kayhan.ir

رمز الخبر: 210584
تأريخ النشر : 2025August02 - 21:20

حزب الله لبنان على أهبة الاستعداد

 إن لحزب الله في لبنان وضع مستقر وهو حال الشيعة في هذا البلد، ويقدر عددهم 1.6 مليون نسمة من المجموع الكلي لتعداد لبنان البالغ 4.5 مليون، أي ما يقرب من 35% من سكان لبنان، فهم يحوزون الاكثرية اضافة الى ما يتمتعون به من نسيج واحد سياسياً. وهذا الامر مكن الشيعة خلال العقود الاخيرة عبور مطبات كثيرة دون أي تصدع. وقد خرج حزب الله من رحم هذه الغالبية النسبية وحظي بتأييد المجلس الشيعي الاعلى وحركة أمل، مما صنع من الحزب صداً أمام المتربصين. فالمحاولات الرامية لاضعاف الحزب تصب في اضعاف الشيعة اولاً ومن ثم في خطوة لاضعاف القدرة الدفاعية للبنان.

والى الان صدرت ثلاثة قرارات لتحييد لبنان وآخرها قرار وقف اطلاق النار ديسمبر العام الماضي الا ان اي منها لم تضعف حزب الله، كما ان المجتمع اللبناني يعلم لولا سلاح حزب الله لكان مصير لبنان اسوأ من سوريا لانها اضعف من حيث قدرة الجيش والعدد والجغرافيا والتواصل مع الخارج، كما ان هناك سدود اخرى للحؤول دون اضعاف حزب الله؛ جبهة المقاومة والجمهورية الاسلامية الايرانية وشعوب المنطقة، اضافة لما شهدنا لمواقف شخصيات دينية وسياسية مرموقة في حفظ حزب الله. ولذا تمكن الحزب من الخروج مراراً بسلام جراء الضغوط المختلفة ويكون اقوى من قبل. ففي مرة حين الحرب الداخلية اللبنانية – وما كان له اي دور – تعرض لضغوط حتى تمخض الوضع عن اتفاق طائف وتسبب في تثبيت مكانة حزب الله عسكرياً. والمرة الثانية حين اضطرت سوريا لاخراج قواتها من لبنان وظن البعض في ذلك اضعاف حزب الله ولكن امن لبنان اعتمد على حزب الله ليحصل الحزب على مكانة جديدة. وخلال حرب الـ33 صدر قرار 1701 في 11 اغسطس 2006 الذي يتضمن نزع سلاح حزب الله ولكن ادى عملياً الى اتساع دائرة القدرة العسكرية للحزب حتى ان كيان الاحتلال اعتبر قدرات الحزب بانها اكبر قوة صاروخية غير حكومية في العالم. وجعل القرار 1701 الكيان في مفترق طريقين كلاهما يصب في ضرر تل ابيب.

فإما أن ترضخ "اسرائيل" لنص القرار الذي يقول بكف اي اجراء بري او جوي او بحري ضد لبنان وتستعد لعقد هكذا اتفاق مع سائر دول الجوار، وبخصوص لبنان ان يقبل الكيان بعدم التدخل في الشأن اللبناني والذي يمثل حزب الله قسماً منه، او ان يختار نقض القرار في وقف اطلاق النار وفي هذه الحالة سيكون الحزب كذلك اكثر تسليحاً واقتدارا، اذ ان الموانع امامه سترفع. ولذا انتخبت "اسرائيل" الحل الثاني ونتيجته ان دخل الحزب معركته مع "اسرائيل" في غزة عام 2023 دون ان يكون الكيان الصهيوني قد هاجمه مسبقاً. وتوصل الحزب الى وقف اطلاق النار مع "اسرائيل" بعد ثلاثة اششهر من القتال، هذا في الوقت الذي تعرض الكيان لضربات شديدة من قبل الحزب في 25 نوفمبر من الشمال الى اعماق الاراضي المحتلة، وتقبلت "اسرائيل" ان حزب الله ورغم شهادة الامين العام لحزب الله والعديد من القادة والقاعدة الا انه حفظ قدرته التسليحية وقيادة القتال.

