kayhan.ir

رمز الخبر: 207107
تأريخ النشر : 2025May25 - 20:35

اثارة الفتن والاضطرابات المحطة النهائية للمفاوضات من منظار اميركا

 

حسين شريعتمداري

 1 – لا يمكن اعتبار التعامل المزدوج لاميركا مع المفاوضات غير المباشرة التي ابرمت الجمعة الماضية في جولتها الخامسة بأنه محض صدفة! ومن غير برمجة وتحضير مسبق. وهذا التعامل المزدوج والمتناقض يستبطن رسالة خاصة ينبغي ان لا تخفى عن الانظار الحاذقة لفريقنا المفاوض. فموضوع المفاوضات غير المباشرة الاخيرة كان مقابلة بين سلمية النشاطات النووية للجمهورية الاسلامية الايرانية من جهة والغاء العقوبات من جهة ثانية، الا ان اميركا وبالتزامن مع بداية المفاوضات فرضت عقوبات جديدة على بلدنا، والامر اللافت ان وزارة الخزانة الاميركية تضيف قبل كل جولة مفاوضات سلسلة من العقوبات الجديدة الى العقوبات السابقة، وهذا في الوقت الذي يشكل الغاء العقوبات أحد طرفي المعادلة المشكلة لعنوان وهدف المفاوضات.

2 – في الوقت الذي يتابع المبعوث الاميركي الخاص "ستيف ويتكوف" للمفاوضات المسار المحدد للمحادثات، تطلق خارج أجواء المفاوضات تصريحات تنادي بالاتاوات "وبعبارة تخرصات وقحة" من قبل ترامب وسائر المسؤولين الاميركيين، وتتحدث عن ازالة المنشآت النووية والبرنامج النووي الايراني برمته كهدف نهائي للمفاوضات! ويتم تكرار ما يشبه هذه الادعاءات يومياً في عبارات المسؤولين الرسميين الاميركيين. لماذا؟! فهل لا يعلم ترامب وويتكوف وسائر المسؤولين الاميركيين ان ما يدعونه يتناقض مع ما رضخوا له بخصوص موضوع المفاوضات؟ انه من المؤكد ليسوا دون علم، من هنا فان تصريحاتهم المتناقضة تطلق لاي هدف وغرض؟!

3 – وسبق ان اوردنا انه "على العكس من تصريحات ترامب المتتالية ومسؤولين آخرين في اشارتهم للخيار العسكري على الطاولة، فانه لا اميركا ولا الكيان الصهيوني له قدرة مواجهة الجمهورية الاسلامية الايرانية، وهم يعلمون جيداً انه اذا ما ارتكبوا حماقة سيواجهون برد باهظ جداً". وعلى سبيل المثال ما رشح عن مهندس العقوبات على ايران "ريتشارد نفيو" خلال حديث لمجلة "فورين افيرز" الاميركية، فهو ضمن اعرابه عن اليأس من فاعلية العقوبات يقول "ان تداعيات الهجوم العسكري على ايران ثقيلة جداً ففيه احتمال الخسارة واضعاف حيثية اميركا. كما ان مهاجمة المنشآت النووية لا اثر لها، اذ ان التقنية النووية الايرانية محلية وليست مستوردة"، وشدد ريتشارد نفيو على ان "التفاوض هو السبيل الوحيد لمواجهة وتحييد ايران"!...فان كان كما يقول ريتشارد نفيو بان هدف اميركا من التفاوض "مواجهة ايران " – اذ هنالك ادلة كثيرة تؤيد هذه الرؤية – فمن اي طريق وكيف تتابع اميركا هذا الهدف من المفاوضات؟

4 – ان مواقف متناقضة ومزدوجة لاميركا حول المفاوضات تعكس بوضوح ان الخصم يعلم ان لا يسال نبع لصالح اميركا من هذه المفاوضات. اذ ان طرفي المعادلة والتي هي عنوان تقابل المفاوضات لا يؤدي الى مخرج. فلا ايران تغض الطرف عن حقها في التخصيب والذي تم الاعتراف به في NPT ، ولا اميركا مستعدة للتنازل عن العقوبات التي تستغلها كآلية ضغط على ايران. اذن ما الذي يستتبعه كل من طرفي القضية وبأي دافع دخل المفاوضات؟

5 – ان لايران تفسير واضح للمفاوضات وهو إبطال الدعايات الكاذبة لاميركا وحلفائها حول عسكرة البرنامج النووي الايراني.

الا انه في الضفة الاخرى للقضية، تعلم اميركا ان ايران ليست بصدد انتاج السلاح النووي، وما الادعاء الكاذب الذي تطرحه هو ذريعة لمواجهة قدرات بلدنا العلمية، وحتى اذا حسب زعمهم وهو فرض محال ان نتخلى عن برنامجنا النووي، فسيخلقون ذريعة اخرى(!).

