kayhan.ir

رمز الخبر: 212446
تأريخ النشر : 2025September08 - 20:24

المسار الدبلوماسي مع اوروبا واميركا  لا طائل منه

 

 كان متوقعاً تفعيل الترويكا الاوروبية لآلية الزناد، اذ ان الكثير من مراكز البحوث قد افادت ان الاوروبيين وقبل شهر من 18 اكتوبر 2025 وبالاستفادة من مادة ضمن خطة العمل المشتركة تحول دون حجب مواد اساسية في الاتفاق تسمح لايران ان تتخلص من عواقبه بعد عشر سنوات من فرض اجراءات احادية.

ورغم ان القبول بهكذا مادة من قبل المفاوض الايراني خطأ فاحش وعيب ولكن من الواضح انه حتى لو لم تكن هذه المادة موجودة ما كان الاوروبيون والاميركيون يسمحون للملف النووي الايراني ان يأخذ مجراه وتتمكن ايران من الاستفادة من فوائد الانضمام لمعاهدة ان بي تي والوكالة الدولية للطاقة النووية. من هنا فان من الخطأ الاعتقاد اننا رغبنا بالاتفاق مع الغرب وكنا ندّعي ان بالاجراء الدبلوماسي يمكننا تنظيم علاقاتنا القانونية مع الغرب بحيث نضمن اهدافنا النووية بتكلفة منخفضة. واليوم بعد 22 يوماً والعودة الى نقطة الصفر فلا طائل من انفاق باهظ باستئناف المفاوضات.

ان حشر آلية الزناد في مواد الاتفاق المادة المحورية والمحسوبة سلفاً حين تعيد هذه الالية جميع القرارات الظالمة غير المنطقية لمجلس الامن الدولي، اي انها توازي خطة العمل المشتركة، وان الرضوخ لها – حتى لو تاجل لستة اشهر – تعود باضرار بالغة. فالمهلة لستة اشهر التي يتم التحدث عنها اليوم اي الى بداية آذار 2026 يجعل البلد في حالة انتظار ويسلب الاطمئنان الاقتصادي والامني من ايران ومن ثم تفعل آلية الزناد لتستمر هذه الحالة الى وقت غير معلوم.

لو دققنا في لغة المسؤولين في الترويكا الاوروبية خلال تقديم مسودة عودة آلية الزناد نصل الى عبارة "مازال الطريق الدبلوماسي مفتوحاً". هي خديعة لتجعل ايران في وضع منفعل وعدم استفادتها من امكانية التهاجم. وللاسف خلال السنوات العشر الماضية ومنذ التوصل الى خطة العمل المشتركة وبالرغم من ان الاطراف الغربية لم تعمل بتعهداتها كانت ادبيات غالبية المسؤولين الايرانيين بشكل بحيث فهم الغربيون منه خوف ايران من ان تكون الاوضاع اسوأ، بينما في هذه الفترة تمكنت ايران  - وبالاستفادة من عدم قيام الغربيين بخطوات متقابلة – من جعل الغرب في حالة اما العمل بتعهداته او تحمل ضرر كبير ناجم من فقدان الاجراءات المتقابلة.

ان المسؤولين الايرانيين حينها – قبل 22 سنة – لسذاجتهم او تغافلهم، اذ حين وجه الغرب التهم لبرنامج ايران النووي، اظهروا ان الغرب له تساؤلات وانه بحق قد احتار في فهم الامور واذا تم التوضيح بان ايران ليست بصدد الحصول على قنبلة نووية ستحل الامور. ففي فترة رئاسة "محمد البرادعي" لمنظمة الطاقة الدولية، حصل هذا الاعتقاد لدى بعض الدبلوماسيين الايرانيين، بانه اذا تمت الاجابة على اسئلة الوكالة "12 سؤالاً" ستعلن الوكالة رسمياً ان البرنامج النووي الايراني سلمي. كما وعد البرادعي بذلك، ولكن بعد يوم من الاجابة على التساؤلات طرح الاميركان قضية الحاسوب وارجعوا المفاوضات لنقطة الصفر، وهذا ما تكرر خلال حكومة الرئيس روحاني ومن بعده وفي كل مرة يتم طرح جديد وتعود المفاوضات للصفر.

