حرب الممرات رهان اميركا الخاسر
تزامن اعلان نائب وزير خارجية ارمينيا عن منح ادارة ممر – زنغزور – الاستراتيجي الى شركة اجنبية مع لقاء جمع الرئيس الاذربيجاني – الهام علييف - ورئيس الوزراء الارميني – نيكول باشينيان – في ابو ظبي بعد خصام بين البلدين دام 35 عاما اللقاء الذي اعتبر على نطاق واسع محاولة لازالة العقبات امام اعادة فتح هذا الممر الحيوي الذي من شانه ان يربط اذربيجان بمقاطعة نخجوان رغم تاكيد الحكومة الارمينية تمسكها بالسيادة الكاملة على اراضيها ورفضها استخدام مصطلح – ممر – بمعناه العابر للحدود . كما ان طرح فكرة اشراك طرف ثالث اجنبي في الادارة اللوجستية ستكون مقدمة لتدويل الممر . اذ تشير التقارير الغربية الى ان خطة اشراك شركة اميركية في تشغيل الممر طرحت اولا خلال الولاية الاولى لدونالد ترامب واعيد احياؤها اليوم مع عودته الى البيت الابيض في ولايته الذانية . وما زاد من اعتماد ارمينيا على قوى خارجية لضمان امنها نتائج حرب قره باغ الثانية عام 2020 بتغير موازين القوى على الارض وتحولها الى موقع دفاعي لاسيما مع التراجع النسبي في الدور الروسي بسبب انشغال موسكو بالحرب في اوكرانيا. وفي ظل هذا الفراغ تحاول اميركا والاتحاد الاوربي تقدير نفسيهما كبديل سياسي وامني.
في المقابل تنظر تركيا الى الممر بوصفه جزءا من رؤيتها الاوسع لربط العالم التركي من انقرة الى اسيا الوسطى عبر جنوب القوقاز.
ان ممر زنغزور هو اكثر من مجرد ممر جغرافي ومسار للنقل وملف حدودي بين يريفان وباكو بل تحول الى ساحة حساسة تتقاطع فيها حسابات القوى الكبرى والاقليمية وعقدة جيوسياسية تجسد التحولات الكبرى في موازين القوى داخل القوقاز. وليس مستبعدا ان تحدد كيفية ادارة هذا الممر مستقبل التوازن بين الشرق والغرب في هذه المنطقة الحساسة لاسيما في ظل تنافس المشاريع الصينية والروسية والاميركية على السيطرة على طرق التجارة والنفوذ السياسي في اسيا الوسطى.
ان توقيع اتفاق سلام بين اذربيجان وارمينيا بوساطة اميركية تضمن حقوقا حصرية لاميركا في تطوير ممر نقل عبر ارمينيا يربط اذربيجان بمنطقة نخجوان الجيب الاذربيجاني المتاخم لتركيا حليف باكو . كما تكشف نوايا مبيتة لاميركا التي اطلقت على الممر – طريق ترامب للسلام والازدهار الدوليين – في محاولة لدمج اذربيجان في اتفاقيات ابراهيم التي تهدف الى تطبيع العلاقات بين اسرائيل وبعض الدول المسلمة . كما صرح بذلك المتحدث باسم الناتو – اليسون هارت – على منصة التواصل ايكس – نرحب بمسار السلام بين البلدين ونثمن دور ترامب لهذا المكسب فانها خطوة مهمة الى الامام لتطبيع العلاقات -.
في هذا الخضم حذرت الجمهورية الاسلامية الايرانية وعلى لسان نائب قائد حرس الثورة الاسلامية العميد –يد الله جواني – من الوقوع في فخ ترامب المقامر ...قائلا - لو فكر الرئيس الاذربيجاني ورئيس الوزراء الارميني قليلا في عواقب قرارهما الذي سيجر اميركا وبريطانيا وحلف الناتو الى المنطقة وبال1ات القوقاز لما انخدعا بترامب - . كما وصرحت الامن النيابية بان ايران لن تتنازل قيد انملة عن مصالحها الوطنية في هذا المجال . وان ابعاد هذه القضية ستبحث في لجنة الامن القومي بمجلس الشورى الاسلامي.
فيما رد مستشار قائد الثورة الاسلامية – علي اكبر ولايتي – على سؤال حول الاجراء الاخير للرئيس الاميركي وادعائه باستئجاره لمدة 99 عاما بالقول – هل جنوب القوقاز منطقة بلا مالك كي يرغب ترامب في استئجارها ...ولن يصبح هذا الممر ممرا مملوكا لترامب بل سيكون مقبرة لمرتزقته - . واضاف الدكتور ولايتي – ان هذا الممر سيغير الوضع الجيوسياسي للمنطقة ويغير الحدود ويهدف الى تفكيك ارمينيا ... وسواء بالتعاون مع روسيا او بدونها سنعمل على حماية امن هذه المنطقة ... انها مؤامرة سياسية ضد ايران وبعض الدول المجاورة ... ان من حق طهران ان تدافع عن مصالحها بقوة -.
ان نهج اميركا العدائي تجاه ايران من خلال فرض عقوبات على شبكات النقل لاسيما الجولة الجديدة من العقوبات على شبكة تضم عشرين كيانا وسفينة تعمل في تجارة ونقل النفط والمنتجات النفطية والبتروكيماويات يهدف للحد من عائدات ايران من التصدير. وستكون للعقوبات الجديدة اثارا كبيرة ليس فقط على التجارة الايرانية وحسب بل على شركات اطراف ثالثة ومشغلي خطوط الشحن وسلسلة التوريد العالمية للنقل. وفي ظل هذه التحولات الجيوسياسية المتسارعة يبرز دور التقارب المتجدد بين ايران ودول الجوار لاسيما وان تاثير اميركا قد امتد للهند لعرقلة خط حزام وطريق الصيني.