kayhan.ir

رمز الخبر: 211511
تأريخ النشر : 2025August19 - 21:06

سلاح حزب الله بوجه "اسرائيل" الكبرى

 

 رغم الاهداف المرحلية التي تسعى لها الصهيونية "الاسرائيلية" بتغيير الخارطة السياسية والجيوسياسية في لبنان الا ان هذه الاهداف باتت اقرب للواقع مع انعدام الرؤية الصائبة لدى الادارة الجديدة في لبنان.

فالفكرة الصهيونية قائمة على التوسع وما كان احتلال اجزاء من لبنان عام 1982 ارتجالياً او نزوة راودت الجيش الاسرائيلي، فلبنان واحدة من اقرب النقاط التي خصتها العقلية الصهيونية بمخططات الاحتلال، وقد دخلت قوات الاحتلال لتبقى فيه في الاقل على حدود نهر الليطاني بعد ان اطمأنت من الحاكم الماروني. وكذلك كانت اتفاقية 17 آيار عام 1983 اذ منحت الكيان المحتل امتيازات كبيرة. ولكن كل المحاولات انتهت الى طريق مسدود في ظل ضربات المقاومة الاسلامية التي كانت تتصاعد وتتسع بسرعة مما افقدت القيادة الصهيونية توازنها، فتخلت عن شروطها وانصاعت الى الامر الواقع، وصار الخطر الشيعي – حسب وزير الدفاع الصهيوني  حينها "اسحاق رابين" – في جنوب لبنان، قد اوصل المسؤولين الاسرائيليين لقناعة بأن لا أمل في تحسين الوضع، حين يقول منسق الشؤون الاسرائيلية امام لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست "يجب ان يؤخذ في الحسبان احتمال سقوط كاتيوشا شيعية على مستوطنات الجليل وان الاحتكاك بين "اسرائيل" والشيعة لن ينتهي بعد الانسحاب الاسرائيلي من لبنان". وهكذا تحولت الغطرسة الاسرائيلية الى مرارة تتفجر على ألسن الصهاينة، ومنها ما نقلته "نيويورك تايمز" عن صحيفة يديعوت احرونوت في آذار 1985: "انهم يغتالون جنودنا الذين بدأوا ينفذون عملية انسحاب كاملة انهم يكمنون لهم خلف كل منعطف ويذبحونهم قبل ان يغادروا ذلك الجحيم.... ان "اسرائيل" لا تملك الوسائل التى يمكنها من شل نشاط رجال المقاومة، ولهذا ينبغي علينا ان نغادر هذا البلد في اسرع وقت بل على الفور، علينا ان نغادر اليوم ولا يجب ان نبقى دقيقة اكثر مما ينبعي".

ان المقاومة الاسلامية في الجنوب والتي ولدت من رحم الثورة الاسلامية الايرانية قرار لمواجهة الغزو الصهيوني الذي ينطوي على اهداف استراتيجية منها ترسيخ مهام الوجود الماروني في نقل الحضارة الغربية، وهو ما اشار اليه البطريرك الماروني "بولس المعوشي" في شباط عام 1985: "ابان الدولة الاموية تحالف الموارنة مع البيزنطيين ضد السلطة الاسلامية القائمة ودفع المسلمون والمسيحيون من دمائهم غالياً ثمن هذا التحالف... ومازال مؤرخو الموارنة يتغنون بانهم قدموا لمساعدة الغزو الصليبي لبلادنا خمسة وعشرين ألفاً من الفرسان". فمن اكثر المجازر بشاعة التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني واعوانه من ميليشيا الكتائب وعملاء سعد حداد في مخيمي صبرا وشاتيلا ابان الاجتياح الاسرائيلي عام 1982. وهي واقعة ارتبطت بالقاء السلاح مقابل خدعة ضمان الأمن. فكتب مراسل صحيفة "واشنطن بوست" عن بعض من مشاهد المجزرة وكان شاهداً عليها فقال: "استخدموا في وحشيتهم القنابل اليدوية والسكاكين والفؤوس والبنادق: قطعوا اثداء النساء وحفروا صلباناً في الاجساد وبقروا بطون الحوامل وقطعوا الاطفال إرباً ذبحوا باعصاب باردة الرجال والنساء والاطفال وحتى الخيول والكلاب والقطط".

ان الذين انقلبوا على المقاومة اللبنانية وراهنوا على التبعية لاميركا بايعاز يأتيهم عبر مكالمة هاتفية او طمعاً بمكافأة، فاستسلموا لمعادلة واهمة: كلما ازداد خضوعك كلما ازداد الرضى عنك وكلما اعلنت الحرب على المقاومة كلما زادت رساميل البذل الاميرية، لهؤلاء موعظة من امير المؤمنين "ع" في عهده لمالك الاشتر، حيث قال: "ولا تنقض سنة صالحة عمل بها صدور هذه الامة واجمعت بها الالفة وصلحت عليها الرعية، ولا تحدثن سنة تضر بشيء من ماضي تلك السنن فيكون الاجر لمن سنها والوزر عليك بما نقضت منها...". فالمقاومة هي من السنن والعادات الصالحة اذ اصبحت من الغرائز بعد اربعة عقود حيث ايدها الرأي الاسلامي العام والعرف، فهذه الضرورة هي الاصل في الدستور الاخلاقي، لاسيما ونحن نسمع علناً حديث نتنياهو لقناة اسرائيلية بان المشروع الذي يسعى الى تحقيقه هو "اسرائيل الكبرى" والتي تضم الى فلسطين التاريخية كلاً من اراضي في الاردن ولبنان وسوريا ومصر، هذا اضافة لتصريحات ترامب التي قال فيها: "ان مساحة "اسرائيل" الحالية ضيقة عليها وتحتاج الى اراضي جديدة". وهو الشعار الذي يتصدر مبنى الكنيست الاسرائيلي منذ قيام كيان الاحتلال عام 1948: ارضك يا "اسرائيل" من الفرات الى النيل.

ألا تثير هذه التصريحات مخاوف جدية لدى الدول العربية وتكشف حقيقة المخطط الصهيوني في المنطقة، وتقوّض الجهود الدبلوماسية سواء الاقليمية او الدولية للتوصل الى تسوية الصراع وخفض التصعيد، فالكيان الصهيوني يدعو للسلام من خلال تعزيز القوة العسكرية باعتباره صراع حضاري بين الحضارة الغربية التي تمثلها "اسرائيل" وبين ما يصفه بالتطرف الاسلامي وهو الكذبة الكبيرة التي روج لها منذ اوائل التسعينات للقرن الماضي على ألسنة وأقلام بعض الكتاب المغرضين وعبر وسائل الاعلام المزيفة والجاهلة وهي الكذبة التي تشيع ان الاسلام هو العقبة الكبرى امام السلام العالمي.