واليوم تعني آلية الزناد ان الغربيين قد ادخلونا في مسار 22 عاماً اخرى فاذا رضخنا له سنستمر في نفس المسار المكلف وفي نفس الوقت لا ثمرة منه، ولا نكون مصونين من هجوم عسكري على منشآتنا النووية وغير النووية. ومن الواضح الان ان المساعي الحالية ومنها: رسالة وزراء خارجية؛ ايران وروسيا والصين لمجلس الامن ووثائق اخرى ارسلها وزير الخارجية الايراني الى مجلس الامن الدولي، او ادبيات المسؤولين الايرانيين القاضية بسلمية البرنامج النووي، لم تصل لنتيجة سوى ان يسيء الغربيون الفهم، ولا يؤدي الا الى تضييع الوقت استمرار الوضع الهدام في الاقتصاد والامن الايراني.

ان 22 عاماً من التفاوض والعمل الدبلوماسي لم تثمر سوى الضرر وتكلفة احادية بالنسبة لايران، ونقوم الان بنفس العمل! نحن اليوم بحاجة لاجراء عملي وليس تصريحات تنم عن التصالح اوحتى تصريحات ثورية. فالغرب وقف ضدنا بشكل منسجم واقدم على آلية الزناد كإجراء ستراتيجي عملي ذونتائج تحملنا الاضرار. على ذلك فانه لاجل افشال هذا العمل وقرار هذه الحكومات فعلينا ان نقدم على عمل يكافئ آلية الزناد ونضعه على الطاولة. وحالياً فان الخروج من معاهدة ان بي تي من اهم السبل بالنسبة لنل، فالحكومة من جهة لها مسؤولية مباشرة في البحث النووي ومن جانب آخر فانه لدى ذهنية الحكومات الغربية اجراء متزلزل لذا لابد من اخراج رسالة صريحة دون اضافة عبارات ذات محملين يفهم منها عدم جدية ايران، وان نعلن الخروج من ان بي تي وتعليق العمل مع الوكالة الدولية للطاقة.

ان دول العالم في قضية العلاقة مع ايران على ثلاثة اقسام: قسم الدول التي حافظت على علاقاتها التجارية بالرغم من الحظر وتشمل 30 – 40 في المائة من دول العالم، ومن بينها قوى اقتصادية كالصين والهند وروسيا ومنظمات مقتدرة اقتصادياً مثل الاتحاد الاوراسي ومعاهدة شنغهاي وبريكس وغالبية دول جوار ايران، وقسم لم تكن له علاقة تجارية مع ايران وليس بسبب العقوبات وانما لعدم تفعيل التجارة بينها. وهي تشمل 40% من دول العالم كأغلب الدول الافريقية واميركا اللاتينية ودول شرق آسيا. وقسم من الدول وبسبب الخصام لا تمتلك علاقة تجارية مع ايران اوعلى مستوى واطئ بين 20 الى 30 في المائة من الدول العالمية، وهي غالبية الدول الاوروبية واميركا.

ان ما يُخشى منه الان هو تكرار الموقف الضعيف لايران الذي يتمحور في التفاوض والمسار الدبلوماسي مع الغرب. بينما على الارض ليست ايران ضعيفة، فهي محور مؤثر ومقتدر تندرج جبهة المقاومة ضمنه. فايران تلفت انظار ملياري مسلم وتستوعب عدة مئات ملايين من الشيعة، وعلى المستوى الدولي هي شريك مقتدر في التحالفات الاقتصادية الكبيرة. ولكن للاسف ان ادبيات بعض المسؤولين وبعض الدوائر تعكس حالة ضعف مما يبعث على طمع الاعداء.

علينا ان نظهر للاعداء بموقفنا الحازم المواكب للعمل باننا في وضع هجومي. الا ان اوروبا واميركا بنظرتهما لقسم من مواقف المسؤولين خلال عقد مضى قد حدسوا سلوكنا مما دفعهم لاختيار آلية الزناد. فلو كانوا يفكرون ان ايران تستفيد من آليات مقتدرة في قبال الاجراءات المعادية لما رجحوا دخول المعركة مع ايران. فالبرنامج النووي ينبغي ان يبقى ضبابياً وحذار من ان نجعل الغرب الغادر يطمئن لجانبنا. فالبرنامج النووي لبلد يمتلك الحضارة والاقتدار ينبغي ان يصب في تعزيز اقتدار ايران وليس في تعزيز الامكانات فقط.

سعدالله زارعي