الكفر ملة واحدة
كنا فيما مضى نسمع عن تحالف قوى الشر لإجل اسكات صوت الحقيقة، وها هي اعتى الاشرار في عالمنا المعاصر تتحالف لاسكات أفواه تصدح بالعدل والحق، فالانسجام الفكري والتواطؤ بين الدول الاستعمارية جعل من بريطانيا وفرنسا والمانيا ودول اخرى محسوبة على حلف الناتو الى جانب الكيان الصهيوني اتباعاً لسيدتها اميركا التي خرجت من الهالة الخادعة التي رسمتها لنفسها بانها تدعو للسلم وتكره الحروب وتحل الامور العالقة هو خير منطق يجابه به الاعداء الذين يهاجمون ارضنا ويدنسون مقدساتنا وانه لا كرامة لمسلم يرضخ للاعداء او يعاملهم او يصادقهم، ولابد من السعي لتعبئة الامة حول الطرح الفكري الذي ينسجم مع فطرتها وتاريخها وتراثها وسط موج متلاطم من المؤامرات التي تحاول تغيير الوجه الديموغرافي للمنطقة. ففيما كرس غالبية زعماء الامة الاسلامية لاعادة بناء المسجد الاقصى عقب حادث جريمة الكيان الصهيوني في إحراق المسجد الاقصى، اكد الامام الخميني "ره" على ضرورة إبقاء آثار العدوان الصهيوني ليكون سبباً في تحريض المسلمين للقيام بوجه هذا الكيان. فكان الامام يرى ان التعامل مع القضية الفلسطينية من خلال بعدها الاسلامي والعقائدي افضل وسيلة لتعبئة الشعب الفلسطيني ويعتبر السبل الاخرى من قبيل التمسك بالقومية العربية والافكار الاشتراكية انحرافاً عن طريق النضال. كما كان سماحة الامام يدعو الى نبذ الاختلافات بما فيها الاختلافات المذهبية، واجاز تقديم الدعم المالي للجهاد الفلسطيني وبذلك يكون اول مرجع تقليد وزعيم ديني لمذهب يغاير مذهب سكان فلسطين الذين هم من اتباع مذاهب اهل السنة. ومن توجيهات سماحته: "ثمة امر يحيرني وهو ان الدول الاسلامية والشعوب المسلمة تشخص الداء جيداً وتعلم ان للاجانب دوراً كبيراً في اشاعة التفرقة بينهم كما انها تدرك ان نتيجة هذه التفرقة ليس غير ضعفهم وزوالهم وهي ترى ان كيان خاوي كـ"اسرائيل" يقف في مقابل المسلمين الذين اجتمعوا وصب كل واحد منهم دلواً منهم من الماء على "اسرائيل" لجرفها السيل ...". صحيفة النور ج 8 ص 235 في 16/8/1979
لقد تضافرت اليوم حهود القوى العظمى للحيلولة دون تطور الجمهورية الاسلامية الايرانية خشية ان تتعرض مصالحهم للخطر، ويصرفون الاذهان عن التفكير في الحرب الدائرة بين الامة الاسلامية والكيان الصهيوني خشية اتساع نطاق المواجهة وظهور بوادر التعاون والتنسيق بين الجماهير في حربها العادلة، لذا على قادة الدول الاسلامية ان يدركوا بان جرثومة الفساد "اسرائيل" والتي زرعت في قلب العالم الاسلامي لا تستهدف الاستيلاء على العالم العربي وحسب بل على العالم الاسلامي والاستحواذ على الموارد الطبيعية التي تزخر بها. لذا ينبغي الاستفادة من هذه الفرصة الثمينة التي اتيحت باستخدام كل الامكانات المتاحة مثل النفط كحربة ضد الغرب و"اسرائيل"، بدل من اقامة القواعد العسكرية ومراكز الاتصالات والتجسس للاجانب.
ولابد من توحيد الساحات فالذي يجري في غزة لا ينفصل عما يجري في ايران من مواجهة لاميركا والكيان الصهيوني، لاسيما بعد ان اكتشفت "اسرائيل" ان ايران صامدة وقوية بشعبها وبقياداتها وصواريخها التي زرعت الدمار في تل ابيب وحيفا وبئر السبع بقدراتها التدميرية غير الطبيعية مما عجزت المنظومة الجوية الاسرائيلية والاميركية في اسقاطها. فما فرضته ايران من توازن ردع ورعب دفعت بنتنياهو لايقاف اطلاق النار وقبوله مرغماً بالتسوية وهو الذي اراد ان يثبت تفوق "اسرائيل" العسكري بهجماته الجوية فخلقت الصواريخ الباليستية الايرانية الفرط صوتية التوازن العسكري لتخرج ايران من الحرب بيد قوية وهي اقوى من قبل على مستوى المفاوضات المحتملة، بالاصرار على قبول حق التخصيب بأي نسبة كانت لاسيما وانها محتفظة بمخزونها من اليورانيوم المخصب بنسب على 60%، اذ كان الرهان سابقاً على ان يكون التفاوض لفرض قيود على برنامج ايران النووي في قبال رفع العقوبات الاقتصادية أو التلويح بالحرب ولكن بعد ان جربت اميركا – بالطبع بعد ان ادركت فشل حزمات الحظر الشديدة على ايران منذ عام 2018 وتأقلم طهران مع العقوبات – وختمت بقصف قاعدة العديد الاميركية في قطر، سعت لتفادي منازلة اخرى. وقد رسم سماحة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد على الخامنئي في ثالث رسالة مصورة له بعد العدوان الذي شنه الكيان الصهيوني، ملامح هذه المنازلة بالقول: "لقد دخل النظام الاميركي الحرب بشكل مباشر لانه شعر انه إن لم يتدخل فأن الكيان الصهيوني سيباد كلياً. فدخل الحرب لانقاذه لكنه لم يحقق اي انجاز يذكر من هذه الحرب... لم يتمكنوا من فعل شيء ولم يحققوا اهدافهم ولجأوا الى التهويل لإخفاء الحقيقة وابقائها طي الكتمان... فخرجت الجمهورية الاسلامية الايرانية منتصرة وردت بالمقابل على اميركا بصفعة قاسية فقد استهدفت واحدة من اهم قواعد اميركا في المنطقة والحقت بها اضراراً... واظهر الشعب الايراني كرامته وشخصيته المتميزة والمتفردة....".