kayhan.ir

رمز الخبر: 210694
تأريخ النشر : 2025August04 - 20:42

الاعتراف الغربي بدولة فلسطين.. صحوة ضمير ام طوق نجاة للصهاينة؟

 

مواقف متزامنة تحمل دلالات واضحة الا انها ليست بريئة بالمرة، هي تلك التي اعلنت عنها حكومات دول اوروبية وغربية، كانت ومازالت من اشرس داعمي الكيان الاسرائيلي على مدى تاريخه المشؤوم، بل تعتبر من اكبر المتورطين في زرعه في قلب العالم الاسلامي، وفي الابادة الجماعية التي يرتكبها هذا الكيان في غزة منذ عامين كاملين، و على راسها بريطانيا وفرنسا وكندا، حيث اعلنت هذه الدول عزمها الاعتراف بدولة فلسطين خلال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل.

لا يمكن ان تكون هذه المواقف صحوة ضمير شعر بها اغلب زعماء الغرب وهم يرون فظائع غزة، التي وصفتها صحافتهم واعلامهم، بانها نتاج فعل متوحش اعادت للذاكرة فظائع حروب القرون الوسطى، عندما كان قانون الغاب هو الشريعة السائدة، وما يؤكد هذه الحقيقة، هو ما جاء في الشروط التي وضعت من اجل الاعتراف بدولة فلسطين، وفي مقدمتها نزع سلاح حماس والجهاد الاسلامي، وحذف المقاومة من المشهد السياسي الفلسطيني، ومنع المقاومة من المشاركة في الانتخابات العامة التي قيل انها ستجري في عام 2026 ، وان يتم استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والصهاينة التي لم تسفر عن اي شي رغم مرور 33 عاما على بدئها.

من الواضح والمؤكد ان شروط الاعتراف هذه هي اهداف اسرائيلية امريكية بامتياز، عجز هذا الثنائي عن تحقيقها حتى عبر الابادة الجماعية والتجويع والقصف وقتل اكثر من 60 الف انسان اغلبهم من الاطفال والنساء بالاضافة الى فقدان نحو 10 الاف اخرين واصابة اكثر من 150 الفا و تسوية غزة مع الارض، ويبدو ان هذه المهمة التي فشل بتحقيقها هذا الثنائي تم ايكالها الى اوروبا التي دخلت من باب التعاطف مع الفلسطينيين المجوعين والمحاصرين، ومن باب " النقمة" على حليفهم الاسرائيلي!.

المضحك المبكي، هو ان فرنسا التي تعتبر من اهم الدول التي كانت مسؤولة عن بناء البرنامج النووي الاسرائيلي، والداعم الاكبر لهذا الكيان، حتى وهو يبيد اهالي غزة دون رحمة، كانت اول دولة تعلن عن استعدادها الاعتراف بدولة فلسطين. اما بريطانيا التي كانت السبب الرئيسي والمباشر في زرع هذا الكيان في قلب العالم الاسلامي عبر وعد بلفور، ونقل العصابات الصهيونية الى فلسطين لتهجير اهلها، حلت ثانيا بعد فرنسا عبر الاعلان عن استعدادها للاعتراف بدولة فلسطين، بعد ان كانت بريطانيا سببا في محو هذه الدولة من الخارطة، كما كانت ومازالت شريكة مباشرة وغير مباشرة في كل جريمة يرتكبها هذا الكيان منذ 80 عاما وحتى اليوم. ومن سخرية القدر ان تحل كندا، التي تعتبر من اشد المدافعين والمناصرين للكيان الصهيوني، ومن اكبر مصدري الاسلحة الى الكيان حتى في الوقت الذي يرتكب جيشىه جرائم الابادة الجماعية باستخدام هذه الاسلحة، جاءت في المرتبة الثالثة في جوقة الحريصين على قيام الدولة الفلسطينية.

