طهران منصة للحوار والاستقرار
لطالما كانت الجمهورية الاسلامية الايرانية الرائدة في مساعي السلام والاستقرار والمحفزة للسبل المثلى لمعالجة الازمات التي تعج بها المنطقة. واختارت ايران الدور الدبلوماسي في تسوية النزاعات وصياغة النموذج التوافقي الذي يعزز العدالة وينبذ الهيمنة. ولعل اقامة "منتدى طهران للحوار" بدورته الرابعة في التاسع عشر من ايار الحالي بمشاركة 200 مسؤول ومفكر من 53 دولة، عشية الذكرى الاولى لشهادة الرئيس الايراني السابق السيد رئيسي، وتحت عنوان "الفاعلية الاقليمية في نظام عالمي متغير: وفاق أم انقسام؟"، في مقر مكتب الدراسات السياسية والدولية التابع لوزارة الخارجية الايرانية، فرصة مناسبة لتصحيح الروايات المعادية عبر خطاب مباشر مع العالم وتعزيز التفاهم بحوارات بين صناع القرار والخبراء الى جانب مواجهة التحديات بأدوات دبلوماسية مبتكرة. فكانت الرؤية الواضحة التي قدمتها طهران تجاه التطورات الاقليمية وتجاه الابادة الجماعية المتواصلة في قطاع غزة المحاصر والتحذير من خطورة السياسات الاسرائيلية على الامن والسلم الدوليين، كما وركزت طهران على اهمية التقارب السياسي والاندماج الاقتصادي بين دول المنطقة، وتضافر الجهود لمواجهة الازمات وتكريس ثقافة السلام والامن، ورسم سيناريوهات لمستقبل النظام الدولي والهيكلية البديلة لهذا النظام وتشكيل نظام جديد في غرب اسيا يتبنى حلولاً للتجاذبات الاقليمية ورسم خارطة تؤطر مجمل الاوضاع السياسية في المنطقة وبرؤية جديدة لتسوية الازمات العالقة بعد ان زرعت مشاريع عدائية بذور عدم الاستقرار في المنطقة وتهدف لتبرير السياسات الاميركية المبنية على نهب الشعوب وحضها على شراء الاسلحة، ولعل آخرها جولة ترامب في بعض الدول العربية المطلة على الخليج الفارسي لافراغ جيوب الامراء حتى بلغت بين تسويق واستثمار ما يقرب من 13 تريليون دولار، بذرائع مختلفة ومن ثم التخلي عن أي مسؤولية تجاه هذه الدول لان لا توجد أية ضمانات لاستيفاء الحقوق.
وقد ادركت الجمهورية الاسلامية الايرانية مبكراً مدى خطورة المخططات الغربية فلن تنطلي عليها الوعود المعسولة، ولعل ابرزها الاسلوب الذي تمارس به اميركا ادارة المفاوضات غير المباشرة مع ايران، وخطاب ترامب بين التهكم والجدية والقساوة والمرونة.
فبعد اربع جولات من المفاوضات غير المباشرة طرحت قضية تخصيب اليورانيوم والتي هي غير قابلة للتفاوض على الاطلاق من وجهة نظر ايران.
وقد اوضح قائد الثورة الاسلامية هذا الامر الثلاثاء الماضي بالقول: "ان ايران لا تنتظر الاذن من احد لتخصيب اليورانيوم فالجمهورية الاسلامية لها سياسة خاصة بها تنتهجها... وينبغي على الجانب الاميركي الذي يشارك في هذه المفاوضات غير المباشرة ان يكف عن الترهات واطلاق تصريحات عبثية...أن يقول الجانب الاخر بأننا لن نسمح لايران بتخصيب اليورانيوم وقاحة... لا أحد ينتظر الاذن من هذا أو ذاك...". فليس منطقياً أن تحرم ايران شعبها من الانجازات السلمية التي حققتها الصناعة النووية في مجالات الصحة والزراعة والصناعة، مجاراة لنظام دولي مبني أساساً على غمط حقوق سائر الدول من خلال قانون لم ينزل به الله سلطاناً، وان حاول الغرب التهديد بقدراته العسكرية فقبل اي مواجهة تكون المصالح الاميركية في المنطقة وخارجها تحت نيران القوات المسلحة للجمهورية الاسلامية الايرانية كما وسيتم غلق مضيق هرمز بوجه كافة السفن وناقلات النفط الدولية وهذا حق قانوني كذلك حسب المواثيق الدولية مثل معاهدة جنيف وجامايكا التي راعت فيها حقوق الدول المشاطئة، والتي تكون المضائق فيها ضمن مياهها الاقليمية. وبالطبع ستشتعل المنشآت النفطية والغازية للدول المطلة على الخليج الفارسي، وهو ما سعت مراراً هذه الدول لدفع الاتاوات لاميركا كي تحفظ مصالحها الحيوية.
ومن بديهيات حقوق الجوار والتآخي الاسلامي ان لا تتعرض اي دولة جارة لشرر نيران الحرب ولذا كان الاجدر بهذه الدول ان تنسق مع ايران القوة الاقليمية المراعية لاستقرار المنطقة لا ان تقدم كل خيراتها لاميركا وتثق بالاجنبي على حساب الاخوة الاسلامية كما حصل مع المقبور صدام حسين راهن على إسقاط النظام الاسلامي الفتي تقرباً لاميركا فأشعل حرباً ضروساً لثمان سنوات ولكن خابت كل الخطط التي رسمها الغرب بدفع دولة اسلامية جارة إذ كانت النتائج ان استحكمت ايران واعتمدت على خبراتها مرفوعة الرأس أمام الشعوب فيما دفع الغرب مرة ثانية المجرم صدام لمهاجمة الكويت دون أي مبرر قانوني وشرعي ليتضح للجميع أحقية الجمهورية الاسلامية الايرانية وهمجية اميركا ودول اوروبية في زرع الشقاق والنفاق بين أبناء الامة الواحدة.
من هنا نشعر بأهمية انعقاد هكذا منتديات لتصحيح الرؤية على المستويات كافة شعبية وخبروية. هذا فضلاً عن التكافل الاقتصادي الذي لابد منه لايجاد البديل عن الاملاءات الاميركية.