kayhan.ir

رمز الخبر: 213639
تأريخ النشر : 2025September30 - 19:42

إحياء المِلَة في طاعة إمام الأمة

 

 تنوعت اشكال النهضة خلال النصف الاول من القرن الماضي فهي تراوحت بين سبل الكفاح المسلح وصولاً لمسلكيات النضال السياسي والمشاريع الاجتماعية. الا ان الاهم في الاعتبار بصورة تكاملية ليس الاستغراق في مواجهة الاستعمار بصوره المختلفة وانما في مقاومة داء قابلية الاستعمار كي يتم الخروج بصيغة حضارية متكاملة لا تتعثر عند حدود المواجهة الآنية.

فالحركات الاسلامية هي حلركات سياسية واجتماعية تنطلق من رؤى فكرية استجابة لمقصد التعبير، اذن ان اقامة الدولة الاسلامية هي الهدف المعتبر لدى كل الحركات الاسلامية كنظام شامل لحياة المسلمين، الدافع له هو التهديد الخارجي اضافة لوجود فساد في انظمة الحكم وطبقة الحكام الذين يربطون مصالحهم بمصالح القوى الاجنبية وكذلك هي طبقة المتفرنجين الذين استمالتهم المفاهيم الغربية فوقفوا امامها خانعين. وبالطبع كان كل هذا إثر الغزو الاستعماري في القرنين التاسع عشر والعشرين وتقسيم الشرق الاوسط بعد الحرب العالمية الاولى الى مناطق انتداب بريطانية وفرنسية. وقد بكر الامام الخميني "ره" في تشخيص اصالة العمل الاسلامي، فقال: "اعتمدوا على ثقافة الاسلام وقاوموا التقاليد الاجنبية، قفوا على اقدامكم وهاجموا هؤلاء المثقفين المفتونين بالغرب والشرق لاستعادة الهوية الحقيقية". فكانت غايته في انشاء مجتمع صالح وهذا يتطلب اقامة دولة تؤمن بحتمية إعلاء حكمية الشريعة. ولذا نجده يصف نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية بانها من النعم الالهية الكبرى على جماهير ايران وكل المستضعفين في العالم، اذ حررت ايران من الاستبداد السياسي والقهر الاجتماعي والفساد الاقتصادي.

فتمثلت حركته في ابراز قضية العلاقة بين الاسلام والسياسة كأبرز قضايا التطور السياسي الاجتماعي، بما ان الاسلام كان حاضراً باشكال مختلفة في معظم القضايا والتطورات الكبرى والمهمة التي شهدتها المنطقة. ولم يهب الامام كل قوة تعاديه وكأن المستقبل واضح امام عينيه. وقد وصفه سماحة قائد الثورة: "لقد وقفت كل قوى العالم بوجه امامنا الراحل العظيم لكنه استطاع بالاعتماد والتوكل على الله ودعم شعبه ان يهزم كل هذه القوى لوحده، ويرفع اسم الاسلام والثورة الاسلامية في العالم عالياً". لذا حاول الغرب بقيادة اميركا ان يفك التحالف الاسلامي القائم تاريخياً بين شعوب المنطقة والامة الايرانية من خلال استثارة النزعات العنصرية والعصبية.

وما حصل هو العكس اذ كل ما جمعته اميركا من قوى واذرع ابرزها الكيان الصهيوني لخنق انفاس الثورة الاسلامية ازدادت تصميماً على مواجهة اميركا بنظامها العالمي المتوحش، والمشروع الصهيوني الي يحاول فرض وجوده على الارض بالقوة العسكرية وتقديم مخططات جديدة قديمة كمشاريع تعايش بين اتباع الديانات السماوية، وفي الحقيقة هي غطاء ديني لتثبيت الكيان الصهيوني ودمجه في جسد الامة، بدأ الترويج له بعد اتفاقيات ابراهام عام 2020 كدعوة لوحدة شعوب الشرق الاوسط على اساس التراث الابراهيمي المشترك، وعملياً هي محاولة لتصفية القضية الفلسطينية، ويصبح الاحتلال أمراً عادياً وان "اسرائيل" هي شريك تجاري ليقتنع الجميع ان القضية هي تحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين وليست قضية تحرير وطن. ان هذه الضبابية المتعمدة في التعامل مع القضايا لابد من الرجوع فيها الى قيادة حكيمة خبرت صنوف الالاعيب التي يمارسها الاعداء. ففي كلمة لسماحة قائد الثورة الاسلامية الامام الخامنئي 7/9/2025 "ان الطريق الوحيد لمواجهة الكيان هو قطع جميع العلاقات السياسية والاقتصادية من قبل دول العالم"، وفي خطاب بتاريخ 24/8/2025 "ان جميع الادارات الاميركية المتعاقبة رغم اختلاف توجهاتها انتهجت النهج ذاته من عداء وتهديدات وعقوبات. ففي الماضي كانت تخفي السبب تحت عناوين مثل "الارهاب" وحقوق الانسان" و"قضايا المرأة" و"الديمقراطية"، الا ان الرئيس الحالي كشف الهدف الحقيقي دون مواربة: "نريد من ايران ان تطيع أوامرنا".

نعم ان سماحته قد عرّى نوايا الغرب عموماً وكيف يتعاملون مع المسلمين من شرفة عالية، ولا يقيمون وزناً لمعاناة الشعوب كما نشهده اليوم في غزة، ولكن هيهات ما دامت الامة متمسكة بالآية الكريمة من القرآن الحكيم: "اطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الامر منكم" النساء / 59.