الحكمة في دعم الحكومة
ان قائد الثورة المعظم – دامت بركاته – وفي جانب من حديثه لمناسبة يوم التعبئة، قال: "ينبغي ان ندعم رئيس الجمهورية والحكومة الخدومة. لقد بدأوا باعمال جيدة وبعض الاعمال كان قد بدأها الشهيد رئيسي ولم تكتمل اكملتها هذه الحكومة وستعطي ان شاء الله نتائج هذه الاعمال ثمارها ويشهدها الشعب. فينبغي دعم الحكومة، ان عليها حمل ثقيل فليس من السهل ادارة البلد انه عمل شاق تكفلت به الحكومة".
ان دعم الشعب وحل مشاكل البلد ينحصر في دعم الحكومة ودليل ذلك ان اي مؤسسة في البلد لا تمتلك الاستعداد البشري والمادي لما تمتلكه الحكومة، اضافة لذلك فان اي مؤسسة ليس لديها نشاطات الحكومة. فان واحدة من اهم مخرجات المؤسسات المنفصلة عن الحكومة مثل مجلس الشورى الاسلامي، والسلطة القضائية، والقوى المسلحة والامنية، والاذاعة والتلفزيون تدعم الحكومة لحل شؤون الشعب وتعزيز ادارة البلاد. من هنا اذا ظن احد انه باضعاف الحكومة او الالتفاف عليها او التقليل من اهميتها يمكنه ان يدعم الشعب او يحل مشاكل البلد، فهو خاطئ.
ان في دعم الحكومة ورئيسها تكون للحكومة ونفس رئيس الجمهورية الدور في ذلك. حين تتصرف كوحدة واحدة وفي تحديد الاولويات والفرص، وتجنب الامور الهامشية وعدم اتلاف الوقت والفرص والتعيينات الصحيحة للاشخاص وتخصيص مناسب للميزانية. فخلال تجربة العقود الماضية شهدنا اتجاهين من الحكومة؛ فهنالك من كانت جادة في ادائها مما حصلوا رضا الناس واوجدوا النشاط الاجتماعي والمشاركة الشعبية الاكثر في الميادين الاجتماعية، وفي المقابل هنالك حكومات لم تكن جادة بما يستلزم لذا كانت مخرجات عملها تراكم للمشاكل.
من جانب آخر فالذين يرون انفسهم في دعم الحكومة اقرب من الناحية المعنوية للنظام السياسي في البلد ويحتمون ضرورة حث الخطى حتى وان لم يجدوا الحكومة من حيث الرؤية السياسية ضمن اطار ما يرونه وربما لديهم انتقاد اذ لا توجد هوة بين الحكومة والنظام السياسي، وبالطبع نعلم ان الحكومة تتمكن بادائها من دعمه او اضعافه، كما انه هكذا حصل في هذه الفترة الممتدة من عمر النظام.
فالذين يفصلون بين النظام والحكومة يوجهون ضربة للنظام السياسي – بالطبع عن غير عمد – فاذا صبت جميع الامكانات والفرص اهلية المؤسسات المنفصلة عن الحكومة فهي لا تكفي بحجم ادارة محافظة صغيرة، اذن لاسبيل سوى اعمال الحكومة في حل شؤون البلد ودعم الشعب. فخلال العقدين الماضيين حصلت حالات تقديم إقتراحات تستلزم عدم الالتفات للحكومة، الا ان قائد الثورة المعظم بحكمته تفضل قائلاً: "ان ايجاد مسارات موازية للحكومة لا تثمر وتؤدي الى ضعف الدوافع في الحكومة وهذا ليس في صالح الدولة". تأسيساً على ذلك فان سبيل الحل لشؤون البلاد تمر من الحكومة، وان اول وظيفة للجميع دعم الحكومة مع هذه الخصوصية ان "يكون الحمل الثقيل لادارة البلد على عاتقها" ويتعهد على ادارة البلد.
