kayhan.ir

رمز الخبر: 206580
تأريخ النشر : 2025May16 - 20:16

الوجه الدموي لحمامة السلام

 انهى الرئيس الاميركي "ترامب" زيارته الى بعض دول مجلس التعاون في الخليج الفارسي، حاصداً ما لم يحصده أي رئيس أميركي في تاريخ هذه الدولة، إذ ما اعلن عن رقم الاستثمارات يقرب من 4 تريليون دولار وانما الرقم الحقيقي اكثر من ذلك بكثير- حسب ترامب 13 تريليون - لتضخ الاموال في الاقتصاد الاميركي وتوفير فرص العمل لملايين العاطلين في اميركا، هذا اضافة لتسويق السمسار ترامب ما عجز عنه سلفه من أسلحة ليست حتى من جيل جديد فضلاً عن المتطورة بعد أن أدخل الرعب في نفوس حكام المنطقة ن أمن نشوب حروب مدمرة، وها هو قد جاء كحمامة سلام لينشر الاستقرار ويبعد شبح الحرب عن الدول العربية في الخليج الفارسي.

إلا أ المفارقة الواضحة ان تشهد قطاع غزة في نفس الوقت الذي حل ترامب في المنطقة قصفاً دموياً لا مثيل له من قبل ازلام اميركا مجرمي الحرب ومصاصي الدماء الحاكمين في الاراضي الفلسطينية المحتلة. فان كان ترامب حقاً كما يروج له قاصداً انهاء الحروب ونشر السلام في المنطقة لكان الاجدر ان يوقف ماكنة الحرب الاسرائيلية – وهوقادر على ذلك – ويأمر مرتزقته بفتح المعابر لايصال المساعدات الانسانية لاهالي غزة الذين يتضورون جوعاً وعطشاً ويكابدون انواع الاوبئة والامراض المتفشية في طول غزة وعرضها. وكما قيل ان شر البلية ما يضحك هو التفاعل الذي يبديه الحكام العرب مع زيارة ترامب وكأنهم يعيشون افراحاً لم نسمع بها من قبل ويضخون مدخراتهم في انعاش اقتصاد اميركا المتهاوي. بينما في مقابل هؤلاء الحكام يشهد العالم اصرار المقاومة اليمنية على مواصلة الهجمات الصاروخية والمسيرة على الكيان الصهيوني كي يوقف عدوانه على اهل غزة ورفع الحصار وادخال المواد الغذائية والطبية الى القطاع في تصرف غير قانوني ولا اخلاقي ولا انساني حتى بلغ عدد من استشهد حسب ارقام حقيقية يتجاوز 200 الف مواطن فلسطيني سواء عن طريق القصف او من الجوع والمرض. ولكن المقاومة الفلسطينية لن تسمح للاحتلال ان يستقر على شبر من ارض غزة مع ما يقوم به نتنياهو من تصعيد والتهديد بهجوم بري واجتياح الارض. واللافت ان الكيان لم يعد يخفي جرائمه بل بات يوثقها ويتباهى بها من مشاهد الجنود المحتفلين بتدمير المنازل وصور الاطفال القتلى، كل هذا تحت غطاء سياسي اميركي وصمت المحافل الدولية قاطبةً. ولعل آخر جرائم الكيان الصهيوني على نطاق دولي، هو اغتيال المصورة الصحفية والفنانة الفلسطينية "فاطمة حسونة" بعد ساعات من اختيار فيلمها في مهرجان "كان" تصور بعدستها معاناة المدنيين في غزة اغتيلت بغارة جوية استهدف منزلها في غزة ما ادى الى مقتلها مع 9 من افراد اسرتها.

وقد اشار قائد الثورة الامام الخامنئي الاسبوع الماضي لممارسات الكيان الصهيوني الى انه: "ينبغي على الدول الاسلامية ألا تسمح بنسيان القضايا المتعلقة بفلسطين لان الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني لا يمكن التغاضي عنها او السكوت عليها ويجب على العالم بأسره ان يقف في مواجهتها، وان السياسات الخبيثة المتحيزة التي تمارس اليوم ضد الشعوب في مختلف انحاء العالم تهدف بشكل متعمد الى نسيان قضية فلسطين ... وصرف انتباه الشعوب عنها ... وان الدعم الاميركي الصهيوني هو دعم حقيقي وواضح بكل ما للكلمة من معنى". وفي كلمة لسماحته اول امس يميط فيها النقاب عن وجه الغرب بالقول: "اليوم يتولى ادارة العالم هؤلاء المتوحشون الذين يشبهون البشر شكلاً فقط، والجمهورية الاسلامية تعتبر من واجبها الوقوف في وجه هذه الهمجية وسفك الدماء ... ولهذا السبب يعادي الغرب الجمهورية الاسلامية الايرانية لانهم يدركون انه لو كففنا عن الاحتجاج على همجيتهم لما كان لهم اي عداء معنا".

ان مشاهد الازدواجية في تعامل الغرب مع الاوضاع في المنطقة متعددة وابرز مصداق نعيشه اليوم. فحين يتهم ترامب خلال حملته الانتخابية للولاية الاولى "اوباما" و"كلنتون" بدورهما في ايجاد تنظيم داعش الارهابي وكذلك ادراج "ابومحمد الجولاني" على قائمة الارهاب من قبل الخارجية الاميركية ليقوم ترامب نفسه باستقبال "الجولاني" في الرياض على هامش اجتماع قادة مجلس التعاون لدول الخليج الفارسي، وكان لقاء الجولاني مع ترامب خلف الابواب الموصدة دون حضور صحفي، الا ان الذي رشح عنه هو رفع العقوبات عن سوريا قبال الاعتراف الرسمي باسرائيل والتطبيع معها. فيما يوجه المعتوه ترامب التهمة لايران خلال زيارته للمنطقة ويعتبر ايران راعية للارهاب.

ان كل ما قدمته الدول العربية سيكون في ملف النسيان في اليوم التالي لزيارة ترامب، وكأن عليها ان تدفع ضريبة بقاء هؤلاء الحكام متربعين على كراسيهم. فقد قال ترامب على هامش حوار الاعمال الاماراتي في ابوظبي في ختام جولته امس الجمعة: ان العالم سيكون افضل خلال اسابيع قليلة، وانه سيجد حلاً للوضع في غزة والمجاعة التي تحدث. وكيف ذلك؟ انه يعني زيارته لبيت العائلة الابراهيمية في جزيرة السعديات في ابوظبي وقام بجولة في المجمع الديني الذي يجسد احد ابرز انجازات ولايته الاولى وهو التوصل الى اتفاقيات ابراهام التي ارست تطبيع العلاقات بين الكيان الصهيوني وعدد من الدول العربية من الامارات. ويضم بيت العائلة الابراهيمية ثلاثة دور عبادة؛ مسجداً وكنيساً وكنيسة. فصار لزاماً على هذه الحكومات العربية ان تطبع اولاً ومن ثم تقدم ما تجود به آبار النفط والغاز كعربون ولاء وود، دون الاكتراث لقضية الامة الاولى، متجاهلين ان الطاقة المتجددة والتقدم العلمي ستجعل ثمن ما تمتكله هذه الحكومات بخساً جداً، ولات حين مندم.