kayhan.ir

رمز الخبر: 209101
تأريخ النشر : 2025July06 - 20:54

مصاب الأمة في عقيدتها

قراءتنا لكربلاء كمنعطف في تاريخ الامة الاسلامية لا ترتكز على التصفية الجسدية والغلبة الميدانية في الحرب، فالصراع صراع اديان وليس ابدان، وكما صرح القرآن يذلك بخصوص مصير الرسالة "وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفأن مات أو قتل انقلبتم على اعقابكم..." آل عمران / 144.

أي أن العدو يستهدف الرسالة والمبدأ في الاساس من خلال التخلص من القادة والائمة، من هنا فأن مصيبة عاشوراء تكمن في ضرب أسس المبدأ لحرمان الأمة من عقيدتها الحقة ولتبقى القشور كما تؤكد الآية 67 من سورة المائدة بشكل لا يقبل المناقشة: "يا أيها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته". فصريح الآية تبين ان الاحكام الفرعية لا تمثل الهدف من الرسالة وانما الاصل هو الاعتقاد واول الاصول هي الامامة بل هو الامام بعينه كما قال رسول الله مخاطباً الامام علي "ع": "يا علي انت اصل الدين".

هذه الحقيقة هي ضمانة لبقاء الدين والاعتقاد دون مساس: "أنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"، اي ان الدين محفوظ في الكتاب المكنون وهو أم الكتاب المتمثل بالمعصوم عليه السلام. وهكذا الامر في صمود ايران أمام الشر المطلق المتمثل باميركا والكيان الصهيوني. فخلال الحرب الـ12 يوماً ظن الكفرة قتلة الاطفال انه باغتيال ثلة من القادة العسكريين والعلماء النوويين في ايران سيصيب البلاد الشلل وينهار النظام غافلين عن أن هؤلاء القادة والعلماء قد ربوا المئات من بعدهم لإتمام المسيرة. كما ان سماحة قائد الثورة قد جهد خلال عقود على تعزيز ملامح مدرسة ايمانية عقائدية لن تنال منها تطاول أقزام الصهاينة وشنهم حرباً على مقاس دركهم للابعاد المادية وتبجحهم بتقنية متطورة تستهدف بنى تحتية، أما البنى المعنوية فلا يمكنهم حتى فهم ابعادها لاسيما وان سماحة القائد هو المدير والضمانة لحفظ النظام والامة، وقد فشلت كل الرهانات بعد إطلالة الامام ليلة العاشر من محرم وحظوره مراسم اقامة العزاء الحسيني في حسينية الامام الخميني، يعكس في تواجده بين الامة نورانية الروح الثورية وان الجسد ليس إلا شوكة في عيون الاعداء لانهم لا يرون الملكوت، وانما التعبير الآيديولوجي وحقيقة الدور الذي يمارسه الصهاينة فهو في ما اطلقه مفجر الثورة الاسلامية الامام الخميني بان اميركا الشيطان الاكبر، لموقفها من جميع مستضعفي العالم في اثارة الحروب والصراع، ويصرح القرآن بذلك بكل وضوح في سورة المائدة الآية 64: "وقالت اليهود يد الله مغلولة ...كلما أوقدوا ناراً للحرب اطفأها الله ويسعون في الارض فساداً والله لا يحب المفسدين".

فالآية تشير الى السند الالهي للمؤمنين ولن يتخلى عنهم في هذا الصراع الازلي الابدي مع الكفرة من اليهود وأعوانهم. فحين اجتاحت القوات الصهيونية لبنان عام 1982 ارسلت اميركا قوات المارينز الى بيروت لدعم القوات المرتبطة بالمصالح الغربية والصهيونية وفرض النفوذ العسكري والسياسي تحت ذريعة حفظ السلام، إلا ان المقاومة اللبنانية – وهي مصداق للقول الالهي "اطفأها الله" – ردت في اكتوبر 1982 بعملية نوعية رداً صاعقاً استهدفت مقر المارينز في بيروت فأسقطت اكثر من 240 جندياً قتلى في ضربة واحدة ما اعتبر من اقسى الضربات التي تلقتها اميركا منذ حرب فيتنام، فأدت العملية في انسحاب القوات الاميركية من لبنان مذلولة. كما وكانت اميركا العقل المدبر والداعم اللوجستي الاول لعاصفة الحزم 2015 بزعامة السعودية ضد اطفال اليمن واستهداف البنى التحتية لليمن، فالهدف مشترك بين اميركا وحلفائها وهو كسر ارادة الشعوب الحرة وتجويعها حتى ترضخ، ولكن المقاومة اليمنية المتمثلة بحركة انصار الله وقيادة عبد الملك الحوثي افشلت كل هذه المخططات واجبرت واشنطن على القبول باتفاقية وقف اطلاق النار بعد عشر سنوات، وأيقن ترامب ونتنياهو ان العدوان يعزز من الشعور الوطني والقومي للشعوب كما شهدناه في الشعب الايراني البطل دفاعاً عن كرامة وطنه وسيادته، اذن فالحرب مفصلية: إما أ تردع اميركا والكيان الصهيوني وتتحرر شعوب المنطقة وإما ناراً تلتهم المنطقة بأسرها.