وبالطبع ان دعم الحكومة واي مؤسسة اخرى لا يتنافى مع الانتقاد السالم والشفيق بل ان النقد البناء يساعد الحكومة في حل مشاكل الشعب. وطبيعي ان الانتقاد الذي ينكر اهلية الحكومة او يضعف معنوياتها في ادارة البلد هوامر ثان، كما شهدنا قبل ايام في حديث المتحدث باسم جبهة الاصلاح بان على الحكومة ان تستقيل فهذا ليس بالنقد الاصلاحي او المشفق. والموضوع الآخر هو انه بالرغم من ان دعم الحكومة له موضوعيته ولكن عند بروز المشاكل وتراكم مؤامرات الاعداء سيكون للموضوع اهمية مضاعفة، ولقد شهدنا بركات ذلك خلال الحرب الاخيرة وعرفنا ان هكذا تعاضد يسهل من عبور البلد للمشاكل والازمات، لاسيما وان العدو مازال طامعاً، ففي هكذا وقت فان تقوية الحكومة ضرورة في امتداد حل الامور الاساسية للشعب.
الامر المهم الاخر في ضرورة دعم الحكومة، وواحدة من وجوه التفاتات قائد الثورة - دامت بركاته – لدعم الحكومة هي الوجه الحضاري كما في دعم حكومات الجمهورية الاسلامية.
فهذا ما شهدناه كخط ممتد في توجيهات الامام الخميني – رضوان الله تعالى عليه – وتوجيهات الامام الخامنئي – دامت بركاته – خلال ما يقرب من خمسة عقود. ونعلم ان الحضارات تتشكل من هذه الخطوط الممتدة حسب الرؤية القرآنية، وما تعلمناه من شخصيات مؤمنة بارزة مثل الشهيد المطهري – رضوان الله عليه – فان الحضارة لها ركنين ايجابيين – ما ينبغي – وركنين سلبيين – مالا ينبغي - . الركنان الايجابيان هما الوحدة الداخلية لاركان الدولة والشعب والعدالة والركنين السلبيين هما مواجهة الفساد والفحشاء – من قبل النظام – والاخر النهي عن المنكر في الجو الاجتماعي – من قبل الشعب - . مع التأكيد على اتحاد الشعب والحكومة ودعم الشعب للحكومة وتنظيم سياسات الحكومة حول امور الشعب من الوجوه الضرورية اللازمة للاستقرار والحفاظ على الحضارة والحركة باتجاه التعالي. فان نظرنا للموضوع من هذه الزاوية فلا يوجد معروف اكبر من دعم الشعب للحكومة على اساس حل مشاكل الشعب.
ان التأكيدات الاخيرة لقائد الثورة – دامت بركاته – وتوقعه من الحكومة لربما يبعث شائبة بان القائد لا يلتفت لحل مشاكل الشعب (!) او ليس له انتقاد للحكومة، فهذا التصور خاطئ من الاساس. اذ ان اهم فلسفة وجودية للحكومة في خدمة الشعب وان دعم الحكومة هو دعم للشعب. والامر الاخر انه بسبب وصول اوضاع الناس والبلد يومياً لقائد الثورة من قنوات مختلفة، واساساً ان منهجية القائد متابعة الامور من عدة قنوات رسميةوغير رسمية فان معلوماته اكثر من اي مسؤول في البلد ولذا فان انتقاداته للحكومة كانت دائماً اكثر من الاخرين واكثر صراحة. الا ان البيان العلني وتكرار الانتقادات في الجو العام وهو ما يريده الكثير ويصبونه لصالح القائد من زاوية نظر القائد ليس لصالح البلد ولا يساعد في حل المشاكل. وبالضبط من هذه الوجهة فان الذين يهمهم حل شؤون الشعب ولهم المعلومات الكافية يعتبرون اسلوب مواجهة القائد مع الحكومات – الدعم الواضح والانتقاد غير الواضح – الاسلوب الاكثر صلاحاً. ان هذا الاسلوب يعزز ارضية تقبل الانتقادات غير الصريحة للقائد واعتبروا دعم القائد العلني
للحكومة بانه طاقة متجددة لحل مشاكل الشعب وأبدوا شكرهم لذلك.