kayhan.ir

رمز الخبر: 25430
تأريخ النشر : 2015September05 - 20:26

دور ومصلحة تركيا في استعادة ’داعش’ السيطرة على شمال حلب

شارل أبي نادر

يظهر الانغماس والتخبّط التركي في موضوع الحرب على سوريا من خلال دعمها بمختلف الاشكال لاغلب المجموعات الارهابية التي تشن هذه الحرب، ومن خلال تحالفاتها المتناقضة مع هؤلاء (داعش، النصرة، احرار الشام، الجبهة الاسلامية وباقي المجموعات المتشددة والألوية المستقلة او المرتبطة فيما بينها) ، والتي تتقاسم النفوذ في الشمال السوري ما بين الحسكة شرقًا حتى الحدود السورية التركية على المتوسط غربًا، مرورًا بأرياف ومدن الرقة وحلب وادلب وقسم من ريف اللاذقية الشمالي.

من ناحية، تنخرط تركيا في الحرب على "داعش” ضمن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتَّحدة الاميركية، وقد فتحت قاعدتها الجوية العسكرية في انجرليك لطائرات هذا التحالف، كما ونفذت مؤخرا بعض الغارات الجوية على وحدات ومراكز التنظيم الإرهابي في بعض المناطق السورية المتاخمة لحدودها وذلك على اهداف منسّقة مع عمليات التحالف، ومن ناحية أخرى، تلعب دور الرئة التي تتنفس منها "داعش” حيث تساعدها، ومن خلال مافيات سرية تتحكم مخابراتها في رعايتها، على تصدير ما تضع يدها عليه من النفط السوري والعراقي عبر أراضيها، وتفتح معابرها وأراضيها للمقاتلين الأجانب (المهاجرين) الذين يلتحقون في وحدات التنظيم من كافة دول اوروبا غربا وشرقا ومن بعض دول غرب وجنوب غرب آسيا، كما وتدير هذه المخابرات بطريقة سرية مراكز للتدريب داخل الاراضي التركية لصالح التنظيم وذلك بتسميات وصور مختلفة.

بالمقابل، دعمت تركيا ولما تزل الفصائل المسلحة (جيش الفتح والنصرة واحرار الشام وغيرها) من خلال غرفة عمليات انطاكية في معارك هؤلاء المستعرة في حلب المدينة وفي مدن ادلب وجسر الشغور واريحا وحاليا في سهل الغاب والفوعة وكفريا وفي ريف حماه وريف اللاذقية الشمالي ضد الجيش السوري وحلفائه، وهذا الدعم يساعد هؤلاء المسلحين لتشكيل ضغط متواصل على الجيش السوري وحلفائه، ما يؤثر سلبا على جهوزيتهم في مواجهة الارهاب في سوريا بشكل عام، لتؤمن من ناحية أخرى لـ”داعش” مساعدة واضحة واساسية في معاركه الحالية ضد الفصائل المسلحة في ريف حلب الشمالي في محاولاته المستميتة للسيطرة على مدينة مارع الاستراتيجية ومحيطها والتي تشكل معبرا اساسيا مع الاراضي التركية، وهذه المساعدة تتجلى بفتح المعابر الحدودية لتسهيل انتقال عناصر التنظيم الى هذا القطاع الحيوي حيث توجد لديه بعض الصعوبات في الانتقال عبر ريف حلب الشمالي الشرقي بين مدينة الباب ومحيط مارع، وتتجلى ايضا هذه المساعدة عبر غض النظر عن انتقالات وحداته المكشوفة بين الرقة ومنبج والباب في ريف حلب عبر مدينة جرابلس الحدودية على الفرات وحيث من المفترض ان تكون هذه الوحدات هدفا لطائراتها اذا اعتبرنا انها انخرطت ضمن التحالف الدولي لمحاربة التنظيم.

هذه المساعدة الخفية والفعالة تؤمن للتنظيم الارهابي الامكانية العسكرية والميدانية لاستعادة السيطرة على المناطق الحيوية في ريف حلب والتي خسرها سابقا لصالح الفصائل المتشددة الاخرى وعلى رأسها احرار الشام والجبهة الاسلامية والوية الفاروق، كما وتتيح له التعويض عن خسارته المؤلمة لمعبري ومدينتي عين العرب وتل ابيض الاستراتيجيتين لصالح وحدات حماية الشعب التركي، وذلك اذا استعاد السيطرة على مدينة مارع ومحيطها شمال غرب امتدادا الى مدينة اعزاز ومعبر باب السلامة الحدودي شمال هذه المدينة الاخيرة، حيث يحتاج الى هذا المعبر مع تركيا لاسباب واسباب، كما وترمي تركيا من وراء هذه المساعدة الى إفساح المجال امام التنظيم لامكانية الضغط لاحقا على وحدات حماية الشعب الكردي في مدينة عفرين جنوب غرب اعزاز أو (المقاطعة الغربية) كما يسميها الاكراد، وحيث تكون بذلك وعبر "داعش” قد أمنت فصلا كاملا لاماكن تواجد الوحدات الكردية هذه ما بين الوسط في عين العرب وتل ابيض وما بين الغرب في عفرين.

لقد هدف الاتراك من خلال هذه المناورة الخفية حينا والعلنية حينا آخر والتي تظهرهم مترددين في اتخاذ قرار واضح او في اعتماد خيار محدد في انخراطهم في الحرب على "داعش” أو في مساعدتهم له أو للفصائل المسلحة الاخرى، الى ابقاء الباب امامهم مفتوحا للاستفادة حاليا من جهود هؤلاء جميعا في مواجهة الجيش السوري وحلفائه وفي محاربة واضعاف وحدات حماية الشعب الكردي، وللاستفادة لاحقا من خلال استغلال تحكّمهم ونفوذهم على هؤلاء جميعا في اية تسوية مرتقبة تتناول الوضع السوري بشكل خاص او الوضع الاقليمي بشكل عام .