6 – ويثار هنا تساؤل آخر، انه حين تجد اميركا ان طرفي المعادلة مغلق، فلماذا تستمر في المفاوضات، واي هدف تستتبعه؟! وهذا بالضبط ما ينبغي ان لا نغفل عنه. فاميركا لا تنظر الى المفاوضات بعنوانها مفاوضات لفض الامور العالقة، وانما كما قال "ريتشارد نفيو" تستفيد من المفاوضات كطريق وحيد للمواجهة – وبعبارة مواجهة موجودية ايران الاسلامية - . ولكن كيف؟!

7 – ان جميع القرائن حاكية عن ان الرؤية الاميركية على العكس مما تتظاهر، لا تنحصر في القضية النووية ومستوى التخصيب. ان المحطة النهائية من المفاوضات ايجاد الفتنة والاضطرابات داخل البلاد. اذ ينبغي تقييم المواقف المتناقضة لاميركا حول المفاوضات، واستخدام مخطط "ابقيه مائلاً ولا تسكب" لاجل استمرار المفاوضات حتى الوصول الى المحطة المعنية. فواحدة من اهداف الخصم إرتهان الظروف الاقتصادية ومعيشة الناس عن طريق الربط والاشتراط بالمفاوضات، وهنا يمكن الرؤية بوضوح ان تياراً سياسياً ملوثاً في البلد قد نشط منذ فترة، فهذا التيار يلعب دور الطابور الخامس لاميركا في تنسيقه الواعي وفي بعض الاحيان بشكل لا واعي مع المافيا الاقتصادية. ونشير الى واحدة من اجراءات هذا التيار لضيق المجال.

8 – فهذا التيار خلق منذ مدة اثنينية محرفة وصار ينفخ فيها عن طريق الصحف ووسائل الاعلام التي بحوزته. والحقيقة هي ان هناك رؤيتين بخصوص المفاوضات. رؤية ترى ان المشاكل الاقتصادية للبلد تحل عن طريق التفاوض مع اميركا. والثانية ترى ان للمشاكل طريق حل داخلي ولا تساعد المفاوضات في حله. والتيار الملوث سعى لحرف الرؤيتين معلناً ان البعض يريد حل المشاكل عن طريق التفاوض وفي المقابل يلقي الضوء على القوى الثورية ليعلن ان هؤلاء لا يؤيدون المفاوضات! فلا يقول "التيار الملوث" ان الفئة الثانية ترى ان المشاكل لا تحل بالمفاوضات وليس انهم لا يؤمنون بحل المشاكل! فالتيار الملوث بهذا التحريف يستتبع من جهة، اذا رأى المسؤولون ان استمرار المفاوضات غير مثمر ويصب لصالح الخصم وعزموا ايقاف المفاوضات، فسيصف النظام والقوى الثورية بالمعارضة لحل المشاكل! ومن جهة ثانية يعتبر اميركا بساعية الخير للشعب "خطة ترامب" وهي بصدد حل المشاكل، فيما لا يعير انصار الثورة اهمية لمشاكل الناس!

9 – وللأسف الشديد ينبغي القول ان التيار المشار اليه، والمافيا الاقتصادية متوائمان، دون ان يواجها اي رادع ومانع جاد. فهم منشغلون بارتهان الظروف الاقتصادية للناس عن طريق اشتراطها بالمفاوضات، ومنذ بدأت المفاوضات ولليوم نشهد تأرجح في اسعار السلع والخدمات، وارتفاع في سعر العملة الصعبة وانعكاس ذلك على معيشة الشعب و...ومع الاعتذار، فان هذا التساؤل ظل دون اجابة او لم يشمله الرد الشافي.

10 – وبعيداً عن الانصاف ان لا نشير الى امرين:

الاول: التصريح الذكي للسيد عراقجي بان واضعي العقوبات قد يأسوا منها، وإلا لماذا يأتون للتفاوض معنا؟ وبعبارة ثانية ينبغي القول انه على علم بالمخطط النهائي للعدو.

الثاني: التعامل الحازم لقوى الامن مع السراق والبلطجية الذين هم وقود النار في جميع الفتن والاضطرابات ويشكلون الذراع الداخلية لاعداء الخارج.

11 – ان الادلة الموجودة تعكس ان التعامل المزدوج والمتناقض مع المفاوضات هو الخاصرة الضعيفة لاميركا. وهذا الاسلوب المنحرف الهادف للحؤول عن قرار حاسم لايران حول ايقاف او استمرار المفاوضات.

والمتوقع من مسؤولينا المحترمين ان يشترطوا استمرار المفاوضات باعلان اميركا بصراحة حول المفاوضات  وما تريده منها، وفي هذه الحالة فلا يعتبر تعويقاً للمفاوضات هذا اولاً، وثانياً: التأكيد على حفظ المصالح الوطنية لدى الرأي العام، وثالثاً: فان الاهمال الاميركي سيجعل منها بلداً معيقاً للمفاوضات وليست ايران، وبالتالي فان بالتصويب على الخاصرة الضعيفة لاميركا، سيجعل استخدام الخصم لمخططه المنحرف والتعامل المزدوج في مهب الريح.