إن لم تكن المفاوضات مع اميركا خيانة فهي حماقة!
حسين شريعتمداري
1 – لطالما شدد سماحة قائد الثورة المعظم خلال اكثر من ثلاثة عقود على مدى نكث اميركا للعهود واعتماد المخادعة ولابدية عدم الوثوق بها.
ومن هذه المناسبات خلال استقباله قادة ونخب القوة الجوية في الثامن من فبراير العام الجاري، اذ اكد سماحته "ان التفاوض مع هكذا حكومة "اميركا" ليس عقلائياً ليس من الفطنة ولا من الكرامة، وعليه ينبغي ان لا نتفاوض"، موضحاً: "ان البعض يحاول ان يعكس الامر بشكل انه اذا جلسنا حول طاولة المفاوضات فستحل المشكلة الكذائية، الا ان الحقيقة التي ينبغي دركها جيداً هي ان التفاوض مع اميركا لا يتسبب في ازالة اي مشكلة".
ومع ذلك فان سماحته، وقبال اصرار بعض رجال الدولة، وضمن التأكيد على عدم الوثوق باميركا واعلانه عن عدم تفاؤله بنتيجة المفاوضات، قد وافق على التفاوض بشرط حفظ الخطوط الحمر للنظام، اذ ان موافقته على اجراء المفاوضات غير المباشرة مؤخراً من ضمن هذه الامثلة. ولكن لماذا؟ لنقرأ!
2 – ان العدو باعتماده خطط وعمليات نفسية واستخدام مجموعة من المتأثرين بالغرب والصحف والقنوات الافتراضية توصل لآلية "القطبان الكاذبان" ونفخ في هذا البوق المخادع بان هناك رأيين بخصوص التفاوض مع اميركا.
فالبعض يرى ان في التفاوض مع اميركا مفتاح حل المشاكل الحالية! وقبال اولئك هنالك القوى الثورية الذين وان اعتبروا في التفاوض مع اميركا حلاً للمشاكل (!) الا انهم يعتبرون التفاوض يتقاطع مع اعتقاداتهم الثورية ولذا فهم غير مستعدين لاجرائه (!).وهذه الالية "القطبان الكاذبان" قد اقحمت في وقت كانت القوى الثورية ترى – ومازالت على هذه الرؤية – ان التفاوض مع اميركا ليس لا يحل مشكلة وحسب بل سيزيد من حجم المشاكل.
واستشهدت القوى الثورية لتعزيز موقفها بماضي المفاوضات ونكث اميركا للعهود، الا ان القطبية الكاذبة التي تمت الاشارة لها قد تهدلت اطرافها، وان الكثير كانوا في وهم ان المشاكل تحل بالتفاوض، فيما حال البعض اعتماداً على الاعتقادات الثورية، دون هذا التوسع! اذ كان لابد من تحطيم هذه القطبية الكاذبة.
وبالضبط على هذا المرتكز كانت الرؤية المحنكة "وبعبارة الملكوتية" لسماحة القائد فارجة للعقد مرة اخرى ولمئات المرات. بهذا الشكل:
3 – بعد الطلب الاميركي الاخير للتفاوض مع ايران، لم يعارض سماحة السيد اقتراح رجال الدولة لخوض المفاوضات، مع ثقته من "المفاوضات مع اميركا سيزيد مغالق عقد العقوبات وتتوالى الضغوط" في "شباط العالم الجاري"، ولكنه شدد على المفاوضات غير المباشرة "وهو ما كان سابقة وله عنوان مختلف مع المفاوضات المباشرة ضمن الثقافة السياسية".
ان موافقة سماحته مع علمه بنكث اميركا للعهود وخداعها له مبررة، فهو أراد ان يفشل آلية القطبين الكاذبين للعدو، وهو ما حصل بالضبط، ففي اثناء مسار المفاوضات اقدمت "اسرائيل" بدعم واضح لا رتوش عليه من اميركا بحملة عسكرية على ايران، فيما هاجمت اميركا المواقع النووية الايرانية والمفاوضات غير المباشرة كانت قد بلغت مرحلتها الخامسة... وهكذا صار بان تفضح دراية سماحة القائد الهوية الحقيقية لاميركا، ولم يبق حتى لاكثر الناس سذاجة اي شك، بان المفاوضات كانت "مشروع مخادع" و"فخ" اميركي.
4 – ورغم ان العواقب المشينة للتفاوض مع اميركا كانت واضحة قبل ذلك، الا انه – بشيء من التفاؤل – ان نصف الاشخاص والتيارات التي كانت تقرع على دفوف التفاوض بانها قد خُدعت، الا انه بامكاننا الان ان نقول بفم ملآن " ان العزف على لحن التفاوض النشاز مع اميركا ان لم نعتبره "خيانة" وهو كذلك، فهو دليل لا ينكر على "الحماقة"، ومن المحتم ان الخائن والاحمق وجهان لعملة واحدة!