عين الإرهاب على تونس مجددًا
روعة قاسم
بعد أن نصحت المملكة المتحدة رعاياها بعدم السفر إلى تونس، قامت الولايات المتحدة بدورها بتحذير المواطنين الأمريكيين بعدم المخاطرة بزيارة الخضراء إلا للضرورة. وحذَّرت بدورها وزارة الداخلية التونسية من إمكانية وقوع عمليات إرهابية خلال الفترة القادمة بعد ورود معلومات استخباراتية تؤكد أن الجماعات التكفيرية قد تخطط لاستهداف تونس.
وقررت السلطات التونسية إغلاق شارع العاصمة الرئيس (شارع الحبيب بورقيبة) الذي يقع فيه مقر وزارة الداخلية ومقرات أمنية واستخباراتية ومنع عبور السيارات أو التوقف في إحدى جنباته. وتشهد العاصمة التونسية انتشارا أمنيًّا كثيفًّا لافتًّا، ويتم التدقيق في هويات سائقي السيارات المشتبه بهم ويتم تفتيش هذه السيارات.
منع التظاهر
كما تم إصدار قرار منع التظاهر بالشارع المذكور خشية تسرب عناصر تكفيرية مع المتظاهرين وحصول خروقات أمنية. وكان من المقرر أن تخرج مظاهرات ثلاث للمعارضة في الشارع المذكور احتجاجا على قانون المصالحة الاقتصادية الذي يدعمه رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي وتسانده فيه حركة النهضة ذات الميولات الإخوانية والذي سيتم بمقتضاه العفو على رجال أعمال فاسدين وأشخاص تورطوا في نهب المال العام مقابل إرجاعهم لما تم سلبه خلال العهد السابق، كي تتحرك عجلة الاقتصاد الوطني ويتم ضخ سيولات مالية فيه ويعود رجال الأعمال إلى ممارسة أنشطتهم.
الارهاب في تونس
ويرى معارضون للحكم في تونس أن إغلاق الشارع الرئيس للعاصمة هدفه منع المعارضة من حقها في التظاهر ولا علاقة له بتهديدات إرهابية لا وجود لها بنظر هؤلاء. ويصر هؤلاء على النزول إلى الشارع في الموعد المحدد رغم قرار المنع في تحد صريح لقوى الأمن وللفريق الحاكم الداعم لقانون المصالحة الذي لا يزال مشروعا ولم يعرض بعد على مجلس نواب الشعب لتجري المصادقة عليه.
التطبيع مع الفساد
وينتمي أغلب معارضي هذا القانون إلى الجبهة الشعبية (تجمع أحزاب يسارية وقومية) وإلى ما يسمى "حراك شعب المواطنين" الذي يقوده الرئيس المؤقت السابق المنصف المرزوقي وإلى حزب المسار (الحزب الشيوعي التونسي سابقا). وترفض هذه القوى تمرير مشروع القانون ذاك لعلة عدم التطبيع مع الفساد والفاسدين، على الرغم من أن شبهات الفساد تحوم حول بعض زعماء وقادة هذه التيارات والأحزاب التي ظهر عليها الثراء الفاحش ولا تعرف لها موارد مالية قارة ولا أنشطة قانونية قد تدر عليها هذه الأرباح.
وقد دعت هذه القوى المعارضة وزير الداخلية ناجم الغرسلي إلى مقر مجلس النواب احتجاجا على قمع الأمن الأسبوع الماضي لمظاهرات استهدفت هذا القانون بساحة محمد علي معقل الاتحاد العام التونسي للشغل وبشارع الحبيب بورقيبة. ويبدو أن تهديدات المعارضة بالنزول إلى الشارع في الموعد المحدد والمساءلة التي تعرض لها وزير الداخلية في مجلس النواب قد دفعت برئيس الحكومة الحبيب الصيد إلى الإعلان على أنه سيسمح لقوى المعارضة بالتظاهر في شارع الحبيب بورقيبة تحت الحماية الأمنية رغم التهديدات الإرهابية تكريسا للحق في التظاهر الذي أقره الدستور التونسي الجديد.