kayhan.ir

رمز الخبر: 2329
تأريخ النشر : 2014June18 - 20:45

رسائل أوباما الداعشية إلى العراق

أن داعش ترتبط ارتباطا عضويا ، بخدمة السياسة الأمريكية ، ومن لف لفها من دول تحالف العدوان على سوريا ، لم يمكن تخيلات سياسية ، إنما كانت مبنية على قراءة معمقة لمثلث الإرهاب ...

لم يكد يمضي يوم واحد فقط ، حتى انبرى الرئيس الأمريكي بارك أوباما ، في تعليقه على طلب المساعدة العراقية منه ، بأن " أية مساعدة عسكرية لن تكون مجدية ، إلا ّ إذا اقترن ذلك بخطة سياسية يقدمها العراقيون " وأردف قائلا ً على القادة العراقيين اتخاذ قرارات صعبة والتوصل لحلول وسط للحفاظ على وحدة بلادهم " ، مضيفا ً ، أن سبب تهاوي القوات العراقية " إهمالها للتنسيق الأمني المفترض مع القوات الأمريكية " والتي نصت عليها الإتفاقية الأمنية المشتركة بينهما ...

كلام أوباما لا يحتاج إلى الكثير من الجهد في محاولة فهم مراميه ، فهو – على الرغم من إدانته داعش من طرف لسانه بأنها تشكل خطورة على المنطقة والأمن القومي لحلفاء أمريكا ... إلا ّ أنه من طرف لسانه الأخر ، شخّص الحدث العراقي بتمدد الدواعش فيه ، مسجلا ً ثلاث مبررات لهذه الهجمة :

النظام السياسي في. العراق – موقع العراق الجيوسياسي في المنطقة – موقع العراق في الخارطة الدولية

النظام السياسي العراقي

لعله من الواضح جداً ، أن مجرّد ربط الرئيس الأمريكي للمساعدة الأمريكية الفاعلة للحكومة العراقية في مواجهة الزحف الداعشي ، بتقديم الساسة العراقيين خطة سياسية جامعة للأطراف العراقية المختلفة ! ( والذي هو مطلب ظاهره حق ، والباطل يعشعش في داخله ) ، والسبب في ذلك يكمن في أن الخطة السياسية المطلوب من العراق تقديمها ، جاءت على ظهر عربات الهامفي الأمريكية ، التي استولى عليها الداعشيون ، فضلا ً عن باقي الأسلحة ، ناهيك عن أن توقيت الدعوة الأمريكية ، يُذكر بطوق النجاة الذي امتد أمريكياً لمن سموا أنفسهم بالقوى الثورية في بنغازي الليبية ، قبيل وصول قوات القذافي ، ربما بدقائق معدودة ... وكان يومها دليلا ً ساطعاً على مدى الابتزاز الذي مارسته أمريكا عليهم.

إذا التوافق السياسي ، الذي تطالب به أمريكا بين الأطياف العراقية ، وتبرير الغزوة الداعشية ، بأنها ردة فعل على " الغبن السياسي " الذي تعيشه بعض أطياف الشعب العراقي ، يؤكد أن حكم الأغلبية ، الذي نادى به تيار رئيس الوزراء المالكي قبل الإنتخابات العراقية .. وما أفرزته صناديق الإقتراع ، منذ العام ٢٠٠٣ ، وما فوق ، لم يكن ما تصبو إليه أمريكا ، كون تلك العملية السياسية ، تجعل اللعبة السياسية الداخلية في العراق ، ليست بمتناول اليد الأمريكية .

موقع العراق الجيوسياسي في المنطقة

في زيارة الجنرال ديمبسي للعراق في العام في أب من العام ٢٠١٢، وذلك بعد نشوب الأزمة في سوريا ، واشتداد الحرب عليها ، تحدث المسؤول العسكري الأمريكي ، بشكل واضح عن موقف الحكومة العراقية من تلك الأزمة ، وتحدث يومها بلغة المُرغّب والمُضخّم للدور العراقي الإفتراضي في استطاعته أن يلعب دوراً بارزاً في حل الأزمة ! وذلك عندما قال " لا أنوي سؤالهم إن كان لهم دورٌ فعال في الشأن السوري .. وأن المالكي له الدور المتميز فيها " ، ثم ما لبث أن انتقل بالحديث ، من لغة الترغيب ، إلى لغة التهديد المبطن ، عندما قال ما حرفيته " .. أن العراق يمكنه أن يلعب دوراً فاعلا ً في حل الأزمة السورية ، وأن المالكي له الدور المتميّز فيها " ، وقد أبرزت ذلك يومها في مقالة ، عنونتها ب " أدوارٌ رُسمت .. لأيامٍ أُجّلت " وقد أستفضت فيها في شرح بعض ما هو مرسوم ومطلوب أمريكياً من كل من المكونات التالية ( حركة حماس وفصائل المقاومة في فلسطين ، الإخوان المسلمين في مصر ، الحكومة العراقية ورئيسها المالكي ، الجيش اللبناني ) ( نُشرت بتاريخ 06- 09-2012 )

