سوريا .. السويداء تجاوزت المؤامرة
صحيفة الوطن العمانية
بسرعة لملم وجهاء وأهالي السويداء في سوريا ردود الفعل التي كانت نوايا اللاعبين بأمن المدينة تخريب ما يمكن تخريبه، وصولًا إلى الهدف الأكبر، وهو ضرب التعاضد الوطني لطائفة الدروز وعلاقتهم الوثيقة بدولتهم ورئيسهم وجيشهم العربي.
لقد بات واضحًا أن اغتيال الشيخ وحيد بلعوص وهو أحد وجهاء المدينة، إنما يحمل في طياته روح المؤامرة المخطط لها بعناية .. فالشيخ المذكور الذي قتل في عملية التفجير حاولت أجهزة الإعلام المغرضة الإيحاء بأنه ليس على توافق مع (النظام)، وكأنهم بذلك يقولون بأن من دبر عملية اغتياله المحسوبون على النظام. ولهذا كانت ردات الفعل الأولية بعد اغتياله أن تحركت عناصر مشاغبة لم يعرف من أين أتت؟ ويقال إنها دخلت من خارج السويداء حيث بادرت على الفور إلى تحطيم تمثال الرئيس حافظ الأسد في المدينة ثم مهاجمة مقرات أمنية، وإحراق شعارات حزبية والقيام بأعمال غوغاء، لكن المشايخ والقيادات السياسية عاجلت التدخل، ووضعت حدًّا لما يجري والذي كان مخططًا له إغراق منطقة السويداء بأكملها في فتنة داخلية بين أناسها وشعبها، بل إن المشايخ والوجهاء هم من نزلوا إلى الشارع وما زالوا يقومون بحراسة المنشآت المهمة، وقاموا بإيقاف التحركات الغوغائية التي سيطرت لساعات على الوضع الداخلي، ولولا ذلك لكانت الأمور قد أفلتت من يد العقلاء.
لقد بدا واضحًا أن عدم قدرة الإرهابيين اختراق منطقة السويداء من الخارج، دفع بهم إلى تدبير ما من شأنه التفجير من الداخل ثم الانقضاض بعدها على المدينة بعد أن تكون قد نضجت الأمور في هذا الشأن .. ولأن السويداء لها في قلب الرئيس السوري بشار الأسد مكانة خاصة، فقد أرسل لها قوات إضافية وأسلحة نوعية، وقام بتسليح من يريد من أهلها، فتمكنت بالتالي من الصمود، بل ومن دحر الإرهابيين إلى خارجها.
وليست مسألة التحرش الإرهابي بالسويداء جديدة، إذ بات معروفا أن المخطط الإرهابي يقوم على الاستئثار بكل محافظة سورية حسبما هو مرتب في أجندة الغرف السوداء التي تخطط لذلك. ومعناه، أن السويداء جاء موعد الهجوم عليها بعدما أحكم الإرهابيون لوجستيًّا على المناطق المحيطة بها. لكنهم اكتشفوا قوة تحصينها وإمكاناتها العسكرية المتطورة، التي كما قلنا وضعها الرئيس السوري بتصرفها.
بعودة الهدوء إلى السويداء، نجت المدينة بل محافظتها كاملة مما كان يراد له أن يكون. وهو التفجير الداخلي، وإذا عرفنا أن مشايخها على وعي بما يخطط لمنطقتهم، وأن من اغتال الشيخ بلعوص ومن معه إنما أرادوا إيقاع الفتنة، وتحقيق الاختراق الذي كثيرًا ما حلموا بالوصول إليه، لكن فاتهم أن جميع أهالي المدينة وحدة متراصة، وأنهم وجيشهم العربي السوري يشكلون قوة واحدة موحدة، لا يمكن التلاعب بها أو التأثير عليها.
السويداء بخير بعد أن لفظت المؤامرة عليها، وأشارت باليد الواضحة أن ما يسمى جبهة "النصرة” تقف وراء ذلك .. أليست هي من يطلق عليها جبل العرب؛ لأنها شكلت تاريخيًّا معلمًا ثوريًّا ضد قوى الاستعمار والطغيان، وكانت عامل وحدة وطنية دائمة لم تحد عنها ولم تغير من فحواها. ولأنها كذلك فسوريا كلها بخير، وعلى الخير يعيش السوريون أيامهم يرقبون الفرج بعين ويحمون بلادهم بالعين الأخرى.