kayhan.ir

رمز الخبر: 26919
تأريخ النشر : 2015October02 - 20:49

في سوريا : تحالفان ضدَّ “داعش “ !!

ثريا عاصي

أعتقد أنّ الغاية من التحرّك الروسي الأخير في سوريا، هي استباق عمليات عسكرية كانت، في أغلب الظن، تُعد لها دول غربية في إطار الحلف الأطلسي. أسارع إلى القول، أنا لا أملك وسائل اتصال بمصادر موثوقة تؤكد أو تنفي هذا الانطباع، ولكن ما أوصلني إلى هذه الفرضيّة هي ملاحظات استوقفتني من خلال متابعتي الإعلامية للمسألة السورية :

حتى لا أذهب بعيداً في البحث، أبدأ من الحملة الدعائيّة الواسعة حول "موضوع المهاجرين”. فجأة تحوّلت قوافل المهاجرين المتواصلة منذ ثمانينات القرن الماضي، من الجنوب إلى الشمال، إلى قوافل تضمّ حصراً، سوريّين فارّين من أتون الحرب في بلادهم. ما يعني ضمنياً أنّ المسؤولية عن معاناة المهاجرين وعن المخاطر التي يتعرّضون لها، تقع بداهة على المتحاربين، أي على "داعش” من جهة، وعلى الدولة السورية، من جهة ثانية. يستخدمون في الإعلام الغربي المنحاز بنسبة عالية، مصطلح "الدولة الإسلامية”، بدل "داعش”، مقابل "جيش بشار الأسد” بدل الدولة السورية. يترجم العملاء المحليون لهذه الحملة الدعائية المصطلح الأخير بـ”الجيش الأسدي”، لا شك في أنّ ذلك هو نتيجة تأثرهم بفهلوية نجوم الدعاية في بعض البلاد الأوروبية.

وفي هذا السياق، من النادر أن تلحظ إشارة إلى الدور الذي يرجع إلى الدول الأجنبية في الأزمة السورية. أعني الدول الإقليمية وفي مقدمتها الثلاثي العدواني، تركيا ـ إسرائيل ـ مملكة آل سعود، بالإضافة إلى الدول الغربية، الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وإنكلترا، رغم أنّ معطيات مثبتة تُفيد بأنّ هذه الدول الإقليمية والغربية منخرطة إلى أبعد الحدود في الحرب على سورية. فهي تحرّض وتجنّد وتدرّب وتجهز وتموّل وترسم الخطط وتُشرف على العمليات. هذه الأمور معروفة، ومعترف بها من القادة الغربيين أنفسهم، ومن قِبل أعوانهم آل سعود، ومن العثمانيين الجدد تحت زعامة أردوغان، ولكن من المستغرب أنهم يتبرّؤون من أيّة مسؤولية عن الفاجعة السورية، وتُبرِّئهم وسائل الإعلام أيضاً.

وما يُثير الدهشة أكثر في هذا الموضوع، هو أنّ آثار الجريمة التي اقترفها التحالف الأميركي – الأوروبي في ليبيا، من جهة، ومشايخ النفط الذين ظنّوا أنّ مالهم يرفعهم إلى مصاف أصحاب القرار على الصعيد الدولي، من جهةٍ ثانية، ما تزال حاضرة في الأذهان. لم تجف دماء الليبيّين بعد، ولم تغب عن البال أيضاً مشاهد الخيانة بأوجهها المختلفة، عوناً للمستعمر وتجارة بالدين وإيغالاً وحشياً في دم الناس!

من المؤكد في هذا السياق أنّ عناصر من الجيوش الأوروبية كانت قد تسلّلت إلى ليبيا قبل أشهر من انفجار الأزمة، التي أسماها "مفكرو قطر” "ثورة”، إلى بنغازي تحديداً، حيث توكّلت هذه العناصر بالقيام بأعمال تخريبية. من ذا الذي يستطيع أن ينفي أنّ الذين هدموا ليبيا وقتلوا من الليبيين أعداداً لم تتكلّف أمر إحصائها جهة عربية أو دولية، لا يعاودون منذ حوالى خمس سنوات، ارتكاب نفس الجريمة في سوريا؟

في سياقٍ آخر، ليس مستبعداً أن يكون رئيس الوزراء البريطاني قد تناول أثناء زيارته الأخيرة إلى لبنان، موضوع النازحين السوريين، ومن المحتمل جداً أن ينال هذا الموضوع أيضاً اهتمام الرئيس الفرنسي أثناء زيارته المرتقبة في الأسابيع المقبلة إلى لبنان.

مجمل القول أنّ الدلائل مجتمعة تشير إلى أنّ القضية السورية تدخل مرحلة جديدة. يستشفّ المراقب منذ أن تزايد الكلام عن المهاجرين إلى أوروبا علامات تذكّرنا بأزمة "استخدام الذخائر الكيماوية” في إحدى ضواحي دمشق. وُجِّهت آنذاك أصابع الاتهام، دون إثبات، إلى الدولة السورية، وظنّت بعض الحكومات الأوروبية الشديدة الحماسة للحرب على سوريا، انّ المناسبة سانحة لتكرار الفاجعة الليبية. لحسن الحظ أنّ البساط سُحِب من تحت أقدام مشعلي الحروب. انتهت الأزمة بسقوط "صاروخين” في مياه البحر شرقي المتوسط. قال الإسرائيليون بعد حين، إنهما أُطلِقا أثناء مناورات مشتركة بينهم وبين الأميركيين.

هل تفطّرت قلوب المستعمرين بغرق الطفل السوري، الذي صنعت له وسائل الإعلام التركية صورة مؤثرة؟ إنّ نسبة السوريين لا تتعدى 12% من المهاجرين إلى أوروبا. إن أدلاّء العبور غير الشرعي إلى أوروبا يبيعون زبائنهم جوازات سفر سورية مزورة. هل تـُفشِل المراقبة العسكرية الروسية محاولة مُشعلي الحرب مرة ثانية ؟ في سوريا تحالفان ضدّ الإرهاب، أيهما ضد "داعش”؟!