤوس حلف تحالف العدوان على سوريا والعراق ولبنان ، بأن يوقفوا عدوانهم عليهم ...
يا أطراف محور الممانعة
، إنها المبادأة المتوارية في ساحاتهم ،الأمنية والسياسية والعسكرية والإقتصادية ، وحتى الإعلامية .. فهي وحدها الكفيلة ، بأن تحقق التوازن مع مبادأتهم المعلنة تارةً ، والمتوارية أطواراً أخرى في ساحاتكم .