يرى اغلب المراقبين ان هذه الاعلانات ليست مردها صحوة ضمير و تعاطف مع ضحايا الابادة في غزة، بل هي طريقة خبيثة لانقاذ الكيان الاسرائيلي من الغضب الذي اخذت تستشعره شعوب العالم وخاصة الشعوب الاوروبية والغربية بسبب وحشية جرائم هذه الكيان في غزة، والتي ستنتهي حتما بعزلة هذا الكيان وحرمانه بالتالي من مساعدات هذه الدول، والتي كانت ومازالت سببا في ديمومته. والسبب الثاني، امتصاص حكومات هذه الدول للغضب والضغط الشعبي المتصاعد ضد فظائع الصهاينة وداعميهم بسبب تغير المزاج الشعبي الاوروبي ازاء الكيان الاسرائيلي. لذلك كان لابد من ارضاء الرأي العام بخطوة رمزية لتخديره مؤقتا، حتى يستكمل الكيان مخططه في غزة.

الشيء المؤكد الاخر وهو ان الغرب لا يمكن ان يتخذ خطوة دون ضوء اخضر من الثنائي الامريكي الاسرائيلي، وكل ما يصدر عن المسؤولين الامريكيين والصهاينة ضد المواقف الاوروبية والغربية، هي تقاسم للادوار وذر للرماد في العيون، فدعم بريطانيا لجرائم الكيان لايقل عن دعم امريكا لها، فالعالم كله شهد كيف انخرطت بريطانيا بكل قدراتها العسكرية في العدوان على اليمن دفاعا عن "اسرائيل" وافساح المجال لها لتنفيذ جرائمها في غزة، دون منغصات، وفي اقامة جسور جوية لنقل الاسلحة الى "اسرائيل".

الدولة التي يتحدث عنها الغرب اين هي؟، في غزة التي ابديت أم في الضفة التي ضمها الكيان اليه، بدعم من الغرب وامريكا؟!. مثل هذه الدولة لم تعد موجودة، بسبب خنوع وتطبيع الدول العربية، وبسبب اكذوبة المفاوضات التي مر عليها 33 عاما، دون ان تستعيد شبرا واحدا من ارض فلسطين، بل على العكس، ابتلعت "اسرائيل" خلال العقود الثلاثة الماضية كل ما تبقى من فلسطين المحتلة.

التجربة التاريخية اثبتت انه كلما وقع الكيان الاسرائيلي في مازق القى اليه الغرب طوق نجاة، كما يحصل الان. فبعد ان فضحت معركة طوفان الاقصى وحشية الكيان وداعميه امام الراي العام الغربي، بدا الحديث عن الاعترف بدولة فلسطين، و هذا الامر حدث من قبل ايضا، وتحديدا عام 2002 عندما وضعت اللجنة الرباعية الدولية خارطة طريق لتاسيس دولة فلسطينية، بينما الهدف الحقيقي كان وقف الانتفاضة الفلسطينية المسلحة.

اخيرا، لم تكن المقاومة يوما عقبة امام تاسيس الدولة الفلسطينية، بل على العكس تماما، ان المقاومة كانت رد فعل طبيعي على عبثية المفاوضات مع عدو وحشي لا يعترف بالوجود للانسان الفلسطيني، فبعد مرور 33 عاما على اتفاقيات اوسلو، لم يعد للسلطة الفلسطينية اي دور في مستقبل القضية الفلسطينية، بعد ان رفض نتنياهو التعامل معها، او اعتبارها طرفا فلسطينيا، يمكن التفاوض معه. لذلك فان كل ما نشهده في العالم اليوم من انتفاضة عالمية ضد الوحشية الصهيونية والدعم الامريكي الغربي الاعمى لمجرمي الحرب في الكيان الاسرائيلي، هو نتيجة طبيعية للمقاومة، التي رفضت ان يموت الشعب الفلسطيني بصمت دون ان يلتفت اليه احد، فقررت ان ترفع السلاح لتعلن للعالم انها ترفض ان تموت بصمت، دون ان تسقي العدو من ذات الكاس. العالم