كلمة الفصل لقائد الثورة
ماهية الثورة الاسلامية الايرانية واسسها الفكرية بيّنة واضحة منذ اليوم الاول لانتصارها حين قدمت درساً بليغاً في مواجهة الامبريالية الاميركية وربيبتها "اسرائيل"، فحين كانت الساحة العربية تعيش التراجع زخت الثورة طاقة تنظيرية متكاملة من خلال القيادة الحكيمة كأسوة أسقطت الاقنعة عن جميع المتشدقين بالثورية والوطنية ... ومن خلال الانتماء الفكري حين طرحت الاسلام كحالة فكرية تختزن إرثاً بامتداد التأريخ في صراع الحق ضد الباطل، مما جعلها تمتد في نقاط العالم الاسلامي مبلورة الصورة الصراعية المنسجمة مع السنن الالهية لادارة الارض، واولى سمات هذه الثورة وتعبيرها عن عدم تساهلها وتهادنها مع الشيطان الاكبر اميركا تمثلت في احتلال وكر التجسس "السفارة الاميركية في طهران"، حيث قام مجموعة من الطلبة الجامعيين الثوريين – الذين اطلقوا على انفسهم الطلبة السائرون على نهج الامام الخميني – باحتلال السفارة الاميركية في طهران وإلقاء القبض على الجواسيس الاميركان، ونشروا الوثائق التي عثروا عليها في السفارة في خمسين كتاباً سميت "وثائق وكر التجسس الاميركي في ايران" كاشفة التدخلات التي قامت بها الادارة الاميركية في مختلف نقاط العالم واعلنت عن اسماء العديد من الرابطين والجواسيس لاميركا والتحركات السياسية الاميركية في مناطق العالم. وقد اطلق على هذا اليوم "4 نوفمبر من عام 1979" باليوم الوطني لمحاربة الاستكبار العالمي، ويصادف اليوم الذي تم فيه اعتقال ونفي الامام الخميني – رضوان الله عليه - الى تركيا في عام 1964، وقد نعت الامام عملية الاحتلال للسفارة بانها ثورة تفوق في اهميتها الثورة الاولى. فما كان من اميركا الا وفرض الحصار على ايران اقتصادياً وسياسياً كما قامت في 24 نيسان من عام 1980 بارسال ست طائرات سمتية من طراز سي 130 من حاملة الطائرات "نيميتس" والهبوط في احدى القواعد الاميركية السابقة في صحراء طبس شرقي ايران على ان تتوجه الى طهران لقصف منزل الامام الخميني "قدس سره" والمراكز الهامة بالتعاون مع عملائها، غير ان عاصفة طارئة هبت في الصحراء اجبرت بعض الطائرات على العودة الى حاملة الطائرات، واضطرت الباقيات الى الهبوط الاضطراري في الصحراء ونتيجة لسوء الاحوال الجوية ارتطمت احداها بالاخرى فانفجرت كلتاهما، قتل على اثرها ثمانية من الغزاة، فاضطر الرئيس "جيمي كارتر" الاعلان عن ايقاف العملية.
ولهذه المناسبة ألقى سماحة قائد الثورة الاسلامية أول أمس آية الله العظمى السيد علي الخامنئي – دام ظله – خلال لقائه آلاف الطلبة والجامعيين كلمة قيّمة عرت الادارة الاميركية وصف فيها الخلاف بين ايران واميركا بانه جوهري ووجودي وليس تكتيكياً، وقد وصف سماحته ذكرى الاستيلاء على السفارة الاميركية باعتبارها مركزاً للتآمر والتخطيط ضد الثورة الاسلامية بانه يوم "الشرف والنصر" ويوم "كشف الهوية الحقيقية للحكومة الاميركية المستكبرة". واكد ان العداء الاميركي المتواصل طوال العقود الماضية دليل على صدق مقولة الامام الخميني "رض": إصرخوا بكل قوتكم في وجه اميركا/ من هنا فان عداء واشنطن لم يكن كلامياً بل تمثل في العقوبات والمؤامرات ودعم الاعداء وتحريض صدام على شن الحرب وتقديم الدعم الكامل له، واسقاط طائرة الركاب الايرانية التي كانت تقل 300 مدني، كما ورد سماحته على من يروج لفكرة ان شعار "الموت لاميركا" هو سبب العداء الاميركي لايران، قائلاً: "هذا قلب للتاريخ لم تعادنا اميركا بسبب الشعار بل لان مصالحها تتعارض جذرياً مع مصالح الجمهورية الاسلامية، ان البعض يقول نحن لم نستسلم لاميركا لكن هل سنبقى على هذا الحال الى الابد؟ والحقيقة هي ان طبيعة اميركا الاستكبارية لا تقبل الا الاستسلام الكامل، وقد كان جميع رؤسائها يريدون ذلك لكن الرئيس الحالي فقط هو من صرح به علناً وكشف عن باطن واشنطن. فهل يُعقل ان تتوقع اميركا استسلام شعب يتمتع بهذا القدر من الوعي والثقافة والثروة والشباب المؤمن الواعي؟ هذا أمر غير منطقي.
فيما رد سماحته على تصريحات اميركية بشأن الرغبة في التعاون بالقول: "التعاون مع ايران لا يمكن ان يتحقق ما دامت اميركا تواصل دعمها للكيان الصهيوني الملعون. واذا اوقفت اميركا دعمها للكيان الصهيوني تماماً وأزالت قواعدها العسكرية من المنطقة وكفت عن تدخلاتها، عندها يمكن التفكير بالامر، ولكن بالتأكيد ليس الان ولا في المستقبل القريب".
بعد هذه الشقشقة التي هدرت ولم تستقر، واتضح الامر للجميع، الصديق والعدو، خارطة طريق رسمها سماحة قائد الثورة الامام الخامنئي – دام ظله - في كيفية التعامل مع كل مستكبر عاد.