منذ تلك الزيارة للجنرال ديمبسي ، وما تلاها من زيارات عراقية للمالكي لأمريكا ، والتي لم تُفلح جميعها في تطويع العراق أمريكياً ، أو جعله يأخذ موقفاً مسايراً لدول تحالف العدوان على سوريا ، بعيداً عن موقف محور الممانعة .. الأمر الذي وجد فيه أوباما في غزوة داعش الأخيرة فرصته الذهبية في تبديل الموقف العراقي من الأزمة السورية ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ، ربما تكون تلك الرسالة الأمريكية للمالكي ، واحدة من الفواتير التي تسددها أمريكا للمملكة العربية السعودية ، والتي لم تطق عودة المالكي مؤخراً إلى الحلبة السياسية ، فضلا ً عن إمكانية حكمه للعراق مجددا ً ....

الأيام وحدها كفيلة ٌ بكشف ما تم التوافق عليه أمريكيا وسعودياً ، بخصوص الملف العراقي في. زيارة أوباما الأخيرة للمملكة ...

موقع العراق في الخارطة الدولية

لعل الرسالة الأمريكية الثالثة ، التي وجهها أوباما بالأمس ، والتي عبّر فيها عن امتعاضه من تدني التنسيق الأمني بين الدولتين ، عقب الإنسحاب الأمريكي من العراق ، إنما يُدلل بشكل واضح على مدى الحنق الأمريكي من استبدال التنسيق الأمني العراقي مع الولايات المتحدة ، بدولٍ أخرى كإيران ، وسوريا ، وروسيا مؤخراً ( شراء أسلحة ) ... الأمر الذي اعتبرته أمريكا تحللا ً عراقياً من بنود تلك الإتفاقية ، والتي أمّلت من خلالها أن تبقى في العراق عملياً بعد انسحابها منه ... وذلك بمد شبكة عنكبوتية في جميع مفاصل السياسة والأمن داخل العراق ، والتي أظهرت الأيام ، وتصريح أوباما بالأمس ، أن ذلك لم يتحقق ...

انطلاقا ً من ذلك الحديث الأمريكي عن الجيش والأمن العراقيين، وتوهينهما بشكل مقصود ، كونه ينطوي على دلالة وإشارة هامة للحكومة العراقية ، أن سبب هذا الفشل لهذه القطاعات العسكرية العراقية في مواجهة داعش ، يعود أولا ً وأخيراً ، إلى تلك الخيارات والوجهة " الخاطئة " لنلك القطاعات بعيداً عن المحور الأمريكي .. حيث كانت الرسالة واضحة في عودة العراق عسكرياً وأمنياً إلى الحظيرة الأمريكية ، دون غيرها .

خلاصة القول ، لا اعتقد أن أمريكا ستسمح لداعش ، بإعلان دولتها ، أو حتى بتمددها نحو مناطق تعتبر خطراً على المجال الحيوي لتركيا ، أو حتى لإيران ، لأنها ببساطة لا تريد حذفها من الخارطة ، وفي نفس الوقت لا تريدها أيضاً جزءً من الخارطة .. ما تريده أمريكا من داعش ، هو بين بين ، وأن تبقى هذه الأخيرة عاملا ً حيوياً في خدمة استراتيجيتها الدولية ...

كيف سيتصرّف العراق تجاه رسائل أوباما ؟ ما هو الموقف الإيراني منها ؟ الأيام القليلة القادمة كفيلةٌ بالإجابة ... وأكرر ما كتبته بالأمس ، ما حققته إيران في سوريا ، لن تسمح لأحدٍ بتضييعه في العراق ، وذلك على مقربةٍ من حدودها .

العهد