داعش في دائرة الانتحار النهائي
لم يعد اليوم في العالم الذي تهيمن فيه المصالح على القرار السياسي اخفاء المعلومة لان في تسريبها رسالة موجهة الى الاطراف المعنية سواء المنظوية تحت عباءة تلك القوى او المعادية لها، بهدف تحديد المواقف او قطف النتائج ومما دار خلال الايام الستة الاخيرة في العراق يأتي في هذا الاطار رغم بشاعة الحدث ودمويته وتداعياته المخزية والمفضوحة لهذه القوى عندما تدفع بـ "داعش" احد أبشع فراخ القاعدة ارهابا ودموية ليكون أسطولها المتقدم في المنطقة ثم تأتي الى سوق النخاسة وفي عملية ابتزازية مكشوفة وعفنة من اجل دعم بعض الكتل السياسية العراقية التي خسرت معركة الانتخابات لاعطائها المزيد من المكاسب بهدفه مصادرة قرار الشعب العراقي وما حدث في الموصل يصب في هذا الاطار.
فعندما فشلت الاطراف الدولية والاقليمية والكتل المحلية المفلسة من كسر ارادة الناخب العراقي لتشكيل حكومة وطنية مستقلة لجأت الى داعش وهيأت له ارضية التحرك في الموصل للضغط على بغداد للعودة عن قرارها لكن هذه الاطراف وللأسف لم تتعظ من الدرس السوري المرير ونزلت بشكل عريان الى الساحة العراقية التي ستلقنها درسا لن تنساه مدى الدهر.
وبناء على المعلومات التي سربوها هم انفسهم او ممن ينوب عنهم او تبلورت من خلال مواقفهم تجاه ما يجري في العراق كشفت اوراقهم ولم يعد لديهم ما يغطون على عوراتهم. واذا ما تجاوزنا معلومة الوزير التركي اوغلو بعلمه بما سيجري من تحرك امني في الموصل وعدم اتخاذه لاية تدابير امنية للحفاظ على القنصلية وما صرح به بالامس رئيس الوزراء اردوغان بان الدبلوماسيين والمواطنين هم بخير وموجودون في مكان ما يبعث على المزيد من الريبة والشك والغموض وكذلك حجب السفارة الاميركية في بغداد معلومة ما سيحدث في الموصل عن الحكومة العراقية بل كان الجانب الكردي في جريان ذلك، ان ما تفوه به الرئيس اوباما لم يعد مجالا للشك بان داعش احد ادوات بعض الكتل السياسية وواجهتها في الساحة العراقية التي تحظى بالدعم الاميركي فيما يربط أي اوباما "مساعدة العراق بتوافق جميع الكتل السياسية" هذا الموقف الاميركي المفضوح وقبله تنصل واشنطن الوفاء بتنفيذ بنود الاتفاقية الامنية مع العراق في التسليح والتدريب والمعلومات ستكون لها تداعيات كبيرة على علاقاتها مع العراق لانه من غير الممكن ان تعول دولة حرة ومستقلة في العالم على اميركا التي لايمكن ان تتحمل وجود دول مستقلة بل تريدها على الدوام دولا منبطحة وذيلية كالموجودة في منطقتنا بكثرة ولا نحسدهم على ذلك.
وعلى اية حال فان خيوط المؤامرة باتت مكشوفة لدى بغداد ولا ندري متى وكيف ستعلن عنها، لكن دخول المرجعية على الساحة بشكل مفتوح لدعم القوات المسلحة العراقية احبطت المؤامرة وكشفت وجوهها القبيحة ومنذ امس الاول وبزيارة المالكي رئيس الوزراء الى سامراء انطلقت جحافل القوات المسلحة العراقية لتطهير المناطق في محافظة صلاح الدين من براثن الداعش الارهابي الذي تكبد خلالها مئات القتل الجرحى واليوم باتت هذه القوات تحاصر الموصل وان دخلت الى بعض مناطقها لكنها تنتظر قرار القيادة العسكرية لحسم المعركة نهائيا لان داعش ومن يوازرها من القتلة والمجرمين والارهابيين هم من جاؤا بانفسهم الى دائرة الموت الزؤام لكن الخزي وكل الخزي للدول الغربية وعلى رأسها اميركا ومن يتحرك في فكلها من دول المنطقة التي لم تكلف نفسها حتى عناء التنديد اللفظي لما جرى في العراق من مذابح وجرائم دموية فظيعة.