الشعب اليمنى بصوت واحد ، شكرا سلمان
أحمد الحباسى
لا أحد يشك في صفاء نية الملك سلمان ، حاشا لله ، فالملك السعودي يعتبر أبناء اليمن مثل أبنائه بالضبط ، و في تاريخ اليمن السعيد لم ينل الشعب اليمنى "هدايا” ملكية معتبرة مثلما يحدث من أشهر بالليل و النهار ، و رغم أن الملك السعودي من فرط ” حيائه ” لا يريد أن تعلم شماله ما قدمت يمينه فلا بد للمرء أن يذكر من باب الاعتراف ” بالجميل” لهذا الملك الهمام فضائله على الشعب اليمني و يعدد مثلا عدد الشهداء 2580 شهيد الجرحى 4000 جريح ، الأهداف التي طالتها "المكرمات” الملكية السعودية ما يزيد 350 تجمعا سكنيا ، 3000 منزل مدمر ، ما يقارب 50 ألف أسرة نازحة ، أكثر من 1500 مرفق مدني مدمر أو مهدم أو تم تسويته بالأرض ، 100 منشأة تعليمية تم استهدافها على رؤوس التلاميذ ، استهداف لكل قدرات الجيش اليمنى ، تجريب و اختبار كل الأسلحة المحرمة دوليا تماما كما تفعل السيدة "إسرائيل” في غزة .
طبعا ، من شابه "أبناء عمه ” ما ظلم ، و يحق اليوم لإسرائيل أن تفاخر بأنها كسبت إلى جانبها أحد الأدوات العربية عنفا و قدرة على الفتك ، و يجب أن نعترف للملك سلمان بكون الابن قد تفوق على أبيه و بأن البربرية الصهيونية تجاه الشعب الفلسطيني و بقية الشعوب العربية لا تمثل شيئا أمام وحشية هذا النظام الدموي ، بل يجب المقامرة بأن هتلر ما كان ليخسر الحرب و يتجرع حبة السيانيد لينتحر مع عشيقته ايفا براون لو كان إلى جانبه أحد ملوك آل سعود.
الوحشية الصهيونية التي طالما اكتوى العرب بنارها منذ ما قبل وعد بلفور المشؤوم هي "لعب عيال” أمام الوحشية السعودية ، و لعل الذين اكتشفوا اليوم وحشية الجماعات الإرهابية التي رضعت الوهابية التكفيرية و هم يمارسون ” هوايتهم” في قطع الأعناق و ذبح الأبـــرياء و تقطيع أوصالهم و انتهاك حرمة أجسادهم قد تفطنوا بكثير من التأخير إلى ماهية هذا النظام العابث بالمقدسات الدينية ، الملطخ للإسلام برداء الكراهية و الدم ، الغارق في الدموية و في احتقار الذات البشرية .
طبعا هناك فرق وحيد بين أدولف هتلر زعيم النازية و بين الملك سلمان الصهيوني، فالزعيم الألماني قد اختار الموت بشجاعة على أن يعتقل من القوات الروسية ، في حين أنه يعرف عن ملوك آل سعود جبنهم و خوفهم ” الأسطوري” ، فجيش الحماية الخاصة الذي تحول من الملك سلمان في رحلة استجمامه إلى جنوب فرنسا يعكس بصورة واضحة حالة الخوف و الارتباك التي يعيشها النظام ، في حين يؤكد وجود القواعد الصهيونية على مشارف القصر الملكي أن ” العائلة” المافيوزية الحاكمة بكاملها تعيش حالة من الرعب و الارتباك تجعلها لا "تصدق” إلا الحماية الصهيونية و لا تنام إلا على وقع "الجزمة” الأمريكية ، و رغم أن وسائل الإعلام الصهيونية لا تترك فرصة إلا لتبرز العلاقة الحميمية بين نظامي الميز العنصري فان النظام لا ينام إلا بعين واحدة خيفة أن يستيقظ على كابوس مثلما حصل لمبارك و بن على ، فالملك يدرك في قرارة نفسه أن الصهيونية العالمية لا تؤتمن .
الجميع يعلمون أن الرصاص هو لغة الحروب ، و من يستعمل الرصاص "للحوار” مع الجيران لا يمكن أن يكون شخصا سويا في كل الأحوال ، ينقل عن الروائي الجزائري رابح فيلالى قوله ، ” أن رصاصة واحدة تكفى لإطلاق الحرب و الموت و الدمار و لكن وردة واحدة أو أطنان من الورود لا تكفى لصناعة الحياة أو ترميم الأوجاع أو إصلاح الكوارث ” … و على كل حال ، فالملك السعودي الآثم لا يعرف إلا لغة الرصاص و ما أبعد وجدانه السقيم عن لغة الورود ، و هنا أتذكر رواية ” فرانكشتاين في بغداد ” حين تبدأ بتلك الجملة المثيرة ” إني أطلب منك ألا تصفح عنى ” ، فالملك السعودي المجرم لا يريد من يصفح عنه لأنه يعلم أن الإجرام سمة أساسية في تركيبته الشخصية العدوانية ، و هو يدرك تماما حين تدمر طائراته الأشلاء اليمنية أو حين تنحر أدواته التكفيرية الرخيصة الأجسام السورية أنه لا أحد سيغفر يوما مهما حصل لهذا القاتل بالفطرة و بالوراثة كل خطاياه .
لقد طالبنا الشعب اليمنى في مقال سابق بتوثيق هذا العدوان ، تماما كما طالبنا الشعب السوري و العراقي و المصري ، و نحن لم نطالب بهذا الأمر من فراغ ، فمعلوم أن الإدارة الأمريكية بفروعها المختلفة ذات العلاقة تهتم بالتوثيق لكل الأنظمة العربية على حد سواء ، و هي و لئن كانت تقف اليوم صامتة و تكتفي ببعض الإشارات المحتشمة الخجولة من بعض المنظمات مثل هيومن رايتس ووتش ، فهي ستخرج كل هذه "الوثائق” في الوقت المناسب لمحاسبة النظام السعودي بحجة تعديه على "حقوق الإنسان” و اقترافه لجرائم ضد الإنسانية تماما كما حصل مع الزعيم الصربي سلوبودان ميلوزيفيتش ، المسألة متوقفة فقط على نهاية تنفيذ مشروع تفتيت الدول العربية و مسألة وصول النظام السعودي إلى نهاية المطاف و انتهاء الصلاحية ، و حين نعلم نهاية السادات و مبارك رغم ما قدماه من ” تضحيات مؤلمة” لفائدة إسرائيل فلا بد أن نقتنع بأن نهاية الملك و النظام السعودي آتيتان لا محالة ، فقط المسالة مسالة وقت لا غير .