ان حزب الله وبعد ذلك وخلال اكثر من ثمانية اشهر مضت حفظ قرار وقف اطلاق النار بالرغم من ان الكيان نقضه مكرراً. لماذا؟ لان حسابات الحزب ان وقف اطلاق النار مع كل عيوبه يصب لصالحه، فالحزب بحاجة، في مواجهة الساحة الداخلية وعدم فقدان الادارة الداخلية لظروف لبنان، ان يصب تركيزه على الجانب السياسي الاجتماعي.

هذا التركيز افشل المساعي الغربية العربية لاثارة الفوضى داخل لبنان، كما ان لبنان اليوم وفي ظل التصارع الاقليمي له نظامه المستقر والادارة الطبيعية  لشؤون البلد مما يهيؤها للاحسن. فيما الكيان الصهيوني ينقض باستمرار قرار وقف اطلاق النار وهو ما يؤدي ان ينقضه الحزب، كما ان الشيخ نعيم قاسم قد شدد عليه خلال الشهرين الماضيين.

فان استأنف الحزب العمل العسكري سيكسب شرعية جديدة في الداخل والمنطقة، من هنا وحيث الرأي العام الاسلامي ناقم على الكيان وحليفته اميركا فان استئناف الحراك العسكري من قبل حزب الله خيار مرحب.

ان اميركا ولاجل ايجاد مخرج ترسل مبعوثها الخاص، سفيرها لدى انقرة "توم برّاك" الى بيروت، ففي البدء جاء برّاك بمشروع لثلاثة اشهر يهتم بنزع سلاح حزب الله على مراحل ولم يحظ بالقبول مع الدعم الذي لقيه المشروع من اطراف دولية واقليمية. ورفض المشروع يعني ان حزب الله لا يمر بوضع انفعالي ولا يمكن فرض اي مشروع عليه. وكرر برّاك زيارته لتعديل المشروع مع تحديد لدائرة نزع سلاح حزب الله، وفي هذه المرة كذلك تم رفض المشروع الاميركي من قبل الحزب والحاضنة الشيعية وقطاع كبير من الحكومة اللبنانية، فيما دون برّاك على موقعه بشكل تهديدي "ليس لدينا مبادرة اخرى او ان نتحمل رد ما سيحصل"، فلم يكن للادارة الاميركية الى وقت هذه المدونة اي رد رسمي على مواقف لبنان ولم تصدر اي بيان وهذا يعني ان من الممكن ان تضع مشروعاً آخر على الطاولة هو اضعف من السابق.

ان منطق حزب الله واضح، فهو يقول ان "اسرائيل" غير ملتزمة بقرار 1701 ولطالما نقضت وقف اطلاق النار. وتعلم الحكومة اللبنانية ان لها صلاحية محدودة قبال سلاح حزب الله ولا يمكنها قبول أمر لا يقبله الحزب والشيعة. من هنا فهي تسير بتوئدة كي لا تتبعثر الامور في الداخل اللبناني وتتعرض الحكومة للخطر. اذن من الواضح ان حزب الله بصفته صاحب سلاح ومقاومة هو من يحدد المصلحة.

ويعلم الجميع ان الصراع الاقليمي بمحورية الكيان لم ينته بعد، وهو مرشح في اي لحظة للتفجير، وهذا ما يوفر لحزب الله فرصة كبيرة. فهو سيبدأ حرباً أقوى مما انهاها وسيصب عل "اسرائيل" بلاءً اشد مما اضطره "اي اسرائيل" للرضوخ لوقف اطلاق النار.

في هذه الاشهر الثمانية يعيش حزب الله من حيث التنظيم ومعالجة نقاط الضعف وتعزيز سلاحه حالة افضل من السابق، كما وتمكن من جذب ثقة الجهات غير الشيعية في لبنان، اذن فان الحزب اليوم لا يشعر باي قلق من حيث نظمه الداخلي مع المجتمع والحكومة ولا من حيث قدرته على مواجهة الكيان. وبالطبع هو لا يرحب بالحرب ولكن حين يواجه الحرب فان رده وان كان مكلفاً بالنسبة للبنان فهو يحظى بالقبول من قبل الشعب وسيادة البلد.

سعد الله زارعي